مشاريع صغيرة برائحة الورد.. زراعة الوردة الشامية تتمدد والإنتاج 15 طناً.. واقتصادياً مشروع رابح شرط توفير الدعم
ريف دمشق – حسام قره باش:
يوماً بعد يوم، تثبت المشاريع الصغيرة أهميتها الاقتصادية كأحد روافد النمو للاقتصاد الوطني ورافعة حقيقية في دعم عملية التنمية المستدامة على مستوى الأسرة والمجتمع والدولة.
وبعد الاهتمام اللافت الذي تلقته زراعة الوردة الشامية، ما شجع البعض على التوجه نحو هذا المشروع الرائد الذي تتميز به سورية، وتحديداً قرية (المراح) في ريف دمشق حتى غدت الوردة الشامية علامة فارقة مسجلة ورمزاً وطنياً تفتخر وتشتهر به بلدنا.
رئيس الجمعية الفلاحية التعاونية الإنتاجية لزراعة الوردة الشامية في بلدة المراح ماجد البيطار أوضح في تصريحه لـ”تشرين” أن المساحة المزروعة بالورد الشامي كانت 3 آلاف دونم قبل الأزمة لكنها تراجعت خلال الأزمة إلى 800 دونم حالياً، وصار هناك لجنة التنمية وجمعية الوردة الشامية اللتان وضعتا خطة لزراعة 300 دونم كل سنة لتعويض الفاقد، مضيفاً بزراعة 500 دونم هذا العام ليصبح إجمالي المساحة المزروعة 1300 دونم حيث زُرِعَ فيها هذه السنة 35 ألف غرسة جديدة ليصل الإنتاج هذا الموسم إلى 15 طناً من الورد.
و حول مشكلة المياه التي تعاني منها المنطقة قال: أصبح لدينا مصدران للمياه وجرى حل المشكلة عبر البئر القديمة المحفورة في عام 2009 والبئر الزراعية الجديدة الذي تفعَّل بالطاقة الشمسية وركبت عليه المضخة والغاطس وصار الوضع أحسن نسبياً.
ومع انتهاء موسم قطاف الوردة الشامية في أول شهر حزيران من كل عام، يتجه العاملون في هذا المجال لتجفيف أو تصنيع المنتجات من هذه الوردة المميزة.
“ماهر البيطار” موظف حكومي استطاع إلى جانب عمله أن ينشئ مشروعه بهذا الخصوص، موضحاً لـ”تشرين” قيامه بزراعة 1200 شتلة ورد مبدئياً في أرض زراعية بمساحة 25 دونماً، وهذه الزراعة تحتاج إلى تكاليف كغيرها من الزراعات سواء الحفر أو الري أو الشتلة أو أجور العمال أو الفلاحة، حيث يحتاج كل دونم إلى 100 شتلة وتبلغ التكلفة التقديرية لكل دونم 800 ألف ليرة وفقاً لتقدير الجمعية الفلاحية لزراعة الوردة الشامية.
وأشار إلى أنها تزرع في شهري كانون الثاني وشباط و يبدأ موعد قطافها في 15 أيار وحتى أول حزيران وحالياً انتهى موسمها ويتم العمل على تقطيرها.
5 ملايين ليرة سعر الغرام الواحد من الزيت العطري
وقال: لاحقاً لقطافها نقوم بتصنيع المادة الأساسية منها وهي استخلاص ماء الورد بالتقطير وسحب الزيت العطري منها الغالي الثمن الذي يصل سعر الغرام منه إلى أكثر من 5 ملايين ليرة، وكذلك نقوم بشكل عام بتصنيع منتجات غذائية و تجميلية متعددة من الوردة كمربى الورد وشراب الورد و الكريمات التجميلية و المكياجات و الشامبو والصابون أيضاً بإشراف كيميائيين وصيدلانيين و بحالات أخرى إذا لم نقطره نجففه لصنع الزهورات لما له من فوائد طبية.
وتابع: نقطر ماء الورد بواسطة جهاز التقطير عبر أوعية نحاسية، حيث يتم وضع 20 كغ ورد لينتج منه حوالي 20 ليتراً (ماورد طبيعي)، كاشفاً عدم استخلاصه زيت الورد العطري و صعوبة ذلك لكونه يحتاج إلى جهاز خاص بالعملية غالي الثمن يفوق سعره 50 مليون ليرة في حين يقوم بذلك أقرباؤه الذين لديهم معمل و مؤسسة تنتج ذلك.
و عن ترويج و تصريف منتجاته لفت إلى أن كميات منها يطلبها بعض التجار في لبنان والأردن إضافة لبيعها في الأسواق المحلية القريبة مثل يبرود ودير عطية وعدة مراكز أخرى، وبيعها وفق السعر الذي تحدده الجمعية المختصة في البلدة لمنتجاتنا مثل ماء الورد وشرابات الورد.
وعن مشاركاته في المهرجانات التسويقية بيَّن أنه يشارك بعدة معارض كالمعارض التخصصية التي تقام في مدينة المعارض بدمشق أو الفعاليات الاقتصادية والبازارات كالتي تقام في النبك و باب شرقي، واصفاً الإقبال على منتجاته بالجيد نوعاً ما كما ذكر.
وحول الدعم الذي تتلقاه مشاريع زراعة الوردة الشامية أكد وجود الدعم للتشجيع على زراعتها والاهتمام بها خاصة هذا العام كتأمين الجرارات الزراعية و صهاريج المياه وتوزيع شتلات مجانية على الفلاحين لزراعتها والفلاحة مجاناً وإقامة آبار تعمل على الطاقة الشمسية وتوفير أجهزة التقطير.
لكن بالمقابل يرى صعوبات تعترض مشاريعهم وأكبر تلك الصعوبات، عدم توفر المياه الكافية لصعوبة حفر الآبار بسبب طبيعة المنطقة التي تحتاج إلى حفر بعمق 700 متر، ما يجعل التكلفة مرتفعة جداً مع أن الأمانة السورية للتنمية أشرفت على حفر بئر هذا العام ووضعت له طاقة شمسية لري الوردة الشامية حصراً لكن بئراً واحدة غير كافية لتلك المساحات كما ذكر.
وبرأيه أن الحل الأفضل لتلك المشكلة يكون بوضع خزانات ماء خاصة للأراضي ذات المساحة الكبيرة تمديد شبكات ري حديثة عليها كالري بالتنقيط لكونه أفضل من الري التقليدي بالصهريج.
و اعتبر أن المردود المادي من المشروع يكون قليلاً في بدايته لأن الشتلة لا تزال صغيرة حيث استطاع تقطير 500 ليتر ماء ورد، يبيعه في عبوات بسعة 20 ليتراً، للتاجر أو الصيدلي والذي يفحصها في المخبر وهو من النوع الممتاز كونه خيره فيه كما يقال، حيث لم يسحب منها الزيت العطري، وأما من لديهم شتلات بعمر خمس سنوات فحتماً يقطر ويصنع منتجات ذات ربح أكبر.
ويطمح إلى تطوير مشروعه الخاص حيث سيضيف العام القادم 12 دونماً لزراعتها بالورد وسيعمل على استصدار سجل تجاري باسمه ويدخر من عمله في المشروع خلال عامين مالاً لشراء الجهاز الخاص باستخلاص زيت الورد.
ويبدو أن عدوى الاهتمام بزراعة الوردة الشامية باتت تنتقل للقرى القريبة من قرية المراح في القلمون، فالمتقاعد أبو علي سعدون لجأ لزراعتها في محيط منزله وتنمو بأي أرض كانت سواء صخرية أو كلسية حسب قوله، و من ثم يقطفها ويجففها بكميات جيدة إنما لا يستدر مالاً من مشروعه البسيط بل يقتصر على توزيعها على الأهل ومعارفه وكل من يطلبها منه مجاناً إضافة لتوزيع الشتلات والفسائل وأقلام الورد ليصار إلى زراعتها، وكل ذلك انطلاقاً من شغفه وحبه لهذه الوردة التي قادته إلى تأسيس جمعية الوردة الشامية في قريته، لتصبح بذلك الوردة الشامية حافزاً على استثمارها بالشكل الأمثل، ومورداً مهماً زراعياً وصناعياً وتجارياً.