متلازمة الطوابير تصل إلى الدفع الإلكتروني.. حلول تستحق التجريب والقوانين تمنع
دمشق- زينب خليل:
لم تعد “متلازمة الطابور” غريبة عن الشارع السوري فقد لازمته بشكلٍ لافت جداً في السنوات الأخيرة، حتى أن البعض اكتسبَ مناعةً ضدَ الطابور، فهل كُتب في أقدارنا أن نصطدمَ بالطوابير أينما حللنا وذهبنا؟.
من المفترض أن قرار التحول الرقمي وخاصة مشروع الدفع الإلكتروني، وجد لتوفير الوقت والجهد على المواطنين بدلاً من الذهاب للمؤسسات والوقوف في الطوابير لإتمام معاملاتهم أو تسديد فواتيرهم، ولكن هل مشاهد طوابير الصرافات تنم عن توفير في الوقت والجهد؟؟ على العكس تماماً فهو مَشهد أقلُ ما يمكنُ وصفهُ بـ”الخلل”، حيث أصبح استلامُ الراتبِ هماً جديداً يُضافُ لحزمةٍ من همومِ تأمينِ الاحتياجات الأساسية والمعيشية، وكأنهُ لا تكفي طوابيرُ الخبز والغاز والمحروقات وغيرها، ليولدَ طابورٌ جديدٌ اسمهُ “طابور الصراف”.
بنية ضعيفة
هذا الازدحام الذي تشهده الصرافات التابعة للمصارف العاملة في السوق السورية، سببته البنية التحتية غير المؤهلة لتلبية وتخديم مثل هذه المشاريع الضخمة، حيث انقطاع التيار الكهربائي لفتراتٍ طويلة، وقلةُ مستحقات المصارف من الوقود اللازم لتشغيل المولدات، أيضاً قلةُ عدد الصرافات داخل الخدمة مقارنة بعدد الموظفين الذين على رأس عملهم والمتقاعدين منهم، والأهم من ذلك ضعف الإنترنت فبعد الانتظار لساعات طويلة أمام الصراف تفشل عملية السحب بسبب ضعف الشبكة، ويضطر الموظف للعودة مرة ثانية وثالثة لاستلام الـ 200 ألف ليرة أخيراً بنجاح.
معتمد “ديجيتال”
المصرفان العقاري والتجاري أوضحا نيتهما شراء عدد من الصرافات الجديدة لتخفيف الضغط الحاصل على الصرافات حالياً، وقاما بتوزيع أجهزة “pos” أو نقاط البيع في مراكز ومكاتب البريد الموجودة في الأرياف والقرى التي لا يوجد فيها صرافات، هذه الأجهزة الصغيرة من شأنها أن تحل مشكلة الطوابير والازدحام في حال تم تسليمها للمعتمدين والمحاسبين في المؤسسات الحكومية، وليس فقط في المؤسسات المالية، حيث يتوجه الموظف إلى مؤسسته ويستلم راتبه عبر البطاقة المصرفية بوساطة جهاز الـ”pos” بدلاً من الانتظار لساعات وأيام للحصول على مستحقاته.
مصدر في المصرف العقاري يوضح أن مثل هكذا طرح غير ممكن لأنه مخالف لقانون المحاسبة في سورية، الذي ينص على أن جميع عمليات السحب والإيداع “كاش إن وكاش آوت” يجب أن تتم في المؤسسات المالية فقط، بمعنى إلغاء معتمد الرواتب والتعامل بالكاش.
وبين المصدر أن المصرف العقاري لديه 150 جهاز pos في مراكز البريد و 100 جهاز في مصارف التسليف الشعبي, ولا يوجد نية لشراء المزيد من الأجهزة إلا في حال كان هناك توجه حكومي من مجلس الوزراء بتزويد المؤسسات بأجهزة الـ pos.
كتلة ثقيلة
يوضح المصدر أنه يوجد حالياً 207 صرافات داخل الخدمة، ويتم صرف كتلة مالية قدرها 70 مليار ليرة سورية شهرياً بمعدل 30 ألف حركة، أي إن كل صراف لديه 338 مليون ليرة كتلة مالية لصرفها خلال شهر، أما بالنسبة للازدحام فق ذّكر المصدر أنه بعد قرار الربط والتشبيك بين المصارف والبنوك الخاصة أصبح بإمكان حاملي بطاقات المصرف العقاري سحب رواتبهم واستخدامها في المصرف التجاري والمصارف والبنوك الخاصة في حال رغبوا بذلك.
مقارنة
وإذا ما قارنّا تكاليف الصرافات وأجهزة الـpos وبغض النظر عن السعر المرتفع للصراف, فإن كل صراف يحتاج إلى بناء وحماية وكهرباء وشبكة إنترنت، وتالياً يحتاج إلى خط هاتف وموظفين، أما نقاط البيع فلا تحتاج لكل هذه التكاليف. ربما يكون تسليم أجهزة الـpos للمحاسبين ولو _بشكل مؤقت_ ريثما يتم حل هذه المشكلة وتوفير الصرافات الجديدة، الحل الأمثل لمشاهد الطوابير أمام الصرافات ويزيل هماً من كومة الهموم.
وهنا يمكننا الاستلهام من التجربة اليابانية ” تذكرة الـ 100$ والقطار السريع” فالشعب الياباني يفضل القطار السريع لقطع مسافة 500 كم خلال ساعتين، بدلاً من استخدام وسائلِ النقل التقليدية وهدر خمس أو ست ساعات بسعر أقل، إنهم يشترون وقتهم وليسَ تذكرة قطار.