من إعلام العدو.. دراسة إسرائيلية: طوفان الأقصى والحرب على غزة يفرضان تغييرات في البيئة الاستراتيجية والعملياتية الإسرائيلية
ترجمة وتحرير – غسان محمد:
جاء في دراسة أعدها رئيس شعبة الاستخبارات العسكرية السابق، عاموس يدلين، والخبير في الشؤون الإستراتيجية والتخطيط السياسي، أودي أفينتال، ونشرتها القناة 12 العبرية، أنه لم يعد بإمكان «إسرائيل» تجاهل تحولات أساسية تشكل تحدياً جدياً في المستقبل المنظور، وهذه الاتجاهات التي تنذر بعهد جديد وخطير لم تعهده «إسرائيل»من قبل، ولم تستوعبه، تستوجب إجراء تغييرات أساسية في مفهوم الأمن القومي والقيادة الإسرائيلية وسلّم الأولويات القومي.
وأضافت الدراسة، أن التهديدات على «إسرائيل» تزداد بشكل خطير، بينما يتراجع ويضعف تفوقها العسكري النوعي وقدرات مواردها التقليدية في مواجهة التحديات المتفاقمة، ما يؤثر في مناعتها وصلابتها ومكانتها الإقليمية والعالمية وقدرتها على الردع.
وحسب الدراسة، فإن التحدي الأول في المستوى الإستراتيجي، هو تزايد قوة إيران العسكرية والسياسية، فيما «إسرائيل» غارقة في الحرب على غزة، والولايات المتحدة منشغلة بالمنافسة مع الصين والحرب الروسية مع أوكرانيا، وهذا من شأنه أن يجعل إيران ترى فرصة تاريخية للسير إلى القنبلة النووية، وفي هذه الظروف، على «إسرائيل» الاستعداد لقرار إيراني بالانطلاق نحو امتلاك سلاح نووي.
ورأت الدراسة، أن حرب «إسرائيل» في غزة هي جبهة واحدة في معركة واسعة، وغير مسبوقة، ومباشرة بين «إسرائيل» وبين إيران وشركائها في محور المقاومة، وبينما تتعمق أكثر علاقات إيران مع روسيا والصين، حيث تحظى إيران بدعم دولتين عظميين، سياسياً وعسكرياً وتكنولوجياً، يتآكل الردع الأميركي.
وأضاف الدراسة، أن «إسرائيل» محاطة في المنطقة كلها بدول معادية في الدائرة الأولى والثانية والثالثة، كما إن الظروف الداخلية في معظمها – الاقتصادية والأمنية – تتفاقم ويتعمق أكثر ضعف «إسرائيل» ويتصاعد العداء لها في المنطقة، كما إن تصاعد الصراع مع الفلسطينيين ينعكس سلباً على أمن «إسرائيل» في جميع الساحات الأخرى، ويجعل من الصعب عليها إنشاء عمق إستراتيجي في الشرق الأوسط والساحة العالمية، كما يستهدف مكانتها في العالم ويمس بصورة قوتها واقتصادها، وبقدرة تسلحها وحرية عمل الجيش الإسرائيلي.
وأشارت الدراسة إلى أن «إسرائيل» تتجه إلى عزلة دولية وإقليمية، وتتعرض لعقوبات ومقاطعة وحظر أسلحة وتهديدات قضائية متفاقمة، وتراجع الاستثمارات، وفي هذه الظروف، تتضرر أهمية «إسرائيل»، وتنشأ أمامها مصاعب في دفع عملية الاندماج في الحلبة الإقليمية وتحقيق الفرص في الحلبة الدولية، وعلى المستوى العملي، فإن الحرب في غزة، يجب أن تكون بمنزلة تحذير للبقاء في حالة يقظة حيال الاحتمال المتزايد لحرب متعددة الجبهات، ستشمل هجمات كثيفة ومتزامنة ضدها من عدة جبهات، وتعطيل طرق التجارة والإمدادات إليها.
ووفقاً للدراسة، فقد بات طبيعياً في ظل الحرب على غزة، إطلاق الصواريخ والطائرات المسيرة باتجاه «إسرائيل»، وهذا الوضع يقلّص نوعاً وكماً تفوق «إسرائيل»، ويضع صعوبات أمامها للاستفادة بالحد الأقصى من التفوق في القوة الساحقة، ويتحداها في مجال النفس الطويل والقدرة على الدفاع، ويُبرز لديها فجوات بين حجم القوة والسلاح، خاصة على خلفية ما يبدو أنه توجه المنطقة، وحتى «إسرائيل»، إلى عصر مواجهات وحروب متواصلة واستنزاف، في ظل غياب القدرة على حسم واضح في حروب قصيرة.
وحسب الدراسة، فإن قدرة «إسرائيل» على مواجهة مجمل التحديات، آخذة بالتراجع، بالتالي، لا بديل في ظل منافسة القوى العظمى، عن الانتماء إلى المعسكر الغربي والأميركي، رغم أن قوة الولايات المتحدة تواجه تحديات على خلفية تعدد ساحات الصراع العالمية والانقسام الداخلي المتزايد فيها.
ولفتت الدراسة إلى خطورة تزايد الأصوات التي تتعالى في الولايات المتحدة والتي تنظر إلى «إسرائيل» على أنها عبء إستراتيجي أكثر من كونها ذخراً إستراتيجياً، يضاف إلى ذلك، اتجاهات النفور منها في أوساط الشباب الأميركي، وبضمنهم اليهود، ما يدل على مشكلة إستراتيجية في المستقبل، كما تجسد ذلك في المظاهرات الأخيرة في الجامعات الأميركية المرموقة.
ورأت الدراسة، أن التحديات تتعاظم أكثر في ظل الانقسام الداخلي في «إسرائيل» والفجوات الاقتصادية والاجتماعية وغيرها، بالتالي، فإن الدمج بين التحديات الداخلية والخارجية يُنشئ واقعاً جديداً وتحدياً لاستقرار «إسرائيل» الإستراتيجي في الشرق الأوسط والعالم، وشددت الدراسة على أن «إسرائيل» ستكون ملزمة بإضافة جانب سياسي للمفهوم الأمني، على اعتبار أن المبادرات والتسويات السياسية أصبحت حيوية، وتسمح لـ«إسرائيل» بإنشاء أفق سياسي إيجابي في الصراع الإسرائيلي – الفلسطيني.
وخلصت الدراسة إلى أن الوضع الحالي لـ«إسرائيل»، يفرض إجراء انتخاب مبكرة، واختيار قيادة مسؤولة تتمتع ببعد النظر، وتستوعب الصورة الواسعة، وتضع في مقدمة اهتماماتها المصالح القومية والحاجة إلى قيادة السفينة بأمان في بحر التحديات العاصف الذي نبحر فيه.