إجراءات خجولة لوزارة الصحة لانتشال المهنة من الضياع.. في يوم التمريض العالمي احتفالية منسية وتقليد سنوي ليس إلا..!
دمشق – محمد زكريا:
ينظر إلى احتفالية يوم التمريض العالمي على أنها تقليد سنوي ليس إلا.. ويعتقد البعض أنها من الاحتفاليات المنسية ولا يعير لها المعنيون أي اهتمام. في حين تستمر الكوادر التمريضية في تقديم خدماتها حتى في ذكرى عيدهم السنوي، والذي يصادف اليوم، فهم مناوبون على مدار الساعة في المشافي والمراكز الصحية، وذلك لحتمية عملهم ولخدمة المرضى.. إنهم الجيش الأبيض بمهمتهم الإنسانية، كيف لا وهم العمود الفقري للنظام الصحي في المؤسسات الصحية سواء في المشافي أو المراكز الصحية لما لهم من أهمية في تقديم الخدمات الصحية ذات الجودة العالية للمستفيدين ومتابعتهم.
البني: نسبة الكوادر التمريضية تُقدر بنحو 50% من نسبة الكوادر الصحية العاملة الأخرى
المفرح أن العالم بأكمله يحتفل بيوم التمريض العالمي، نظراً لما يقدمه هذا القطاع من تضحيات وخدمات، تضاهي في بعضها أعمالاً مجهدة ومتعبة أحياناً، وهم الفئة الأكثر عرضة للأخطار المهنية، على اعتبار أنهم الأكثر احتكاكاً بالمرضى وفي مواجهة مباشرة ومتواصلة ودائمة مع الأمراض المعدية والفتّاكة، والأمثلة على ذلك حاضرة، منها جائحة كورونا، حيث عرّضوا أنفسهم لمخاطر الجائحة اللعينة، ومن هنا تنطلق قدسية وسمو ونبل القطاع التمريضي.
تشكل 50%
حسب معاون مدير الهيئة السورية للاختصاصات الطبية الدكتور عمار البني، فإن مهنة التمريض تتمتع بمرونتها في التأقلم والتكيف مع كل الظروف واستمراريتها رغم الصعوبات والتحديات التي تعوق عمل هذه المهنة، فخلال الحرب الغادرة على سورية وخلال انتشار جائحة الـ”كوفيد”، بالإضافة إلى الكوارث الطبيعية (الزلزال)، استمرت مهنة التمريض بتقديم أفضل ما عندها ضمن الإمكانات المتاحة من دون التوقف عن هدفها في التغطية الصحية الشاملة والتنمية المستدامة.
وأوضح البني لـ”تشرين”، أن نسبة الكوادر التمريضية تُقدر بنحو 50% من نسبة الكوادر الصحية العاملة الأخرى، وفي الجانب التعليمي والأكاديمي للتمريض، أشار البني إلى أهمية استمرارية عمل مدارس التمريض والقبالة في تخريج الممرضين والممرضات والقابلات بشكل دائم ومستمر من دون الانقطاع حتى خلال الظروف القاسية التي خضعت لها البلاد، حيث تُدرّس مهنة التمريض في مدارس التمريض والقبالة التابعة لوزارتي الصحة والتعليم العالي، ويحصل خريج مدرسة التمريض على شهادة في التمريض العام، مدة الدراسة ثلاث سنوات، يقابلها التزام الخريج ضعف مدة الدراسة بمكان عمله، وتعمل الوزارة حالياً على افتتاح اختصاصات تمريضية متنوعة، بناء على حاجة المؤسسات الصحية.
وبخصوص كليات التمريض، ذكر البني أن مهنة التمريض تدرّس في كليات التمريض التابعة لوزارة التعليم العالي في كلا القطاعين العام والخاص، حيث يحصل الخريج على إجازة في التمريض (بكالوريوس)، ويستطيع متابعة الدراسة الأكاديمية للحصول على الماجستير والدكتوراه، وتبلغ مدة الدراسة أربع سنوات من دون وجود التزام بخدمات الدراسة.
13 ألف ممرض وممرضة حصلوا على شهادة في التمريض أو إجازة جامعية في التمريض موزعين على كل المحافظات .
نقص في الكوادر
البني لفت إلى المعاناة التي تتمثل في نقص الكوادر الصحية لمهنتي التمريض والقبالة، والذي أدى إلى زيادة تفاقم هذا الموضوع، بسبب الظروف التي خضعت لها البلاد، ما زاد نسبة تسرّب الممرضين من أماكن عملهم. وتعتبر الهجرة الداخلية والخارجية من أهم الأسباب الواضحة، مع الإشارة إلى أن العدد الكلي لكوادر التمريض بجنسيها (ذكوراً وإناثاً)، يبلغ نحو 13 ألف ممرض وممرضة، ممن حصلوا على شهادة في التمريض أو إجازة جامعية في التمريض، موزعين على كل المحافظات .
إجراءات
وأوضح أن الهدف من الإجراءات التي تم اتخاذها حيال تسرّب العنصر التمريضي من المؤسسات الصحية، هو زيادة أعداد المقبولين في مدارس التمريض والقبالة، ما يضمن كفاية المؤسسات الصحية من الكوادر البشرية للتمريض، والتوزيع العادل والاستثمار الأمثل للكوادر البشرية من التمريض، مع إشراك الممرضين ضمن مؤسساتهم الصحية في اتخاذ القرارات الخاصة بمهنتهم، والبدء بوضع نظام حوافز للكوادر التمريضية، إلى جانب دعم الكوادر التمريضية بدورات تدريبية تخصصية بتمويل من عدد من المنظمات الدولية كـ(اليونيسيف – صندوق الأمم المتحدة للسكان – منظمة الصحة العالمية ….)، إضافة إلى تحديد المهام والواجبات للتمريض من خلال الوصف الوظيفي الذي يضمن عدم إغراقهم بمهام منهكة ليست من مهامهم، وضمان حمايتهم من المساءلة القانونية في حال تعرضهم لأي مشكلة خلال ممارسة المهنة، فضلاً عن إعادة النظر في إحداث مكاتب تمريضية، يستطيع الممرض من خلالها رفع دخله الشهري بشكل خاص وقانوني، والعمل على تفعيل دور نقابة التمريض والمهن الصحية المساعدة، ما يرفع من شأن هذه المهة.
شوحكر: يجب تفعيل نقابة التمريض والمهن الطبية والصحية المساعدة وإجراء انتخابات للنقابة نظراً للحاجة إلى نقابة فعالة
مطالب محقة
رئيس قسم التمريض في مشفى الأسد الجامعي بدمشق سام شوحكر، طالب بضرورة تفعيل نقابة التمريض والمهن الطبية والصحية المساعدة، وإجراء انتخابات للنقابة نظراً للحاجة إلى نقابة فعالة، تكون أول أهدافها المطالبة بكل حقوق التمريض، بحيث تكون السند الحقيقي لكوادر التمريض، كما إن من المطالب أيضاً تعديل طبيعة العمل التمريضي أسوة ببقية الاختصاصات، كالتخدير والأشعة والمعالجة الفيزيائية، وضرورة وضع التوصيف الوظيفي لجميع الفئات ودعم كل الاختصاصات التي تسهم في تطوير التمريض، واعتماد أسس ومعايير لتسهيل نقل الممرضة المتزوجة القاطنة في المحافظة البعيدة عن مكان عملها، وتفعيل البطاقة الصحية للتمريض المتقاعد، كونهم أصبحوا بحاجة إليها أكثر مما قبل التقاعد، وتسهيل إجراءات التقاعد المبكر الخاص بالأعمال الشاقة والخطرة، وإتاحة فرص التوظيف للخريجين بإحداث الشواغر الخاصة بعملهم وشهاداتهم في كل المشافي والمؤسسات الطبية والصحية .
محمود: لا طبيعة عمل ولا حوافز ولا تمثيل نقابياً فاعلاً على الأرض يطالب بحقوق التمريض
ظلم واضح
رئيس قسم التمريض في مشفى المواساة الجامعي لينا حبيب محمود، أشارت إلى الظلم الذي تتعرض له مهنة التمريض في المشافي، حيث لا طبيعة عمل ولا حوافز ولا تمثيل نقابياً فاعلاً على الأرض يطالب بحقوق التمريض، بالمقابل هناك بعض الاختصاصات مثل التخدير والأشعة والمعالجة الفيزيائية لديهم طبيعة عمل تصل إلى 100%، معتبرة الجهاز التمريضي هو عصب و”دينمو” المشافي، حيث يعتمد عليه، ولاسيما أنه يشكل نسبة 50% من كوادر المشافي، موضحة أن التعويضات عن الأخطار المهنية وطبيعة العمل التي يحصل عليها الممرضون لا تتعدى الـ 3 % شهرياً، في حين أن فئات أخرى من العاملين في قطاع الصحة، مثل الأطباء وفنيي الأشعة والتخدير والأطراف الصناعية ومشافي الأورام والصيادلة، تصل تعويضاتهم إلى 100 % شهرياً .
الأكثر عدداً
رئيس قسم الجراحة في مشفى الباسل بكرم اللوز في حمص لارا يونس، بيّنت ضرورة الحفاظ على ما تبقّى من الكوادر التمريضية في المشافي بعد النزف الكبير الحاصل الذي أصاب القطاع لجهة العنصر البشري، مبدية توافقها التام مع زملائها في الطروحات السابقة، ولاسيما لجهة رفع سقف طبيعة العمل لتصل إلى 100 %، إضافة إلى إجراء التوصيف الوظيفي لمهنة التمريض ومنحهم الوجبة الغذائية أسوة بغيرهم، وفصل التمريض عن الإطار الطبي مع فتح مجال للتمريض في الإبداع الوظيفي.
وزارة الصحة شكّلت لجنة للتوصل إلى طبيعة عمل ترضي القطاع التمريضي.. لكن حتى الآن لم تصدر نتائجها
الممرض حسان سلامة من مشفى الباسل في طرطوس، نوّه بأن كوادر التمريض هم الفئة الأكثر عرضة للأخطار المهنية، على اعتبار أنهم هم الأكثر احتكاكاً بالمرضى، “وفي مواجهة متواصلة ودائمة مع الأمراض المعدية والفتاكة”، والدليل أنهم خلال جائحة كورونا قدموا أرواحهم من أجل إنقاذ ومساعدة المصابين، وخلال فترة الزلزال أيضاً أثبتوا أنهم قادرون على الثبات والتحمّل في عملهم، لذا لابد من دعمهم ومنحهم أبسط حقوقهم من طبيعة عمل وإيجاد تمثيل نقابي لهم، رغم إنهم هم الذين يشكلون الفئة الأكثر عدداً والعمود الفقري لقطاع الصحة، إلا أنهم يعانون من التهميش، واللجوء للسفر وترك العمل والاستقالة، ووضعهم الحالي يجعلهم محبطين.
لجان من دون فائدة
يشار إلى أن وزارة الصحة شكّلت لجنة في عام 2022، مهمتها التوصل إلى طبيعة عمل ترضي القطاع التمريضي.
وللأمانة اللجنة اجتمعت عدة مرات خلال السنوات الماضية، لكن للأسف حتى الآن لم تصدر نتائجها، ولم تقرّ أي شيء، مع الإشارة إلى أن مجلس الوزراء طرح في جلسات الشهر الثاني من هذا العام دراسة تعويضات طبيعة العمل للتمريض، وبالتالي هذا الأمر يحتاج تشكيل لجنة جديدة، سينتج عنها التأخير وعدم الوصول إلى مبتغى هذه الشريحة. إذ يرى الممرضون أنه في كل فترة يتم تشكيل لجان من دون الحصول على حقوقهم، أدى هذا التمييز إلى اليأس و”ظاهرة الملوث النفسي” في بيئة العمل، أي التمييز بين مكونات العمل الواحد، ما أدى إلى تسرّب وهجرة واستقالات الكوادر التمريضية بأعداد كبيرة من دون حلول جذرية .