تثقيل جبهة الشمال.. ضربات نوعية للمقاومة اللبنانية.. عودة بلينكن ودور جديد لساترفيلد وترقّب لمسار «ردع إسرائيل» ما بعد 14 نيسان
تشرين – مها سلطان:
عشرة أيام ما بعد الرد الإيراني «ليلة 14 نيسان الجاري» على العدوان الإسرائيلي الذي استهدف القنصلية الإيرانية في دمشق.. وأسبوع تقريباً ما بعد «الرد الإسرائيلي» فجر الجمعة الماضية على الرد الإيراني، طوال هذه المدة لم يُسجل استهداف إسرائيلي من نوع ما ضد أهداف إيرانية «في سورية»، إيران لم تعلن، والكيان الإسرائيلي لم يعلن، والمراقبون الذين يلاحقون ويترصّدون كل صغيرة وكبيرة في مسار التصعيد على هذه «الجبهة» لم يسجلوا استهدافات من أي نوع، علماً أن التحذيرات الإيرانية – وبأعلى مستوياتها – ما زالت مستمرة من إقدام الكيان على أي استهداف، حيث إن الثمن سيكون وجودياً بالنسبة للكيان.
هل هذا يعني أن ليلة 14 نيسان الصاروخية كانت رادعة بشكل نهائي للكيان الإسرائيلي؟
جبهة الشمال وتصعيد كمّي ونوعي يعيد حديث الحرب الموسعة بعد انحساره طوال أسبوع مضى.. حديث سيبقى رهن تطورات جبهة غزة مادامت بقيت مشتعلة
هناك شبه إجماع على ذلك، مع هامش أنه لا يمكن الركون كثيراً للنيات العدوانية الإسرائيلية – الأميركية من جهة.. ومن جهة ثانية فإن المسألة مرتبطة بتطورات جبهة غزة وتداعياتها الإقليمية خصوصاً على جبهة الشمال /لبنان/، فمنذ أسبوع تقريباً اتخذت هذه الجبهة مساراً أوسع وأعمق بتبادل الضربات، سواء لناحية الجغرافيا أو لناحية نوع العتاد /الصواريخ/ المستخدمة، والحديث هنا يتركز على المقاومة اللبنانية – حزب الله والتغير النوعي والكمّي في العمليات التي ينفذها ضد الكيان.
المقاومة تضرب «شوميرا»
أعلن حزب الله، اليوم الأربعاء، أنه استهدف مستوطنة «شوميرا» بعشرات صواريخ الكاتيوشا، وأرفق هذا الإعلان بمقطع فيديو لعملياته ضد القوات الإسرائيلية منذ الثامن من تشرين الأول الماضي، وقال في بيان: «دعماً لشعبنا الفلسطيني الصامد في قطاع غزة وإسناداً لمقاومته الباسلة والشريفة، وفي إطار الرد على اعتداءات العدو الإسرائيلي على القرى الجنوبية الصامدة والمنازل المدنية وتحديداً المجزرة المروعة في حانين وسقوط شهداء وجرحى مدنيين، استهدف مجاهدونا اليوم الأربعاء مستوطنة شوميرا، في بلدة طربيخا اللبنانية المحتلة، بعشرات صواريخ الكاتيوشا».
وفي الكيان، تم اعتبار هذا الاستهداف أنه الثاني الأخطر ما بعد الهجوم المركّب الذي نفذه حزب الله بالمسيّرات الانقضاضية والصواريخ الموجهة على مقر قيادة سرية الاستطلاع العسكري المستحدث في عرب العرامشة قبل أسبوع «يوم الأربعاء الماضي»، حيث أخفق نظام القبة الحديدية باعتراضها، وهذا ما دفع أوساطاً داخل الكيان «وخارجه/ أميركياً خصوصاً» لإعادة النقاش والبحث حول القدرة التسليحية للمقاومة اللبنانية/ حزب الله، إذ يبدو أنها تستخدم تباعاً أسلحة أكثر تطوراً، وفق تعبير صحيفة «فايننشال تايمز» البريطانية التي أشارت إلى أن حزب الله «لم يستخدم بعد الأسلة الأكثر تطوراً في ترسانته، على الرغم من اختبار قدرات جديدة له»، معتبرة أن حزب الله يستخدم مجموعة جديدة من التكتيكات ضد «إسرائيل» في عدة عمليات، خصوصاً الهجوم المركّب في عرب العرامشة، الذي أدى إلى مقتل قائد سرية في «الكتيبة 8103» التابعة للواء «عتسيوني6»، حسب اعتراف الجيش الإسرائيلي.
ويواصل الجيش الإسرائيلي غاراته العدوانية على مناطق في جنوب لبنان، حيث كثّف من هذه الغارات اليوم خصوصاً في منطقتي شيحين وكفر شوبا.
وعليه فإن حديث الحرب الموسعة، الذي تقلص إلى درجة كبيرة خلال الأيام الماضية، عاد مجدداً، صحيح أنه ليس بالصورة الكبيرة والخطرة التي كان عليها بعد العدوان الإسرائيلي على القنصلية الإيرانية بدمشق، إلا أنه حديث سيتسع في حال استمرت جبهة الشمال على الوتيرة نفسها أو تصاعدت باتجاه جغرافيا أعمق وضربات أوسع، وعملياً فإن أغلب المحللين والمراقبين يميلون إلى احتمالات التصعيد، وأن حديث الحرب الموسعة سيبقى مفتوحاً مادامت جبهة غزة ما زالت مشتعلة.
استقالة ساترفيلد؟!
وفيما يتم التركيز على الاستقالات داخل الكيان، لناحية «الرؤوس الكبيرة» التي سقطت وستسقط بفعل يوم الطوفان في 7 تشرين الأول الماضي، برزت استقالة لافتة في واشنطن عائدة لديفيد ساترفيلد كبير مسؤولي البيت الأبيض «المعني بإيصال المساعدات الإنسانية إلى غزة»، حسب ما أوردت صحيفة «تايمز أوف إسرائيل» اليوم.
وحسب المصادر ستحل مكان ساترفيلد، ليز غراندي، التي ترأس حاليا المعهد الأميركي للسلام USIP، أما بالنسبة لساترفيلد فإنه سيبقى كـ«مستشار كبير» في وزارة الخارجية الأميركية.
وكان ساترفيلد، الذي شغل منصب سفير لبلاده في عدد من بلدان الشرق الأوسط من بينها لبنان والعراق، قد أخرج من التقاعد ليتولى منصب المبعوث الأميركي للقضايا الإنسانية بالشرق الأوسط ومبعوث الشؤون الإنسانية إلى غزة بعد أقل من أسبوعين من عملية طوفان الأقصى في 7 تشرين الأول الماضي.
وآخر تصريحات لساترفيلد كانت أمس الثلاثاء، أشاد فيها بما سماه خطوات مهمة من الكيان الإسرائيلي للسماح بدخول المزيد من المساعدات الإنسانية إلى غزة.
وحتى تتكشف أبعاد وخلفيات استقالة ساترفيلد، يعيش الكيان على وقع طوفان استقالات محتملة لكبار متزعميه، وذلك بعد استقالة رئيس جهاز المخابرات العسكرية أهارون هاليفا على خلفية إخفاقات 7 تشرين الأول الماضي، وحسب وسائل إعلام إسرائيلية فإن أربعة من كبار متزعمي جيش الكيان يستعدون لتقديم استقالاتهم، منهم آفي روزنفيلد قائد فرقة غزة، ويارون فينكلمان قائد منطقة الجنوب.
ميناء غزة
بالعودة إلى استقالة ساترفيلد، كان لافتاً أنها جاءت متزامنة مع إعلان «البنتاغون» أن الولايات المتحدة ستباشر «قريباً جداً» بناء الميناء العائم قبالة غزة، وقال المتحدث باسم «البنتاغون» باتريك رايدر خلال مؤتمر صحفي: إن السفن المحملة بالمعدات اللازمة وصلت إلى البحر المتوسط، مضيفاً: كل السفن على أهبة الاستعداد لتنفيذ هذه المهمة.
يشار إلى أن هذا الميناء لن يوجد فيه أي جندي أميركي بعد انتهاء التنفيذ، حسب مسؤولين أميركيين أشاروا إلى أن العسكريين الأميركيين سيكونون موجودين فقط خلال بناء الميناء، وأن القوات الإسرائيلية ستتولى عملية تأمين البناء.
بلينكن- جولة جديدة
في الأثناء يستعد وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن لزيارة المنطقة مجدداً، بدءاً من السعودية، حيث من المقرر أن يصلها يوم الأحد المقبل للمشاركة في المنتدى الاقتصادي العالمي الذي سيعقد في العاصمة السعودية الرياض.
رفح وميناء غزة وجولة جديدة لأنتوني بلينكن.. استقالة ساترفيلد وغموض حول دوره الجديد.. كلها تطورات ستنقل مسار الأحداث إلى مرحلة جديدة من التصعيد
ويصل بلينكن إلى الرياض قادماً من الصين، حيث من المقرر أن يصل إلى بكين اليوم.
وحسب موقع «أكسيوس» الأميركي نقلاً عن مسؤولَين أميركيين اثنين فإن «بلينكن سيلتقي ولي العهد الأمير محمد بن سلمان وقادة إقليميين آخرين».
ورغم أنه لا توجد تفاصيل حول الزيارة إلا أن جدول أعمالها يبدو معروفاً، خصوصاً في ظل تطورات المنطقة الأخيرة، وعملياً هو جدول أعمال متخم إذا ما أضفنا إليه ملف اليمن/البحر الأحمر.. هذا عدا ملف التطبيع الذي عاد الحديث عنه مؤخراً، خصوصاً من الجانب الأميركي.
رفح- مسار المفاوضات
أيضاً تتزامن جولة بلينكن الجديدة مع إعلان الكيان أن اجتياح رفح «بات قريباً جداً» وسط استمرار التحذيرات الإقليمية والدولية من مغبة هذا الفعل وتداعياته الخطرة.
أما ما يخص مفاوضات الهدنة واتفاق تبادل الأسرى والرهائن، فقد أعلنت قطر أنها تعمل على إعادة تقييم لهذه المفاوضات، وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية القطرية ماجد بن محمد الأنصاري: الدوحة بحاجة إلى إعادة تقييم لجهود الوساطة في هذه المرحلة.