سعر الغرام يصل إلى 10 آلاف ليرة الخصلة تباع بمليوني ليرة.. شعر النساء من رمز للجمال إلى وسيلة لتأمين لقمة العيش

دمشق- حسيبة صالح:
من العادات القديمة في سورية أن يكون شعر الفتاة طويلًا إلى أسفل ظهرها فهو من مقومات الجمال والأنوثة، لكن الظروف الحالية والعادات الدخيلة على المجتمع السوري دفعت الكثير من الفتيات والنساء لبيع شعرهن بسبب الحاجة المادية.
بعد تصاعد الأزمة الاقتصادية في سورية تزايدت ظاهرة بيع وشراء الشعر الطبيعي لتغطية نفقات الاحتياجات الأساسية وتوفير الطعام ومستلزمات المدارس وتأمين الدواء.

لست نادمة
أحب شعري كثيراً.. كثيف وطبيعي أسود لامع لأسفل ظهري حتى فتيات الحي يقلن لي إنني مميزة بشعري، هكذا بدأت حنان (16 عاماً) حديثها لـ”تشرين” مضيفةً: ذهبت أنا ووالدتي لقص شعري وبيعه في صالون الحلاقة لشراء مستلزمات المدرسة لأخي عمر، فالراتب الشهري لوالدي يذهب نصفه في استئجار بيت صغير، والبقية لا تكفي حتى لتأمين الأكل والشرب والفواتير، وتضيف حنان: بكيت عندما قصصت شعري لكني لست نادمة لأن أخي عمر يحب أن يكمل دراسته ويساعد والدي.
بسبب الحاجة
فقدت زوجي أثناء الحرب وأنا أمٌّ لخمسة أطفال، أعمل في “شطف” الأدراج في العاصمة دمشق، وأحتاج للوصول من بيتي للعاصمة، أن أركب ثلاثة باصات حيث أخرج من بيتي الساعة الخامسة صباحاً، بهذه العبارات بدأت أم أحمد التي تبلغ من العمر ٣٥عاماً حديثها لـ”تشرين”، فقد أجبرتني الظروف القاسية لبيع شعر ابنتي البالغة من العمر (١١ سنةً)، ومعلوم أننا دخلنا في شهر رمضان، وكل الأسعار ارتفعت، وعلي أن أدفع الفواتير.. تنهمر الدموع من عيون أم أحمد وهي تتابع حديثها: كلّ مساء وبعد عودتي من العمل كنت أجلس وأسرّح شعر ابنتي الجميل.. لولا حاجتي ما قصصت شعر ابنتي.

بالغرام
تجارة الشعر الطبيعي كانت تقتصر على صالونات الحلاقة والتجميل أما في الفترة الأخيرة فتزايدت عروض بيع وشراء الشعر الطبيعي عبر وسائل التواصل الاجتماعي، يؤكد هادي اللبناني، صاحب صالون الحلاقة النسائية في حي المزرعة الدمشقي، في بداية العام الدراسي ومع تزايد المصاريف وبسبب الظروف الاقتصادية الصعبة في البلاد تزايد عدد النساء اللواتي يلجأن لبيع شعرهن أو شعر بناتهن، كاشفاً أن بيع وشراء الشعر الطبيعي يحدد بالغرام ويختلف سعر الشراء حسب نوع الشعر وكثافته، ويفضل أن يكون طبيعياً ليس معرضاً للصبغ أو لحرارة مجفف الشعر، وعلى هذه المعايير يتم تحديد نوع الشعر كنخب أول أو ثانٍ أو ثالث ويتراوح سعر الغرام بين (٨-١٠) آلاف ليرة سورية، وبعد معالجته وتحويله لوصلات شعر أو باروكة يتم بيعه أيضاً بالغرام، وقد تصل سعر خصلات الشعر إلي مليوني ليرة سورية أو أكثر.
ويضيف هادي: الشعر السوري من أجود أنواع الشعر الطبيعي لأنه نظيف ويطلق عليه (الشعر البلدي )، والكثير من السيدات يقتنين هذه الوصلات أو الباروكات إما لتكثيف شعرهن الأصلي أو لحمايته من حرارة المجفف أو الصبغة، فتستطيع هذه السيدات أن تغير من شكلها من دون أن تؤذي شعرها الأصلي، وتستخدم وصلات الشعر كثيراً لتجهيز العرائس بحيث يتم تكثيف الشعر الخفيف لحفل الزفاف.
وبيّن هادي أن الكثير يستغلون حاجة الزبون ويمكن أن يشتروه بسعر زهيد ويبعونه بأضعاف مضاعفة، ومع انتشار وسائل التواصل الاجتماعي انتشرت على “فيس بوك” صفحات ومجموعات خاصة بتجارة الشعر الطبيعي ومن أحد العروض: شعر طبيعي درجة أولى لون “بلوند” طول ٦٠سم وزن ١٠٠ غرام والسعر تحفة لسرعة البيع ..!
وبعد أن كانت قصة الفتاة التي باعت خصلات شعرها لتشتري لخطيبها سلسلة لساعته من القصص العالمية، أصبحت اليوم حقيقة مؤلمة.

قد يعجبك ايضا
آخر الأخبار