ضفدع باشو

يُحكى أنّ الياباني “باشو” واسمه الحقيقي ماتسوو مانوفوسا؛ عاش بين (1644-1694م)؛ إنه هو مُعلم شعر الهايكو الأكبر، حيث كان أوّل من فعلها، وكتب هذا الشكل الشعري المشهدي الإيقاعي، حتى أمسى “ضفدع بركته” أشهر هايكو في مشرق العالم ومغربه، وكان على المولعين “الهاكست، أو الهايجن” في مختلف دول العالم، وليس في اليابان وحدها أن يقيسوا على نقيق هذا الضفدع وخرير ماء البركة في مختلف أنحاء العالم الذي انتقل إليها هذا الشكل الشعري سواء من خلال الترجمة عن اللغة الأم – اليابانية، أو تأليفاً على المقاس الياباني مع بعض التجاوزات على الشروط الصارمة اليابانية ليتناسب مع جماليات اللغة الجديدة.
“يا للبركة العتيقة،
قفزت ضفدعة
صوت الماء.”
مع أن ثمة من يزعم إنّ الصينييين قد سبقوا باشو الياباني بعقودٍ من السنين، وفيما لم ينتشر الهايكو الصيني؛ ذاع صيت الهايكو الياباني وتجاوز حدود اليابان حتى صار هناك من يتحدث عن هايكو أمريكي، وهايكو إسباني، وهايكو مكسيكي، وذلك بعد أن جرت عملية “تبييئ” لهذا الهايكو ليُناسب اللغة والثقافة والذائقة الجديدة التي انتقل إليها، بمعنى إنه يُمكن الحديث عن مُعادل لهذا الشكل الإبداعي أكثر منه هايكو حقيقي، فقد أكدت التجربة أن الهايكو لا يُمكن أن يكون إلا يابانياً، وما نقرأه اليوم من هايكو في العالم ليس سوى مُقاربة للهايكو الياباني.
في العالم العربي؛ يعود الفضل في مقاربة هذا الشكل من الكتابة إلى ثلاثة شعراء – مترجمين سوريين: محمد عُضيمة المُقيم في اليابان، وعبدو زغبور المقيم في فنزويلا، ولينا شدود المقيمة في مدينة طرطوس السورية، وذلك بترجمتهم عن اللغات: الإنكليزية والإسبانية والألمانية.. ويأتي ذلك بعد مرور ما يُقارب القرن على انتشار الهايكو ومُقاربته في أوروبا والأمريكيتين.. وهنا نُذكّر بجهودنا بترجمة تلك التنظيرات النقدية والإبداعية على أرض الواقع من خلال (الملتقى السوري للنصوص القصيرة – الأدب الوجيز) الذي أسستّه منذ سنة 2011م، ويُقيم فعالياته في مختلف المحافظات السورية، وبعدها تمّ إنشاء عشرات المجموعات فيسبوكياً التي تهتم بالكتابة والتنظير للهايكو وحتى التأليف فيه، كما شهد المشهد الثقافي السوري إصدار العشرات من المجموعات الشعرية، منها بشكل إفرادي، والغالب كان إصدار المجموعات المشتركة التي ينوف عدد الهاكست فيها على الـ(300) كاتب، كما لم تبق مثل هذه الفعاليات محصورة ضمن الحدود السورية بل ساهم فيها العشرات من المعجبين بهذا النص الذي لا يتجاوز عدد كلماته العشر مفردات من مختلف دول العالم العربي..
هايكو محلي:
……………..
مشغولٌ بالاستعراض
قبل أن يُورق؛
يُزهرُ الدّراق.

قد يعجبك ايضا
آخر الأخبار