في عيد المرأة العالمي.. المرأة الجولانية أيقونة النضال والصمود
القنيطرة – محمد الحُسَين:
في يوم المرأة العالمي نستذكر بفخر المرأة العربية السورية الجولانية، أمّاً وأختاً وزوجة وابنة، مناضلة ضد الاحتلال الصهيوني، وينداح للذاكرة سِفْر من البطولة والبطلات، والمجد والغار، والفخر والافتخار، والنصر والانتصار.
ونقرأ في السجل الذهبي لنضال أبناء الجولان السوري المحتل بقرى مجدل شمس ومسعدة والغجر وعين قنية وبقعاثا، فنجد أسماء متوهجة من المناضلات الجولانيات كنجوم زاهية وغمامات باهية، نضالاً وفداء وتضحيات وصموداً، فقد كانت المرأة السورية على مر التاريخ، ومازالت أمثولة حية للتضحية والفداء وحب الوطن ومقاومة الاحتلال.
الشهيدة البطلة غالية فرحات التي استشهدت في الثامن من آذار عام 1987م في يوم المرأة العالمي هي أيقونة المرأة الجولانية.. ففي ذلك اليوم احتشد الآلاف من أبناء مجدل شمس وبقعاثا ومسعدة وعين قنية في الجولان السوري المحتل بانتظار ضخ مياه الشرب إلى منازلهم من وطنهم الأم سورية بإشراف اللجنة الدولية للصليب الأحمر وقوات الأمم المتحدة العاملة في الجولان بعد حرمانهم منها من سلطات الاحتلال الإسرائيلي، وتحدّوا قرار منع التّجول الذي فرضته سلطات الاحتلال الإسرائيلي عليهم، وخرجوا للاحتفال بافتتاح مشروع إرواء قرية بقعاثا بمياه الشرب بمحاذاة خط وقف إطلاق النار، لتقتحم سلطات الاحتلال الإسرائيلي على أثرها القرية، وتعتقل العشرات من شبانها، مطلقة الرصاص على المحتفلين، والاعتداء على المواطنين، ما أدى إلى إصابة الأم الجولانية غالية فرحات التي كانت تساعد الجرحى والمصابين، لترتقي شهيدة متأثرة بجراحها بعد أن منعت قوات الاحتلال إسعافها، وتركتها تنزف حتى الموت عن عمر ناهز ثلاثة وخمسين عاماً.
لقد ودّع أبناء الجولان السوري المحتل شهيدتهم الخالدة في تظاهرات كبرى شارك فيها الآلاف من أبناء الجولان وأهالي فلسطين المحتلة، فقد رحلت الشهيدة تاركة سبعة أولاد، وإرثاً وطنياً، وعهداً ووعداً، وميثاقاً للدفاع على الأرض، والتجذّر فيها، وبذل الدماء الزكية في سبيلها، والاستشهاد من أجلها.
استشهدت البطلة غالية فرحات في يوم المرأة العالمي، وارتقت بطلة مناضلة متوجّة بمحبة الجولانيين وأبناء وطنها الأم سورية، ليتحول هذا اليوم إلى مناسبة وطنية يحييها أهلنا في الجولان السوري المحتل، مؤكدين رفضهم للاحتلال الإسرائيلي، وما صدر عنه من قرارات احتلالية زائلة، وإجراءات عدوانية باطلة، متمسكين بهويتهم العربية السورية، والانتماء الأصيل إلى الوطن الأم سورية، وبولائهم المطلق لقائد الوطن الرئيس بشار الأسد، وثقتهم بتحرير كل ذرة من تراب الجولان الحبيب.
إن الأم الجولانية قد أرضعت أبناءها لبن المقاومة، ورفض الاحتلال الإسرائيلي ومقاومته، والتمسك بالهوية العربية السورية، والانتماء الراسخ الأبي المتجذّر للوطن، والولاء لقائد الوطن.
كما نذكر في يوم المرأة العالمي شهيدات جولانيات خالدات مثل أمينة إبراهيم وأمينة يوسف الصباغ وبسمة نخلة وتميمة سمارة وحميدة أبو صالح وزليخة أيوب وشاهينة عماشة ومحمودة ذياب بريك ومدلله عويدات وورد أبو صالح وعشرات النسوة اللواتي قضين دفاعاً عن الواجب الوطني حيث بلغ عددهن أكثر من 35 شهيدة.
لقد سجلت المرأة الجولانية دوراً تاريخياً بارزاً ومشرفاً للعزة الوطنية، ونذكر منهن المناضلات: زاهية مرعي ورسمية كنج أبو صالح وكاميليا وأميرة شكيب أبو جبل وجوليا مرعي الصفدي ومحسنة مرعي ونجاح الصفدي وهالة عويدات وحلوة مصطفى عمران وفريال عارف عزام وسهى منذر وسميحة الصفدي ونجاح الولي وأمل القضماني ونهدية الصفدي وإلهام أبو صالح ويارا فوزي أبو جبل وعرين حسين خنجر ونهال المقت، إضافة إلى عشرات النسوة اللواتي تم إصدار الحكم عليهن بالغرامات المالية لمشاركتهن في الإضرابات والتظاهرات والاعتصامات الوطنية التي ينفذها الأهل في الجولان السوري المحتل رفضاً للاحتلال الإسرائيلي، وما صدر عنه من قرارات احتلالية زائلة وإجراءات عدوانية باطلة، معلنين الانتماء الأصيل الراسخ للوطن الأم سورية، والتّمسك بالهوية العربية السورية لأنها رمز كرامتهم وشرفهم، وتمّ اعتقال العديد من المناضلات الجولانيات أثناء هذه التظاهرات، وقد دام اعتقال بعضهن سنوات عديدة كالأسيرة المحررة آمال مصطفى محمود التي قضت في السجن الإسرائيلي خمس سنوات.
لقد وقفت المرأة في الجولان العربي السوري المحتل إلى جانب الرجل في النضال ضد الاحتلال الإسرائيلي، مشاركة بقوة في كل التظاهرات الرافضة للاحتلال الصهيوني وقراراته وإجراءاته العدوانية ما عرضها للاعتقال والتعذيب والتنكيل والسجن من جيش الاحتلال الاسرائيلي .
ويجدد أهلنا في الجولان السوري المحتل بهذه المناسبة تمسكهم بوطنهم ومواصلتهم المقاومة والصمود بوجه ممارسات الاحتلال الإسرائيلي العدوانية، واستمرارهم بمسيرة التضحية، مؤكدين يقينهم بحتمية تحرير الجولان، كما أكدوا أن الجولان الذي قدّم التضحيات فداء لتراب سورية الطاهر لا يزال على العهد وفياً لعروبته وهويته السورية.
وأشار الأهل الأباة في الجولان السوري المحتل إلى أنّ دماء الشهداء عزت أبو جبل ونزيه أبو زيد وفايز محمود وهايل أبو زيد وسيطان الولي وأسعد الولي وفرحان شعلان ومدحت الصالح وتحرير محمود وغالية فرحات ستزهر نصراً، وستبقى هذه التضحيات الأسمى والأغلى، وستظل شعلة النضال في الجولان متقدة حتى تحريره.
وأضاف أبناء الجولان السوري المحتل: إننا نقف مع وطننا الذي واجه الحرب الإرهابية المتواصلة، حيث صاغتْ فوهات بنادق رجال الجيش العربي السوري الانتصار الباهر في حرب كانت تهدف إلى إضعاف سورية وتفتيتها، لكن بفضل صمود الشعب السوري وبطولات جيشه وحكمة قيادته أفشلت سورية المخططات التي أعدت لها.
وتتجسَّد معاني النضال والفداء والعطاء للأرض، لتتلاقى هذه التضحيات مع نضال شعبنا العربي السوري الذي يدحر الإرهاب، مؤكداً أن نصر سورية لا يكتمل إلا بتحرير كامل ترابها الطاهر، وفي مقدمته الجولان المعمّد بدماء الشهداء وتضحيات أهله وصمود أسراه.
إن أبناء الجولان باقون على العهد، أوفياء لكل ذرة من تراب سورية وشعبها وجيشها وقيادتها، مؤكدين أن الأرض التي تعمّدت بدماء الشهداء لن تكون إلا منتصرة، وأن وطناً بُني على الكفاح لن يكون إلا شامخاً.
يشار إلى أن المناضلة غالية فرحات استشهدت أثناء مشاركتها بتظاهرة ضد الاحتلال الإسرائيلي في مثل هذا اليوم من عام 1987م، وشيّع جثمانها في الثاني عشر من شهر آذار بمشاركة الآلاف من أبناء الجولان السوري المحتل.
وفي يوم المرأة العالمي، وفي ذكرى استشهاد البطلة غالية فرحات نتقدم من كل أم جولانية في مجدل شمس ومسعدة والغجر وعين قنية وبقعاثا بالتهاني والتبريك، ونقلدّها وسام الأم المناضلة البطلة أضمومة من شقائق النعمان معطرة بنجيع تراب الجولان، مؤكدين الثقة بالتحرير وزوال الاحتلال وعودة الجولان إلى وطنه وشعبه وأهله.