مشهد العدوان على غزة يتعقد.. الاحتلال الإسرائيلي وداعمه الأميركي يناوران والمقاومة أمينة على الدماء والتضحيات والجوعى
تشرين – هبا علي أحمد:
كل يوم يتعقد المشهد أكثر فيما يخص العدوان الإسرائيلي المتواصل على غزة الذي دخل شهره السادس، وكل يوم يمر يعمّق الضبابية ويُغلق الآفاق للتوصل إلى اتفاق تهدئة يريدها العدو مؤقتة لترميم ما يمكن ترميمه ولتفادي المخاطر التي تتربص به في الضفة الغربية والقدس خلال شهر رمضان إن لم يتم إيقاف العدوان بشكل ناجز ونهائي، وتريدها المقاومة تهدئة شاملة تفضي إلى وقف دائم لإطلاق النار وإدخال المساعدات الإنسانية إلى غزة ووقف المجازر الصهيونية، وهذا حق طبيعي ومشروع، إذ لا تنازلات يمكن تقديمها من دون تحقيقه، بينما الولايات المتحدة الأميركية تتربص بجميع الأطراف الفلسطينية والعربية والإقليمية، وتناور وتبعث برسائل «إنسانية» مزعومة وهي في حقيقتها مردها إلى الدوران في حلقة مفرغة، حيث بات من الواضح أن عصاها عجزت عن لجم الإسرائيلي، لكنها في الواقع سعيدة بهذا العجز مادام الإقليم يشتعل وبالتالي تأخير تشكيل العالم الجديد والصعود القوي للقوى الدولية المناهضة للهيمنة الأميركية التي تشهد تراجعاً وانكساراً.
مقاومة أمينة
المقاومة الفلسطينية ليست معنية بتقديم أي تنازل مهما كان، فهي تدافع عن حق مشروع وقضية عادلة، في حين أن الكيان لا حق له ولا حتى قضية سوى بعض المزاعم والترهات التي يسوقها للرأي العام الغربي ليكسب تعاطفاً، لكن حتى في هذا خسر الرهان وتحولت فلسطين والإبادة الجماعية التي يمارسها الاحتلال بحق الفلسطينيين إلى عناوين عريضة تجوب الشوارع الأوروبية والغربية عموماً، كما أن التضحيات والدم والجوع، التي يتكبدها الفلسطينيون، لا تستوجب تقديم أي تنازلات وأي ضغوط تُمارس على المقاومة في هذا السياق لتحصيل مكاسب للعدو بلا جدوى، وإذ تبدي المقاومة المرونة والإيجابية في مسار المفاوضات المتعثر أساساً فهذا لا يعني تقديمها أي نوع من التنازلات، بل هي كانت وما زالت واضحة ودقيقة.. وقف دائم لإطلاق النار ومن ثم تُبنى باقي التفاصيل، والأكثر من ذلك كانت «حماس» أكثر تحديداً عندما قالت: لن نسمح بأن يكون مسار المفاوضات مفتوحاً بلا أفق مع استمرار حرب التجويع والإبادة بحق شعبنا، مشيرة إلى أنّ المرونة في التفاوض من أجل الشعب الفلسطيني يوازيها الاستعداد التام للدفاع عنه وعن المقدسات، مشدّدة على أنّه لا يمكن القبول بأي حل لا يوقف العدوان ويؤدي إلى رفع الحصار، وأنّ المقاومة ستبقى أمينة على التضحيات ومراكمة الإنجازات.
واشنطن تتربص بجميع الأطراف الفلسطينية والعربية والإقليمية وتناور وتبعث برسائل «إنسانية» مزعومة مردها إلى الدوران في حلقة مفرغة
وأوضحت المقاومة أن الاحتلال لم يعطِ حتى الآن أي موقف إيجابي من وقف الحرب ولا يريد الانسحاب من قطاع غزة، ويضع قضية عودة النازحين تحت التفاوض، ويريد مناقشة تفاصيلها وتحقيقها بشكلٍ تدريجي، كما لا يلتزم بالمتفق عليه في الإغاثة والمساعدات وزيادة الكميات، وإذا وافق فهو يتملّص بحجج واهية.
المقاومة الميدانية
المقاومة السياسية إن أمكن القول تحافظ على ما تقدمه المقاومة الميدانية المستمرة في معركة الدفاع ليس عن غزة فحسب، بل عن كل فلسطين وعن كل التضحيات التي قدمت وتقدم، إذ واصلت المقاومة الفلسطينية التصدي لجيش الاحتلال عند مختلف محاور القتال في قطاع غزة، مستهدفة جنوده وتجمّعات آلياته، موقعةً المزيد من الخسائر في صفوفه، حيث أكدت تمكّنها من قنص جندي إسرائيلي جنوب حي الزيتون، جنوب شرقي مدينة غزة، أمس، كما أعلنت أن حصيلة العمليات التي نفّذتها خلال الساعات الـ24 الماضية، بلغ عددها 22 مهمةً، شملت خوض الاشتباكات الضارية واستهداف تجمّعاتٍ لآليات جيش الاحتلال بقذائف الهاون عند مختلف محاور القتال في قطاع غزة، وتضمّنت العمليات أيضاً استهداف دبابة إسرائيلية بقذيفة “RPG” وذلك غرب مدينة خان يونس جنوب القطاع، ما أدى إلى وقوع العديد من القتلى والمصابين في صفوف جيش الاحتلال، كما استهدفت تجمّعاً لقوات الاحتلال جنوب مدينة غزة بصواريخ قصيرة المدى.
المقاومة الفلسطينية ليست معنية بتقديم أي تنازل مهما كان فهي تدافع عن حق مشروع وقضية عادلة في حين أن الكيان لا حق له ولا حتى قضية
جبهات المساندة
وكما كان صوت الميدان عالياً منذ بدء «طوفان الأقصى» فهو يعلو يومياً، وهنا الحديث عن الميدان الإقليمي المساند لغزة سواء في اليمن والعراق ولبنان وسورية، إذ استمرت المقاومة العراقية في عمليات المساندة لغزة مستهدفة محطة الكهرباء في مطار حيفا المحتلة بوساطة الطيران المسيّر، بعد أن استهدفت الجمعة الماضية محطة المواد الكيميائية في ميناء حيفا بالطيران المسيّر أيضاً، وذلك ضمن المرحلة الثانية لعملياتها ضدّ الاحتلال الإسرائيلي التي تتضمن إطباق الحصار على الملاحة البحرية الإسرائيلية في البحر الأبيض المتوسط، إضافةً إلى إخراج موانئ الاحتلال عن الخدمة، تزامن ذلك مع استهداف القوات المسلحة اليمنية مدمرتين حربيتين أميركيتين في البحر الأحمر بعدد من الصواريخ البحرية والطائرات المسيّرة، وذلك انتصاراً لفلسطين، ورداً على العدوان الأميركي – البريطاني على اليمن، كما قصفت المقاومة الوطنية اللبنانية – حزب الله- أمس مستعمرة «كفربلوم» الإسرائيلية في إصبع الجليل بعشرات صواريخ «الكاتيوشا»، وباستهداف مبنى في مستعمرة «كريات شمونة»، وذلك ردّاً على استهداف منزل مدني واستشهاد امرأة وزوجها وابنهما في بلدة حولا اللبنانية، ونصرة لغزة.
«إسرائيل خالية الوفاض»
رغم المجازر الوحشية اليومية التي ترتكبها آلة الحرب الصهيونية والكارثة الإنسانية التي حلّت بالشعب الفلسطيني ولاسيما أهالي قطاع غزة المحاصر والتي يشاهدها العالم أجمع، إلّا أن كيان الاحتلال وفي جردة حساب لوسائل إعلامه يبدو خالي الوفاض تماماً ورئيس وزرائه بنيامين نتنياهو يُحشر في الزاوية كل يوم مع امتداد أمد العدوان، ففي نهاية الشهر الخامس من الحرب تبدو «إسرائيل» عالقة في الجنوب كما في الشمال أيضاً، في وقت تتخوف فيه وسائل إعلام العدو من عودة «إسرائيل» خالية الوفاض بعد أشهر من العملية البرية في قطاع غزة، ووصف مراسل الشؤون العسكرية في القناة «الـ 13» ، ألون بن دافيد، «إسرائيل» بأنها مقامر يصرّ على وضع كل الرقائق على رقم واحد فقط في لعبة «الروليت»، في المقابل تحدث المحلل السياسي الإسرائيلي، رافيف دروكر، عن حالة المراوحة وعدم القدرة على الحسم التي أصابت الجيش الإسرائيلي، مشدّداً على أنّ «هذه الكلمة لم تعد مقبولة».
المقاومة السياسية تحافظ على ما تقدمه المقاومة الميدانية المستمرة في معركة الدفاع ليس عن غزة فحسب بل عن كل فلسطين
كما تحدثت الوسائل إلى أنه في الأسابيع الأخيرة كان الإحباط على الأرض وفي القيادة العسكرية هائلاً.. هناك جمود، ولا توجد قوات كافية لبدء عمليات في المخيمات المركزية، وبالتأكيد ليس في رفح، لكن لا توجد أيضاً صفقة لإعادة الأسرى تفرض وقف إطلاق نار.
المجاعة وصلت إلى مستويات قاتلة
إلى ذلك، أكد المتحدث باسم وزارة الصحة الفلسطينية أشرف القدرة أن المجاعة شمال غزّة وصلت إلى مستويات قاتلة وخاصة للأطفال والحوامل والمرضى المزمنين، قائلاً: المجاعة تتعمّق وستحصد أرواح آلاف المواطنين إذا لم يتم وقف العدوان ودخول فوري للمساعدات الإنسانية والطبية، فالاحتلال الإسرائيلي يتعمد ارتكاب مجازر مروعة ومتتالية ضد آلاف البطون الجائعة في شمال غزة، مناشداً المجتمع الدولي باستخدام كل أدوات الضغط لضمان وقف فوري للعدوان الإسرائيلي.
وأشارت وزارة الصحة الفلسطينية إلى ارتفاع حصيلة العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة إلى 30 ألفاً و717 شهيداً و72 ألفاً و156 جريحاً، مشيرة إلى أن الاحتلال تعمّد قتل 348 كادراً صحياً واعتقال 269 آخرين على رأسهم مديرو مستشفيات في خان يونس وشمال غزة، كما أفادت باستشهاد طفلة تبلغ من العمر 15 عاماً في مجمع الشفاء الطبي نتيجة سوء التغذية والجفاف لترتفع بذلك حصيلة شهداء سوء التغذية والجفاف في القطاع إلى 18 شهيداً.
وفي السياق، أشارت هيئة شؤون الأسرى والمحررين ونادي الأسير الفلسطيني إلى ارتفاع حصيلة الاعتقالات بعد السابع من تشرين الأول الماضي في الضفة الغربية إلى نحو 7450 معتقلاً.