الأطفال يواجهون الموت.. الحوارات والمفاوضات طويلة على قياس كل دقيقة يعيشها الشعب الفلسطيني وقد تحدث فيها مجزرة
تشرين – راتب شاهين:
القاهرة وباريس وموسكو وعواصم أخرى، محطات لحوارات ساخنة تدور رحاها حول فلسطين، نقاشات للتلاقي وأخرى للتهدئة وما بينهما المساعدات، لكن يبقى في المقابل الصهيوني المتعنت الذي يرفض كل شيء، وهو مغطى بتعنت أكبر من الولايات المتحدة الأميركية، لكن في كل وقت وفي ما يسمى الفراغ الإعلامي، الذي يحيط بقطاع غزة والثقوب السوداء التي تبتلع الصورة من القطاع، تحدث مجزرة غير محاسب عليها، فتضيع الكثير من التفاصيل بين حبّات الرمال والطحين، فالباقون من بعد كل مجزرة يجهزون أنفسهم للتالية، وهم مهما تكلموا لن يستطيعوا التعبير عما جرى، لأن الكثير من التفاصيل ستغافلهم، فالحوارات والمفاوضات في العواصم يبدو أنها ستطول على قياس كل دقيقة مؤلمة يعيشها الشعب الفلسطيني، لأنه في كل دقيقة هناك احتمال كبير بمجزرة قد تحدث.
القصف الإسرائيلي متواصل
كل تلك النقاشات والحوارات والإدانات والتقارير المتضاربة حول التوصل إلى هدنة في شهر رمضان، لم تدفع الكيان الصهيوني إلى التوقف قليلاً حتى ينقشع الغبار عن مجزرة «الطحين»، فقد واصلت الطائرات الإسرائيلية قصفها مختلف مناطق قطاع غزة في اليوم الـ150 من الحرب مخلفة العشرات من الشهداء ومئات الجرحى.
النتائج المؤلمة التي وصلت إليها الضفة الغربية من ارتفاع أعداد المعتقلين والشهداء تؤكد أنها في المعركة على أقله بنظر جيش الكيان
وارتكب الاحتلال الإسرائيلي تسع مجازر ضد العائلات في قطاع غزة راح ضحيتها 90 شهيداً و177 مصاباً خلال الـ24 ساعة الماضية، لترتفع حصيلة العدوان الإسرائيلي إلى 30410 شهداء و71700 مصاب منذ السابع من تشرين الأول الماضي.
كما واصل جيش الاحتلال استهداف الفلسطينيين الجوعى في طريق بحثهم عن الطعام وأطلق النار على مجموعات تنتظر الدقيق قرب دوار الكويت جنوب غزة، ما أدى إلى استشهاد فلسطيني وإصابة عشرة، وهو ما تكرر في استهداف شاحنة مساعدات كويتية على طريق الساحل مقابل دير البلح وأدى إلى استشهاد 11 فلسطينياً.
الأطفال يواجهون الموت بأمعاء خاوية
رغم كل الإعلام، الذي تكلم عن سوء التغذية للأطفال الفلسطينيين والمناشدات الدولية والتبرعات «السخية» التي لم ولن تصل لأن أغلبها إعلانات تجارية – سياسية تُكتب بحبر الدم الفلسطيني، فإن أي مساعدات لا تصل إلى الفلسطينيين ولا حتى إلى المستشفيات، فالمجتمع الدولي الذي يعجز عن إيصال المساعدات والأدوية منهمك في الدوران حول نفسه، حول بدايات القضية الفلسطينية، حينما قرر تقسيم بلد ومنحه بالتقسيط للعابرين، فقد أعلنت مصادر طبية فلسطينية، اليوم الإثنين، ارتفاع عدد الأطفال المتوفين بسبب سوء التغذية وعدم توفر العلاج إلى 16، بعد وفاة طفل في مستشفى أبو يوسف النجار في رفح.
وكان مستشفى كمال عدوان شمال قطاع غزة، أعلن أمس الأحد، وفاة 15 طفلاً من جراء سوء التغذية والجفاف.
الكيان الإسرائيلي كثيراً ما يستهدف التجمعات البشرية المدنية في الملاجئ والمراكز الصحية ومراكز المساعدات لقتل أكبر عدد وإبادة الشعب الفلسطيني
وتواصل سلطات الاحتلال منع وعرقلة وصول المساعدات الإنسانية إلى قطاع غزة، خاصة إلى مناطق الشمال، كأنها رسالة بالتوجه جنوباً .
قصف الملاجئ والتجمعات البشرية المدنية
الكيان الإسرائيلي كثيراً ما يستهدف التجمعات البشرية المدنية في الملاجئ والمراكز الصحية ومراكز المساعدات لقتل أكبر عدد وإبادة الشعب الفلسطيني، فمدينة رفح جنوب قطاع غزة، والمهددة في كل لحظة باجتياح إسرائيلي ينتظر الضوء الأخضر الأميركي لسحق كل شيء، تعد آخر ملاذ للنازحين، والتي تستضيف رغم ضيق مساحتها المقدرة بنحو 65 كيلومتراً مربعاً أكثر من 1.3 مليون فلسطيني، تنام على الرصاص والتهديد والنزوح، لكن لا يعلم من بها إلى أين؟ وحيث إنه لم يعد مكان يصلح للإيواء إلا الركام، فقد ارتقى 12 فلسطينياً وعدد من المفقودين بقصف إسرائيلي منزلاً يؤوي نازحين بمخيم النصيرات وسط قطاع غزة.
وتعرضت الأجزاء الشرقية من دير البلح لقصف مدفعي، كما واصلت الطائرات الإسرائيلية قصفها محافظة رفح جنوب قطاع غزة.
اضطراب في الجيش الإسرائيلي
جيش الاحتلال، الذي يمر بأوقات عصيبة لم يعتد عليها من طول فترة التعبئة بعد حروبه الخاطفة في الزمن البعيد، وبعد فشله في التوصل مع الجانب السياسي إلى تجنيد عدد إضافي للمعارك، وخاصة من الجماعة الدينية، يندفع أفراده نتيجة للبؤس إلى الاستقالة، حيث لم تعد حالات فردية بل تحولت إلى استقالات جماعية.
المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي المقدم دانيال هاغاري، كشف عن وجود استقالات جماعية تقدم بها عدد كبير من كبار المسؤولين في نظام المعلومات في الجيش الإسرائيلي، احتجاجاً على طريقة سير الأمور العملياتية والشخصية.
في كل وقت وفي ما يسمى الفراغ الإعلامي الذي يحيط بقطاع غزة والثقوب السوداء التي تبتلع الصورة من القطاع تحدث مجزرة
ونقلت القناة «14» الإسرائيلية عن المتحدث إشارته إلى أن من بين الذين أعلنوا استقالتهم الكولونيل ريتشارد هيشت، المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي لشؤون الإعلام الأجنبي.
وقدم الكولونيل شلوميت ميلر بوتبول استقالته أيضاً، وهو يعد الرجل الثاني في قسم المتحدثين باسم الجيش الإسرائيلي بعد هاغاري، إضافة إلى تقديم عدد كبير من الضباط المسؤولين في قسم المعلومات بالجيش استقالتهم.
وفي هذا الصدد، أوضحت المصادر أن هذه الاستقالات الجماعية جاءت نتيجة احتجاج الضباط على سير الأمور العملياتية والشخصية، وهي تعكس ما وصف بـ«حالة اضطراب» في وحدة المعلومات.
وحدثت هذه الموجة بعد نشر هيئة البث الإسرائيلية تسجيلاً صوتياً لمحتجزين إسرائيليين قتلا على يد الجيش الإسرائيلي في غزة عن طريق الخطأ.
الضفة الغربية في المعركة
رغم كل محاولات الجيش الإسرائيلي لفصل الضفة الغربية عن قطاع غزة ميدانياً واجتماعياً، إلا أن المجريات تؤكد أن انتشار جيش الكيان وتغلغله في الضفة يؤكدان عكس ذلك، فارتفاع أعداد المعتقلين وأعداد الشهداء في الضفة يؤكد أن الاحتلال لا يميز بين الضفة والقطاع، فالنتائج المؤلمة التي وصلت إليها الضفة الغربية من ارتفاع أعداد المعتقلين والشهداء تؤكد أنها في المعركة، على أقله بنظر جيش الكيان الذي ينتهج سياسة هجومية حيالها، إذ قتل جيش الاحتلال حوالي 400 فلسطيني واعتقل أكثر من 3400 منهم في الضفة الغربية منذ بداية الحرب على غزة، وفقاً لبيانات نقلتها القناة السابعة العبرية.
ووفقاً للبيانات، فقد نفذ جيش الاحتلال أكثر من 60 عملية شملت أكثر من 40 غارة جوية على شمال الضفة.