الإنتحار بالعمى !!

‏فاجأت المقاومة الفلسطينة العالم بإعلانها قبول اتفاق وقف إطلاق النار الذي قدمته ومصر وقطر بالتنسيق مع أمريكا، لكن «إسرائيل» ردت باجتياح شرق رفح، والسيطرة على الجزء الفلسطيني من المعبر الذي يربطها مع مصر، وكما أربكت المقاومة الجميع في حركتها السياسية لقبول الاتفاق، أحرجت «إسرائيل» حلفاءها الغربيين في أوروبا وأمريكا بوقاحة الهجوم ‏على رفح رداً على قبول الفلسطينيين التهدئة وإيقاف الحرب، إنه الجنون النازي الصهيوني الأعمى والمتطرف والقاتل لصاحبه.
‏الاتفاق الذي وافقت عليه المقاومة أعدته وعدلته وصاغته مصر وقطر بموافقة وتبنى من الولايات المتحدة الأمريكية التي مثلها رئيس المخابرات المركزية الأمريكية، أي بتنسيق من الوسطاء والراعي الأمريكي مع «إسرائيل»، التي كانت تتمنى رفض المقاومة للاتفاق، لتكمل عدوانها بهذه الحجة، أما عندما قبلت المقاومة، لم تجد «تل أبيب» إلا الوقاحة في الرد بعدوان أكثر إجراماً، حيث إن هجومها على رفح ‏سيؤدي إلى تشريد أكثر من مليوني فلسطيني في العراء، وقتل الكثير منهم بالقصف والقنابل أو الموت من الجوع والعطش والمرض، إبادة جماعية عن سابق اصرار وتصميم، الأمر الذي يجعل جريمة إسرائيل من أبشع وأقذر الجرائم ضد الإنسانية وضد القانون وضد الحضارة.
‏الوقاحة من الطرف الأمريكي جات عندما أعلن البيت الأبيض أن الادارة الأمريكية لم تتأكد من أن عملية «إسرائيل» باجتياح شرق رفح هي «عملية واسعة»، وبالتالي يترك لنا البيت الأبيض استنتاج قبوله بما يجري، باعتباره «عملية محدودة» على حد زعمه، ويبدو أن الإدارة الأمريكية عندما أعلنت أنها ضد عملية واسعة في رفح، أفهمت «إسرائيل» أنها يمكن أن تقبل بعمليات محدودة عديدة بدل العملية الواسعة، ويبدو أن تجزئة العملية الواسعة إلى عمليات محدودة هي الفتوى ‏الأمريكية، التي قادت نتنياهو إلى تقسيم رفح إلى مربعات يجري اجتياحها تباعاً ويتم قضمها شيئاً فشيئاً.
‏اجتياح شرق رفح كبداية يعني اجتياح بقيتها تباعاً ربما يؤدي إلى موت الرهائن الإسرائيليين، والظاهر أن نتنياهو وعصابته يتمنون ذلك ليتخلصوا من قيد تقيدهم به المقاومة، وليطلقوا لنازيتهم الصهيونية عنان همجيتها الإجرامية ضد الفلسطينيين، الأمر الذي يعتبر بمثابة زرع للمقاومة في كل الأجيال الفلسطينية طالعة، وخاصة هؤلاء الشباب والفتيان والأطفال الذين ‏يعيشون وعاشوا تحت القصف والقتل والتفجير والتشريد والجوع والعطش منذ أكثر من سبعة أشهر، «إسرائيل» تزرع بذور فنائها بجرائمها التي تزهر أجيالاً من المقاومة تجبرها على دفع الثمن من أمنها ووجودها وبقائها واستمراريتها.
‏يبدو أن العمي الصهيوني يأخذ «إسرائيل» إلى حتفها، لأن لا أمن ولا استقرار ولا بقاء لها إلا بالاعتراف بالحقوق الوطنية للشعب الفلسطيني، المتمثلة في دولة فلسطينية كاملة السيادة ضمن حدود 67 وعاصمتها القدس الشرقية، أما اعتماد الاجتياح والإبادة والجرائم ضد الإنسانية، فكلها مقدمات فناء هذا الكيان المجرم… أنه الانتحار بالعمى!

قد يعجبك ايضا
آخر الأخبار