الوجود الأمريكي في المنطقة أمام منعطف حاسم.. عوامل تثقيل للهزيمة وكسر مباشر للخطوط الحمراء
دمشق – هبا علي أحمد:
يرتفع مؤشر عداد الهزيمة الأمريكية في المنطقة سريعاً، وبالتالي بات الوجود الأمريكي مهدداً أكثر من أي وقت مضى، يزيد عليه ما يُحكى ويُسرب حول بحث واشنطن خطة للانسحاب من الأراضي السورية، مع بدء الاجتماعات التمهيدية للاتفاق على جدول زمني لانسحاب القوات الأميركية من العراق، إلى جانب جبهة اليمن بعدما باتت السفن الأمريكية في البحر الأحمر بنك أهداف لليمنيين، على أن ما أثقل كاهل واشنطن مؤخراً الضربة التي استهدف قاعدة لقواتها شمال شرق الأردن، في مؤشر واضح على تثقيل هزائم واشنطن التي تلازمها هذه الأيام مقولة “لا نريد الحرب ولا نسعى للتصعيد”، ما دفع مراقبين للتساؤل حول إذا كانت تلك التصريحات مناورة أمريكية، أم إقراراً غير مباشر بالهزيمة والإنهاك.
– نقطة تحول
ربما الأسوأ بالنسبة لواشنطن وإن لم تُقر بذلك أن الحال الذي وصلت إليه اليوم نتيجة مباشرة لدعمها المفتوح واللامحدود للعدوان الصهيوني على قطاع غزة مع اقتراب دخوله الشهر الخامس، ويمكن القول إن العدوان نقطة التحول والمنعطف الحاسم في موضوع الوجود الأمريكي في المنطقة، فضربات المقاومة سواء من اليمن أو العراق أو سورية مزدوجة، أي تأتي رداً على العدوان على غزة، ورداً على الدعم الأمريكي له ومن الطبيعي أن تُستهدف القوات الأمريكية أينما حلّت، وضربة الأردن التي أسفرت عن مقتل 3 جنود أمريكيين وإصابة 40 آخرين تأتي في السياق ذاته.
العدوان الصهيوني على غزة نقطة التحول والمنعطف الحاسم في موضوع الوجود الأمريكي في المنطقة
– إصابة الهيبة الأمريكية
مهما تكن أسباب واشنطن الكامنة خلف تصريحاتها من حيث إنها لا تريد الحرب ولا التصعيد، وسواء أنها مناورة، أو بسبب الإنهاك والهزيمة، وحتى لا نجافي الحقيقة فإن واشنطن لن تُسلم وتستسلم بسهولة وببساطة ولاسيما مع اختلال الميزان والتوازن الدوليين في غير مصلحتها ولمصلحة القوى الأخرى مثل روسيا والصين وإيران على وجه الخصوص، وبالتالي أن التسليم بالهزيمة بمختلف وجوهها العسكرية والسياسية على وجه التحديد من الصعب أن تتحمله أو تتقبله أمريكا، لكن ما سبق ذكره لا يمنع من رؤية الصورة التالية وهي أن الولايات المتحدة أصيبت إصابة مباشرة ودقيقة إن جاز التعبير في هيبتها التي توفرها لها عوامل الهيمنة والسطوة والسيطرة إلى جانب نهب الثروات، وزاد في مقتلها أن هزيمتها على مرأى من العالم، وبالتالي لا تعلم ما هي فاعلة حيال ذلك، ولا تملك اليوم إلّا لازمة التصريحات أو ربما احتواء الموقف إلى حينٍ من الوقت، كان لافتاً ما صرّح به المتحدث باسم مجلس الأمن القومي في البيت الأبيض، جون كيربي:«إنّ الولايات المتحدة الأميركية لا تسعى للتصعيد، ولا تتطلّع إلى الحرب مع إيران».. هذا التصريح يأتي على اعتبار أن واشنطن تدّعي مسؤولية إيران عن استهداف القوات الأمريكية في الأردن، و ربما يندرج في سياق المحاولات الأمريكية لاحتواء الموقف والصدمة التي أصيب بها من جراء نتائج الضربة، فيما هي تحصي الضربات التي تتعرض لها من العراق وسورية.
الولايات المتحدة أصيبت مباشرة في هيبتها التي توفرها لها عوامل الهيمنة والسطوة والسيطرة إلى جانب نهب الثروات.. وزاد في مقتلها أن هزيمتها على مرأى من العالم
– ثوانٍ معدودة للقرار
تفاقم جبهة اليمن /البحر الأحمر العبء على الولايات المتحدة وتتجاوز «خطوطها الحمراء» ما يدخل في سياق تثقيل الهزيمة الأمريكية، ولاسيما أنه لم يسبق لأحد أن استهدف السفن التجارية أو سفناً تابعة للبحرية الأميركية بصواريخ باليستية، لكن اليمنيين كسروا القاعدة وتخطوا «الخطوط الحمراء» الأمريكية، إذ تحدث قائد الأسطول الأميركي الخامس تشارلز برادفورد كوبر، عن الصواريخ والمسيّرات التي تطلقها القوات المسلحة اليمنية، مشيراً إلى أنه لدى قواته ثوانٍ معدودة لاتخاذ القرار بالتصدي لها، قائلاً: الصواريخ والمسيّرات اليمنية يمكن أن تضرب هدفها خلال 75 ثانية بمجرد إطلاقها، ونحن لا نملك سوى ما بين 9 و15 ثانية لاتخاذ قرار بإسقاط أي صاروخ أو مسيرة.
– لا مفرّ من المجاعة
في هذه الأثناء تتفاعل الجريمة الأمريكية والغربية معاً بوقف تمويل وكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين «أونروا» وهي مكملة ومتماهية تماماً مع جرائم الصهيونية المتوحشة بحق الشعب الفلسطيني عموماً وأبناء قطاع غزة على نحوٍ خاص، إذ قال مقرر الأمم المتحدة الخاص المعني بالحق في الغذاء، مايكل فخري، إنّ المجاعة أصبحت أمراً لا مفرَّ منه في غزة، بعدما أوقفت بعض الدول تمويل وكالة «أونروا»، موضحاً أنّ وقف تقديم الدعم للوكالة يعني ترك 2.2 مليون فلسطيني تحت وطأة الجوع.
اليمنيون كسروا القاعدة وتخطوا «الخطوط الحمراء» ما يدخل في سياق تثقيل هزيمة الولايات المتحدة فلم يسبق لأحد أن استهدف السفن التابعة للبحرية الأميركية بصواريخ باليستية
– التعويض بالاغتيالفشل كيان الاحتلال الإسرائيلي في تحقيق جميع أهداف عدوانه، يدفعه إلى تعويض ذلك بارتكاب مزيد من المجازر وعمليات الاغتيال، إذ استُشهد 3 مقاومين فلسطينيين، وذلك بعميلة اغتيال قامت بها قوة خاصة تابعة للاحتلال في مستشفى ابن سينا في جنين في الضفة الغربية.
ووفق الإعلام الفلسطيني، فإنّ نحو 10 من جنود الاحتلال من أفراد القوة الخاصة الإسرائيلية تنكروا بالزي المدني والطبي، وتسللوا إلى المستشفى واغتالوا الشبان بمسدسات كاتمة للصوت.
إلى ذلك، استشهد أكثر من 20 فلسطينياً، وأصيب العشرات جراء عدوان الاحتلال الإسرائيلي المتواصل لليوم الـ 116 على قطاع غزة المنكوب، كما شن طيران الاحتلال غارات عدة على مدينة رفح جنوب القطاع، فيما قصفت مدفعيته مناطق متفرقة في بيت لاهيا شماله ومحيط مستشفى ناصر ومنطقة بطن السمين وحي الأمل في خان يونس جنوب القطاع، في حين صرّحت وزارة الصحة الفلسطينية أن الاحتلال الإسرائيلي يشدد حصاره على مجمع ناصر الطبي في خان يونس جنوب قطاع غزة للأسبوع الثاني ويضع 150 من الكوادر الطبية و 450 جريحاً و3000 نازح في دائرة الاستهداف.