المؤتمر السوري- الروسي الإعلامي الأول يدعو للتأسيس لتعاون إقليمي ودولي أوسع في مواجهة منظومة الهيمنة الغربية على الإعلام
تشرين – هبا علي أحمد:
في إطار الجهود السورية-الروسية لتعزيز التعاون الإعلامي بين البلدين وتشكيل نقلة نوعية في سياق التعاون الإعلامي ولاسيما في ظل التحديات، واصل المؤتمر السوري- الروسي الإعلامي الأول الذي يقيمه المركز الثقافي الروسي، بالتعاون مع وزارة الإعلام وبالشراكة مع مؤسسة التعاون السوري- الروسي والرابطة السورية لخريجي الجامعات الروسية، أعماله لليوم الثاني والأخير.
وناقش المؤتمر الذي يعقد تحت عنوان “سلطة الإعلام وتأثيره على الرأي العام” على مدرج المركز الثقافي الروسي في دمشق في يومه الثاني والأخير، محاور عدة، دبلوماسية الإعلام، العلاقة بين الإعلامين السوري والروسي ماله وماعليه، إطلالة الإعلام الروسي على الواقع العربي، والحضور العربي في الإعلام الروسي (المحلي والدولي)، وأجمع المشاركون على ضرورة إيجاد نواة إعلامية فاعلة وحقيقية بين الإعلام في كل من روسيا وسورية والانطلاق إلى الشراكة الحقيقية وتفعيل العمى في هذا السياق.
وقال مدير المعهد الدبلوماسي في وزارة الخارجية، السفير الدكتور عماد مصطفى: يأتي هذا المؤتمر في لحظة مناسبة جداً، أكثر من أي وقت مضى، مضيفاً: لابد للمؤسستين الإعلاميتين الوطنيتين السورية والروسية أن تتعاونا سوية في ظل التحديات الكبرى والتشويه الإعلامي الذي تتعرض له كل من دمشق وموسكو، وسيكون من المفيد أن نحول التعاون القائم حالياً إلى مؤسسة تبني إلى الأمام وتساعد الإعلاميين السوريين والروس والدول الأخرى والصديقة المحبة للسلام والعدالة والراغبة بالتخلص من الهيمنة الأمريكية والصهيوني على العالم الإعلامي، وبالتالي يمكن تجاوز العقبات التي نواجهها في عملنا الإعلامي.
السفير مصطفى: تفاعل بعثاتنا الدبلوماسية في الخارج مع الإعلام أمر حيوي لخدمة مصالحنا
وعن أهمية محور دبلوماسية الإعلام، تابع مصطفى: الدبلوماسية والإعلام متلازمان.. هذا المحور غاية في الأهمية، ولا سيما أن البعثات الدبلوماسية السورية في الخارج تلعب دوراً مهماً في توضيح الصورة وشرح السياسات السورية وشرح ما تعرض له الوضع من حرب إرهابية مدمرة، مبيناً أنه لا يمكن أن يتم هذا إلا بمستويات عالية جداً من الأداء الإعلامي لبعثاتنا الدبلوماسية في الخارج، لافتاً إلى أهمية تدريب وتأهيل الدبلوماسيين على الأداء الإعلامي وتنشيط التفاعل الإعلامي لبعثاتنا الدبلوماسية في الخارج مع وسائل الإعلام المحلية والإقليمية والدولية، وهذا أمر حيوي لخدمة المصالح الحيوية للجمهورية العربية السورية.
وأشار السفير مصطفى إلى أنه في عالمنا المعاصر إذا لم يكن الدبلوماسي قادراً على طرح أفكاره وحججه ومواقف بلده فهذا يعني أنه لن ينجح في الدفاع عن القضايا التي يناصرها وعن سياسات ومواقف بلده.
من جهته، دعا رئيس المركز الثقافي الروسي الدكتور نيكولا سوخوف إلى ضرورة التفكير بطريقة وأسلوب لتبادل المواد الإعلامية التحليلية بين الجانبين الروسي والسوري وتطوير التعاون الملحوظ بين المؤسسات الإعلامية، لافتاً إلى تواصل المركز مع مجموعة العمل الروسية الإعلامية روسيا اليوم وسبوتنيك لوضع خطة لاحتفالات ونشاطات بمناسبة مرور ٨٠ عاماً لتأسيس العلاقات الدبلوماسية السورية- الروسية.
المشاركون: الانتقال من التعاون الإعلامي إلى الشراكة الحقيقية
بدوره، تساءل المستشار علي الأحمد، رئيس رابطة خريجي الجامعات الروسية، حول ما يجب فعله بين المؤتمرات، ما بين ورشات العمل؟ لافتاً إلى وجود نقص في الفعل وهذا واقع لا يمكن إنكاره، داعياً إلى وجود مجموعة عمل مسؤولة مرتبطة برأس هرم المؤسسات المعنية وصاحبة صلاحيات ليكون هناك عمل دؤوب بين المؤتمرات وصولا إلى التحضير للمؤتمر اللاحق، وأن تُحاسب هذه المجموعة غير ذلك لن ننتقل من إطار التعاون والتدريب والبرامج إلى الشراكة الحقيقية.
وخلال مشاركته في المؤتمر عبر خاصية الفيديو أشار أكثم سليمان من ألمانيا، خبير في تحليل الخطاب الإعلامي وفي العلوم السياسية، إلى نظرية المنظومة وتطبيقها على العمل الإعلامي ولاسيما في سياق العلاقات الإعلامية السورية- الروسية، لافتاً إلى ما حققه الإعلام الروسي من اختراقات هائلة على مستوى المنظومة الغربية السائدة في هذا العالم خاصة فيما يتعلق بأوكرانيا وسورية والعدوان الإسرائيلي على غزة.
وأشار سليمان إلى الحاجة لمنظومة تعاون روسي- سوري وليس فقط إجراءات مؤقتة، كما لفت إلى قضية المضمون الإعلامي وضرورة ربطه بمنظومة متكاملة من مراكز الأبحاث إلى مراكز تدريب الصحفيين إلى منظومة اقتصادية، منوهاً إلى الحاجة إلى التداول الإعلامي بغير الدولار بمعنى ألا تكون الرؤية الغربية ومنظومتها ومؤسستها هي المسيطرة، ولاسيما أننا لا نتحدث فقط عن منظومة اقتصادية، بل أيضاً عن منظومة قيمية في مواجهة الليبرالية الغربية الحديثة.
كما استعرض عدد من الإعلاميين الروس عبر تقنية الفيديو تجاربهم في تغطية الأحداث ومواجهة التحديات التي تعترض الكوادر الصحفية وسبل تطوير أفق التعاون مع وسائل الإعلام السورية، وإمكانية تعزيزه من مختلف النواحي وفق برامج منظمة وممنهجة.
وفي تصريح لـ”تشرين”، قال الإعلامي حسين الإبراهيم: أهمية المؤتمر تنطلق من أنه يجمع الإعلاميين على خط واحد هو خط تطوير العمل الإعلامي في ظل ما نعانيه من مشاكل يومية واستراتيجية في مجال تطوير الواقع الإعلامي، تبدأ بالإمكانات المتوفرة لدينا كصحفيين ومؤسسات ولاتنتهي في التعامل مع التقنيات الحديثة، فوجود مؤتمرات من هذا النوع من شأنه أن يضع صيغ عمل جديدة قادرة على إنقاذ الصحفي من مطبات العمل، لافتاً إلى أن الخروج من المؤتمر بنتائج إيجابية يتطلب تحويل المؤتمر إلى صيغة تعاون متكاملة نحقق بها التطلعات المستقبلية.
بدوره، قال رئيس قسم الإعلام الإلكتروني في كلية الإعلام، الدكتور أحمد علي شعراوي: يعتبر المؤتمر حلقة نقاش وعصف ذهني أساسي لجانبين الأساسين، الأول عنوان المؤتمر سلطة الإعلام وتأثيره على الرأي العام” ولاسيما أن الإعلام أصبح نمط حياة حقيقية للناس وأن يسيطر على وسائل الإعلام الغربية مؤسسات معادية لأفكارنا ومجتمعاتنا تسعى لتدمير المجتمع، لذلك يأتي هذا المؤتمر لوضع آليات للعمل في مجال مجابهة هذه الوسائل، والثاني: يأتي هذا المؤتمر لوضع خطة عمل إعلامية بين الجانبين السوري والروسي في الجانبين المهني والتقني.
وخلص المؤتمر إلى عدد من التوصيات، من بينها: تشكيل نقطة بداية التعاون المؤسساتي بين الجانبين الروسي والسوري على أن يأخذ بالاعتبار الأبعاد التاريخية والسياسية والثقافية بين البلدين ببعدهما القيمي والحضاري، وأن يكون التعاون الثنائي مؤسساً لفضاء تعاون إقليمي ودولي أوسع في مواجهة منظومة الهيمنة الغربية على الإعلام، إلى جانب تشكيل مجموعة عمل مشتركة سورية ـ روسية تتولى مهمة وضع منهجية متكاملة للتعاون المشترك، إضافة إلى التعاون في مجال الذكاء الصنعي بما يساهم في مواكبة إعلاميي البلدين للتطورات المستجدة في العالم، التعاون في مجال التدريب والتأهيل والاستفادة من التجارب الإعلامية لكلا البلدين، التعاون بين وسائل إعلام البلدين بما يتعلق بمصادر الخبر والمحتوى الإعلامي والتبادل البرامجي ولاسيما في القضايا التي تهم البلدين، والانتقال من التعاون الإعلامي إلى الشراكة الاستراتيجية.
وكرّم المؤتمر وزير الإعلام الدكتور بطرس الحلاق، وعدداً من الإعلاميين، لجهودهم المبذولة في المجال الإعلامي، كما تخلل المؤتمر عدد من الرؤى والطروحات والتساؤلات من قبل الزملاء الإعلاميين.