أمام قمة حركة عدم الانحياز.. صباغ يدعو لتعزيز التعاون بين دول الحركة لاستعادة دورها الحيوي على الساحة الدولية
أكد نائب وزير الخارجية والمغتربين بسام صباغ أن التحديات الكبيرة الماثلة أمام بلدان حركة عدم الانحياز كبيرة وخطيرة، تستدعي انطلاقة متجددة للحركة، تعزز من التعاون فيما بينها وتستعيد دورها التاريخي والحيوي على الساحة الدولية، تلبية لتطلعات شعوبها في التخلص من كل أشكال الهيمنة الغربية، والقضاء على خطر الإرهاب، وتحقيق أهداف التنمية المستدامة.
وجدد صباغ في كلمة أمام القمة الـ 19 لرؤساء وقادة بلدان حركة عدم الانحياز، المنعقدة في العاصمة الأوغندية كامبالا، تأكيد سورية ضرورة إصلاح المؤسسات الدولية، بما في ذلك مجلس الأمن، وانخراط أعضاء الحركة في هذه العملية بحيث تتم مراعاة التوازنات الدولية الجديدة وضمان التمثيل الجغرافي العادل لجميع الدول الأعضاء.
وأشار صباغ إلى أن المنطقة العربية تشهد فصلاً جديداً من أعمال العدوان التي دأبت “إسرائيل” على ارتكابها على مدى عقود بحق أهلنا في الأراضي العربية المحتلة، داعياً الأمم المتحدة وبشكل خاص مجلس الأمن إلى تحمل مسؤولياته، والتحرك لإلزام كيان الاحتلال بوقف آلة القتل بحق الفلسطينيين.
وقال صباغ: يشهد عالمنا اليوم تحديات كبيرة وخطيرة تلقي بآثارها المباشرة على أمن ورفاه شعوبنا وعلى القيم والمبادئ التي قامت عليها حركتنا، لا بل إنها تهدد حتى ركائز العمل الدولي متعدد الأطراف، وفي صلبها مبادئ ومقاصد ميثاق الأمم المتحدة، حيث تحاول بعض الدول تقويضها والاستعاضة عنها بما يسمى “النظام القائم على القواعد” الذي لا يعرف أحد ماهيته.
وأوضح أن جسامة تلك التحديات، وما يرافقها من أعمال العدوان المباشر وانتهاكات القانون الدولي، ومساعي تغليب قانون القوة على قوة القانون، تستدعي انطلاقة متجددة لحركة عدم الانحياز، ترسي زخماً قوياً لعملنا المشترك، يضمن منح الحقوق للشعوب المظلومة، وينهي حالة التهميش التي تطول الدول النامية، ويضع حداً للاحتلال الأجنبي وجرائم الاستعمار، ويحول دون حرف المنظمات الدولية عن ولاياتها واستخدامها لاستهداف دول بعينها وزعزعة أمنها واستقرارها.
وأضاف: إن دول حركتنا اليوم بحاجة لتعزيز التعاون فيما بينها، واستعادة دورها التاريخي والحيوي على الساحة الدولية، وإعلاء مبادئ مؤتمر باندونغ لعام 1955 وتلبية تطلعات شعوبها في التخلص من كل أشكال الهيمنة الغربية، والقضاء على خطر الإرهاب، وتحقيق أهداف التنمية المستدامة والرخاء المنشود الذي أكد عليه شعار مؤتمر القمة هذا، والعمل من أجل عالم أكثر أمناً يسوده السلام، والعدالة، والتضامن، والتعاون.
وقال صباغ: تشدد الجمهورية العربية السورية على ضرورة إصلاح المؤسسات الدولية، بما في ذلك مجلس الأمن، وانخراط أعضاء الحركة في هذه العملية بحيث تتم مراعاة التوازنات الدولية الجديدة وضمان التمثيل الجغرافي العادل لجميع الدول الأعضاء، إلى جانب مراجعة آليات العمل فيها، بما يضمن احترام ميثاق الأمم المتحدة في الحفاظ على سيادة الدول واستقلالها ووحدة وسلامة أراضيها، والمساواة فيما بينها، وعدم التدخل في شؤونها الداخلية، والامتناع عن استخدام القوة أو التهديد باستخدامها، وليس كما هو الحال مع بعض الدول الغربية -وخاصة الولايات المتحدة الأمريكية- التي تقوم باستخدام القوة حيثما تريد، وبالطريقة التي تريد، في استهتار واضح بأحكام القانون الدولي.
ولفت صباغ إلى أن هذه القمة تنعقد ومنطقتنا العربية تشهد فصلاً جديداً من أعمال العدوان التي دأبت “إسرائيل” على ارتكابها على مدى عقود بحق أهلنا في الأراضي العربية المحتلة في فلسطين، والجولان السوري، وجنوب لبنان.
وقال: على مدى المئة يوم ونيف الماضية ارتكبت قوات الاحتلال الإسرائيلي أبشع جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية بحق الشعب الفلسطيني في قطاع غزة، مستخدمة شتى أنواع الأسلحة بما فيها الأسلحة المحرمة دولياً، في جريمة إبادة جماعية أدت إلى استشهاد وجرح عشرات الآلاف من المدنيين الفلسطينيين، أغلبيتهم من النساء والأطفال، وإحداث دمار هائل متعمد في الممتلكات العامة والخاصة، والتسبب بنزوح ما يقارب مليوني فلسطيني.
وأكد صباغ أن سورية إذ تدين بأشد العبارات هذا العدوان الهمجي الإسرائيلي على الشعب الفلسطيني، والدعم الأعمى واللامحدود الذي توفره الإدارة الأمريكية لسلطات الاحتلال، بما في ذلك مظلة الحصانة والإفلات من العقاب، فإنها تطالب الأمم المتحدة -وبشكل خاص مجلس الأمن- بتحمل مسؤولياته، والتحرك على نحو جاد وفعال، بما يتناسب مع فظاعة ما تقوم به “إسرائيل” القوة القائمة بالاحتلال، لإلزامها بوقف آلة القتل بحق الفلسطينيين، وفك الحصار المفروض على قطاع غزة وضمان إيصال المساعدات الإنسانية للفلسطينيين، ورفض كل محاولات التهجير القسري لهم.
ولفت صباغ إلى أن سورية تجدد دعمها الخطوة المهمة التي اتخذتها جمهورية جنوب أفريقيا لمقاضاة “إسرائيل” بجرم الإبادة الجماعية أمام محكمة العدل الدولية، وتؤكد وقوفها إلى جانب الشعب الفلسطيني ودعمها لحصوله على حقوقه المشروعة وغير القابلة للتصرف وإقامة دولته الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس، والحصول على العضوية الكاملة في الأمم المتحدة.
وقال نائب وزير الخارجية والمغتربين: تعرب سورية عن تقديرها لدعم بلدان الحركة حقها الثابت والراسخ في إنهاء الاحتلال الإسرائيلي للجولان العربي السوري المحتل، واستعادته كاملاً حتى خط الرابع من حزيران لعام 1967، ورفض كل الإجراءات الإسرائيلية الهادفة لتغيير وضعه القانوني والجغرافي والديمغرافي كأرض سورية محتلة، في انتهاك صريح لقرارات الأمم المتحدة ذات الصلة، وفي مقدمتها القرارات (242) و(338) و(497).
وأكد صباغ أن سورية تتطلع لمواصلة بلدان الحركة بدعمها أيضاً في منع أعمال العدوان الإسرائيلي المتكررة على أراضيها، وكان آخرها العدوان الذي وقع صباح اليوم والذي استهدف مبنىً سكنياً في العاصمة دمشق، كما تتطلع إلى دعم بلدان الحركة لإنهاء الوجود اللاشرعي للقوات العسكرية الأمريكية والتركية على أراضيها، ووقف قيام تلك القوات بدعم التنظيمات الإرهابية والميليشيات الانفصالية.
وقال صباغ: لقد خلفت التدابير القسرية الانفرادية اللاشرعية التي تفرضها الولايات المتحدة الأمريكية والاتحاد الأوروبي على الشعب السوري معاناة إنسانية كبيرة، ولهذا تشيد سورية بمساندة دول الحركة في المطالبة بالرفع الفوري والكامل وغير المشروط لتلك التدابير اللاإنسانية، في هذا الصدد تعرب سورية عن تضامنها مع جميع الشعوب -وفي مقدمتها شعب كوبا- في مواجهة التدخلات الأمريكية في شؤونها الداخلية، والتدابير القسرية اللاقانونية واللاأخلاقية المفروضة عليها، والتي تمثل انتهاكاً صارخاً للقانون الدولي وميثاق الأمم المتحدة، وعقاباً جماعياً للشعوب يتعارض مع قيم حقوق الإنسان.
وأكد صباغ في ختام كلمته أن سورية تقدر مساندة الحركة لجهود الدولة السورية في مكافحة الإرهاب، واستعادة الأمن والاستقرار، وإعادة بناء المنجزات التنموية التي حققتها خلال العقود الماضية والتي تم تخريبها بفعل الأدوات الإرهابية، وهي تتطلع إلى دعم بلدان الحركة جهودها في التعافي، وإعادة الإعمار، والوفاء بتحقيق أهداف التنمية المستدامة، بما يساعد في تعزيز صمود السوريين وعودة اللاجئين والمهجرين إلى مناطقهم.