نقص الموارد وشحها أمر يجب أن يكون قد اعتدنا عليه، لا بل أصبح أحد الأمور الأساسية الواجب أخذها بعين الاعتبار في خططنا الاقتصادية والاجتماعية بعد قرابة عقد ونصف من الإرهاب والحرب على بلدنا.
لكن ورغم هذا الأمر، إلا أن آليات العمل واتخاذ القرارات ما زالت في أغلب مكوناتها تسير وفق عقلية ما قبل الحرب، من بطء وروتين وغياب الخطط الفعالة التي يجب أن تستبق الأحداث، هذا إضافة إلى أمر نكتشف يوماً بعد يوم أنه موجود في معظم مفاصل عمل إنتاجنا وخدماتنا.
الهدر في مدخلات الإنتاج وعدم الاستثمار الأمثل للكوادر البشرية المتاحة، يضيّعان علينا مبالغ هائلة كانت ستسهم في حلحلة الكثير من قضايانا الاقتصادية والاجتماعية، والأمر ليس حكراً على شركات ومؤسسات القطاع العام، بل موجود أيضاً في القطاع الخاص.
وزارة الصناعة من خلال إجراء بسيط وفرت في معمل إسمنت حماة أكثر من أربعة مليارات ليرة خلال أقل من شهرين، وهذا الإجراء لم يكن سحراً أو باستثمار آلات جديدة أو تغيير خطوط الإنتاج، بل اقتصر على قراءة الكتيبات المرفقة بخط إنتاج الكلينكر، وتطبيق المعايير الموجودة منذ عشرات السنين، لكن لم تتم قراءتها وبقي الاعتماد على الجهات الخارجية في إصلاح الأعطال أو تطوير بعض مكونات الإنتاج.
هذا يكشف الوجه الآخر للهدر المتمثل في عدم تفعيل الكوادر البشرية ضمن اختصاصاتها، وجميعنا يعلم أو يسمع بأن العمال أو الفنيين في جهاتنا الإنتاجية أهم من المهندسين أو الاختصاصيين الذين يوصفون بأنهم “يتبروظون” على مكاتبهم ولا يعلمون ما يجري في خطوط الإنتاج أو مكاتب الخدمات، حتى إن الكثير من حملة الشهادات العليا يعلنون ندمهم على إضاعة سنوات طويلة في دراساتهم.
وهذا يشير إلى خلل كبير في عملية إدارة مواردنا البشرية واستثمارها، ويسبب عثرات كبيرة في مجريات العمل ويضيع الفرص ويشتت الموارد، وتالياً فإنه من البدهيات اليوم أن نضع خارطة لهذه الموارد وتوصيف مراكز العمل وفقاً لأحدث طرق إدارة الإنتاج والاقتصاد.
باسم المحمد
70 المشاركات