لقاء أفعال ونتائج.. صناعيو حلب يجددون الإصرار على مطالبهم.. والجواب تقديم التسهيلات المطلوبة لإعادة العاصمة الاقتصادية

حلب_رحاب الإبراهيم
لم يجلس وزراء الوفد الوزاري القادم إلى مدينة حلب من أجل إعادة نشاطها الصناعي وتدوير عجلة الإنتاج، على كراسيهم في اجتماعهم الثاني مع الصناعيين حتى انقطعت الكهرباء أكثر من مرة، وسط تصفيق الصناعيين، الذين وجدوا في هذه “اللقطة” دليلاً واقعياً على حال الكهرباء في العاصمة الاقتصادية، التي لا تأتي الكهرباء فيها سوى ساعتين للمناطق السكنية مع انخفاضها للمناطق الصناعية من 12 ساعة إلى 4 ساعات تنقطع بصورة متكررة، ما أثر في واقع الإنتاج في هذه المناطق، التي ارتفع صوت صناعييها عالياً بغية إيجاد حل لمشكلة الكهرباء والمعاملة بالمثل مع المناطق الصناعية في المحافظات الأخرى، وخاصة أن هذا الواقع الصعب تسبب بإغلاق منشآت عديدة اضطر أصحابها للعمل في مهن أخرى لتأمين معيشتهم، ولا سيما أن الهموم لا تقتصر على الكهرباء فقط، فالضرائب المفروضة على الصناعيين، مع أن الإنتاج في حدوده الدنيا، تشكل عقبة كبيرة، علماً أن البعض أغلق منشأته، لكن رغم ذلك لم يسلم من الضرائب، إضافة إلى الدوريات الجمركية، التي «تسرح وتمرح» حسب قول بعض الصناعيين في المناطق الصناعية من دون قدرة على رد تجاوزاتهم، مع مطالبات أخرى بتأمين مستلزمات الإنتاج الأساسية وتقديم الخدمات اللازمة لتمكين الصناعيين من الإنتاج ورفع طاقة معاملهم الإنتاجية.
لقاء أفعال
الوزراء الثلاثة تحدثوا تباعاً عن أهمية مدينة حلب ومكانتها الاقتصادية التي يفترض أن تعود إلى سابق عهدها من أجل تحسين الواقع الاقتصادي والمعيشي، فاليوم يفترض الاعتماد على الذات وإيجاد القطاعات التي يمكن الارتكاز عليها من أجل تحقيق هذه الغاية، وهنا تحدث وزير الاقتصاد الدكتور محمد سامر الخليل عن أسباب الواقع الاقتصادي الذي شهد تراجعاً واضحاً خلال الفترة الماضية، مشيراً إلى أن لقاء الوفد الوزاري مع الصناعيين سيكون لقاء أفعال ونتائج تنعكس بالإيجاب على العاصمة الاقتصادية، فالصناعيون تحدثوا بصراحة عن مشكلاتهم بغية إيجاد حلول لمعالجتها والنهوض بالصناعة في حلب، وهذه الهموم ستكون موضع اهتمام من الحكومة، التي سيوضع على طاولتها كل ما يطرح وستتم مناقشته مع اللجنة الاقتصادية لاتخاذ قرارات تخدم القطاع الصناعي.

الخليل: الحكومة تعكف على دراسة وتعديل بعض القوانين والمراسيم التي ستترك ارتياحاً في الشارع والقطاع الاقتصادي

وبيّن وزير الاقتصاد أن الحكومة تعكف على دراسة وتعديل بعض القوانين والمراسيم التي ستترك ارتياحاً في الشارع والقطاع الاقتصادي، أهمها مرسوم التعامل مع القطع الأجنبي وأيضاً قانون حماية المستهلك رقم 8 المتعلق بالعقوبات المشددة بما فيها السجن، مشيراً إلى دراسة مشروع يتعلق بدعم الصادرات على نحو يخفف من التكاليف على الصناعيين ويعزز تنافسية المنتج المحلي في الأسواق الخارجية، إضافة إلى برنامج دعم أسعار الفائدة بـ7%، علماً أن مدينة حلب حينما صدر هذا القرار تميزت عن غيرها بمنح أي منشأة متضررة تأخذ قرض دعم بـ7%، فإذا كانت الفائدة مثلاً 14% تتحمل الدولة 7% من هذه الفوائد، مع الجهوزية العالية لتطوير هذا البرنامج عبر فتح سقف القروض الإنتاجية.
وأشار إلى ضرورة الإسراع في تحويل منطقة الليرمون إلى منطقة تنموية، مع العمل على تأمين كل الخدمات المطلوبة للمدينة الصناعية في الشيخ نجار، وعرج وزير الاقتصاد إلى الأسباب التي دفعت الحكومة إلى الاعتماد على المنصة في تمويل المستوردات واحتياجات الصناعة، مؤكداً أنه لا يوجد أحد سعيد بتأخير تمويل مستلزمات الصناعة، لكن الظرف الاقتصادي الصعب فرض التعامل بهذه الآلية.

جوخدار: إيجاد استثمارات جديدة في المجال الصناعي بغية إيجاد واقع اقتصادي أفضل

التكامل

وزير الصناعة عبد القادر جوخدار أكد أهمية التشاركية والتكامل بين الحكومة والقطاع الخاص من أجل إيجاد رؤية متكاملة لإعادة النشاط الصناعي في مدينة حلب والعمل على تطوير المناطق والمدن الصناعية، داعياً إلى خلق استثمارات جديدة في المجال الصناعي بغية إيجاد واقع اقتصادي أفضل
وأوضح الوزير جوخدار أن كمية الأقطان التي يتم إنتاجها محلياً تبلغ ١٦ ألف طن، سيتم توزيعها إلى المحالج بغية تزويد منشآت القطاع العام والخاص أيضاً بنسبة منها.
الإنتاج في خطر
في السياق ذاته بدأ وزير المالية الدكتور كنان ياغي مداخلته بتأكيد أن العمل بالمنصة جاء بسبب نقص الإيرادات من القطع الأجنبي مقابل الاحتياجات الكثيرة، لذا تساءلت الحكومة هل المهم تثبيت سعر الصرف أم الإنتاج، حيث اعتبرنا في البداية أنه من المهم تثبيت سعر الصرف، لكن بالمقابل دعم الصناعة من أهم أولويات الحكومة، لكن عندما تضيّق عمل المنصة ارتفع سعر الصرف وأصبح الإنتاج في خطر، لذا حالياً يفترض التركيز علىا لإنتاج وتعزيز الموارد الذاتية فهي الحل الوحيد للنهوض بالواقع الاقتصادي.

وشدد وزير المالية على أهمية مدينة حلب على كل النواحي، ومن هنا صدر عدد من المراسيم من أجل استعادة دورها ومكانتها كالمرسوم رقم 3 الخاص بالمدينة القديمة وإعادة ترميم وإحياء أسواقها، إضافة إلى المرسوم رقم 13 بعد كارثة الزلزال الذي قدم مزايا وإعفاءات كثيرة للمتضررين.
مكافحة التهريب
وفيما يخص العمل الجمركي، اعتبر أن حماية الصناعة الوطنية لا تكون بالمنع والضميمة فقط وإنما بمكافحة التهريب أيضاً، معتبراً أن الدوريات الجمركية ممنوعة من دخول الأسواق إلا بموجب أمر تحر وبمرافقة من الفعاليات الاقتصادية والنقابات المهنية، مشيراً إلى أن العمل على معالجة التشوهات الجمركية جار بعد الانتهاء من إعداد دراسة بشأنها.

ياغي: حالياً يفترض التركيز على الإنتاج وتعزيز الموارد الذاتية فهي الحل الوحيد للنهوض بالواقع الاقتصادي

أما الضرائب، التي أخذت نصيباً من مداخلات الصناعيين، فأكد وزير المالية أن حلب حالياً تساهم بـ9% من الضرائب فقط، في حين تقدم دمشق 40% تقريباً، معتبراً أن الربط الإلكتروني يعد أداة عادلة للتحصيل الضريبي من دون تدخل العنصر البشري، الذي يشكو منه الصناعيون عادة، داعياً إلى استخدامه بحيث يتم تحصيل الضرائب بناء على الأرباح وفي حال كانت المنشأة خاسرة يتم دعمها، مبدياً استعداده لتقديم إعفاءات وتسهيلات للصناعيين من أجل ضمان عودة عجلة الإنتاج وتحديداً لجهة التسهيلات المصرفية، مشيراً إلى أهمية الإدخال المؤقت بحيث يكون الصناعي معفى من تقديم إجازة الاستيراد وغيرها، فإذا كانت لديه عقود مصانعة بإمكانه التصدير فوراً باعتبار أن التصنيع للسوق المحلي غير مربح له في ظل انخفاض القوة الشرائية للمواطن.
التضخم لا يعالج بالركود
فارس الشهابي رئيس غرفة صناعة حلب أكد أن انخفاض مساهمة حلب من الضرائب يؤكد أنها لم تعد “العاصمة الصناعية ” مع أنها كانت قبل الحرب المساهم الأكبر في رفد الخزينة بالوارادت، مبيناً أن السبب وراء ذلك هو عدم الاستجابة لمطالب الصناعيين التي تكررت منذ تحرير مدينة حلب، الأمر الذي أدى إلى وصول حلب إلى هذا الواقع الصعب، مشدداً على أن صناعة حلب رغم كل الصعوبات لا تحتضر، لكنها على بعد خطوة واحدة من غرفة الإنعاش.
واعتبر الشهابي أن التضخم لا يعالج بالركود، بأن تثبيت سعر الصرف أم الإنتاج أهم، فهذه المعالجة هي من أوصلت الإنتاج في حلب إلى وضعه الحالي، حسب قوله، حيث كان بالإمكان سابقاً زيادة الإنتاج مع التحكم في سعر الصرف، لكن اليوم بسبب المعالجة الخاطئة ضاعت الكثير من الفرص وزيادة الإنتاج والتصدير.
ولفت الشهابي إلى أنه بالرغم من كل هذا التأخير، لكن كما يقال أن تأتي متأخراً خير من ألا تأتي أبداً، مطالباً بالإسراع في الاستجابة لمطالب الصناعيين وإنتاج حلول فعلية في ظل إمكانية ذلك، فعلى حد قوله «لا حاجة لإعادة اختراع الدولاب أو الذرة من جديد».

قد يعجبك ايضا
آخر الأخبار