الكيان بين معضلتي «اليوم التالي» و«المرحلة الثالثة»: كيف نخرج من الحفرة؟..

تشرين – هبا علي أحمد:
الوضع على حاله في اليوم الخامس والتسعين من العدوان الإسرائيلي الهمجي المتواصل على قطاع غزة المحاصر.. الاحتلال يُكابر متنقلاً بين مراحل أيّاً ما تكون مسمياتها فهي إجرامية همجية تبحث عن مزيد من الدماء تماماً كما يبحث الأمريكي لكن تحت ستار « التهدئة» وهي مزعومة بطبيعة الحال.. فـ«المرحلة الثالثة» من العدوان التي تمّ الحديث عنها كثير بدأت فعلياً ولم تبدأ في ذات الوقت، وهنا المعضلة الإضافية للكيان الغاصب الذي بدوره دخل في طور جديد من تقاذف الاتهامات والمسؤوليات لتكون حصيلة 95 يوماً من العدوان المزيد من الانقسامات والتجاذبات المهددة للمستقبل السياسي والأمني على وجه الخصوص للكيان، وكل هذه الحصيلة أمام الولايات المتحدة الأمريكية ممثلة بوزير خارجيتها أنتوني بلينكن في زيارته الخامسة للكيان منذ 7 تشرين الأول من العام الماضي، إذ يُصدر أنها زيارة لعدم توسيع الحرب وخفض التصعيد، لكن بالضرورة إنها زيارة مغلفة بأهداف أخرى.

«المرحلة الثالثة» أدخلت الكيان في طور جديد من تقاذف الاتهامات والمسؤوليات لتكون حصيلة 95 يوماً من العدوان المزيد من الانقسامات والتجاذبات

«المرحلة الثالثة وخلافاتها»
المرحلة الثالثة من العدوان الإسرائيلي على غزة تشمل حسب ما أعلنه وزير الحرب لدى كيان الاحتلال يوآف غالانت «خفضاً لمستوى العمليات العسكرية المكثفة والانتقال نحو العمليات الخاصة، لكنها ستكون مرحلة أطول من المرحلتين السابقتين»، ولكن ما إن تمّ الإعلان عن البدء بها حتى اشتعلت الخلافات داخل الكيان الصهيوني إذ يخشى المسؤولون في الكيان من الاستنزاف، وهو إقرار مضاعف بالهزيمة وعدم تحقيق أي منجز، رغم إن العدوان على مشارف يومه المئة، إذ هاجم ما يسمى «وزير الأمن الداخلي» لدى الكيان إيتمار بن غفير، تصريحات غالانت، قائلاً: «إن مجلس الحرب الوزاري المقلص غير مخول باتخاذ قرار حول الانتقال إلى مرحلة جديدة في الحرب بل الحكومة، معللاً ذلك بأن التراجع عن مرحلة الحسم في المعركة لمصلحة حرب استنزاف طويلة يمنع (إسرائيل) من الانتصار»، على حد تعبيره.

في الخلفيات
حول المرحلة الثالثة يرى محللون أن هذه المرحلة من الحرب تهدف لإعادة تموضع جيش الاحتلال في بعض المناطق في قطاع غزة، ومن ضمنها السيطرة على محور فيلادلفيا، ومعبر رفح، والتحكم في حركة الخروج والدخول للمواطنين الفلسطينيين، إضافة إلى الفصل بين شمال جنوب القطاع، مع الاعتماد على تنفيذ عمليات نوعية بين الفينة والأخرى، واستخدام الطيران بشكل أقل عما كان عليه في السابق، وبشكل العام فإن الهدف الأهم من هذه المرحلة الهروب من الهزيمة وتخفيف حجم الخسائر التي تعرض لها الاحتلال في عمق غزة.

واشنطن تحاول أن تنتزع إعلاناً رسمياً إسرائيلياً بالانتقال إلى «المرحلة الثالثة» للإيحاء بأن الحرب في طريقها للانتهاء لمنع استمرار التصعيد في المقابل على جبهة لبنان

«بطلب أمريكي»
رغم إن بلينكن يعمد من خلال زيارته إلى محاولة تخفيف التصعيد إلى جانب التحذير من توسيع الحرب، إلا أنها بالحقيقة محاولة للمرة الألف لإخراج الكيان من مأزق وضبط الميدان وتثبيته بطريقة «تفرغ» الانتصار الذي حققته ولا تزال تحققه المقاومة الفلسطينية إلّا أن الوقائع خلاف ذلك، ويقول محللون: إن واشنطن تحاول أن تنتزع إعلاناً رسمياً إسرائيلياً بالانتقال إلى المرحلة الثالثة في قطاع غزة، وخفض القوات والتصعيد للإيحاء بأن الحرب هناك في طريقها للانتهاء لمنع استمرار التصعيد في المقابل على جبهة لبنان، كما يشير محللون إلى أن المرحلة الثالثة بما تتضمنه هي مطلب أمريكي بحيث تتحقق رغبة الولايات المتحدة في تقليص الكتلة النارية منعاً للحرج، ومن جانب آخر له علاقة بالنقاش الدائر في «تل أبيب» حول اليوم التالي للحرب.

«انفجار الضفة»
في غزة وفي الشمال يغرق العدو ولا يستطيع معرفة جهات الضربة الموجهة له، وبينما يعمد إلى احتواء الموقف عبر تصريحات تدل على عمق المخاوف وعمق المأزق، بدأت تحذيرات إضافية حول مأزق قادم من الضفة لن يكون أقل حدّة من غزة والشمال والجنوب، إذ أشارت وسائل إعلام العدو إلى أن المستوى العسكري الإسرائيلي لدى الاحتلال يحذّر من أنّ الضفة على وشك الانفجار، رغم محاولات العدو أن تبقى هادئة، وهذه التحذيرات تعكس تخوّفاً إسرائيلياً من زيادة حدّة المواجهة في الضفة الغربية، إذ يجبر هذا الأمر جيش الاحتلال على تخصيص قوات أكثر لها، فيما يعاني صعوبةً أثناء ازدياد توغّله في غزة، ويتعرّض للاستهدافات المتتالية من قِبل المقاومة اللبنانية حسب مراقبون.

« إسرائيل تقف في القاع»
عنونت صحيفة «يديعوت أحرونوت»، مقالاً على صفحتها الأولى، بـ «ما الذي يحدث لنا.. كيف نخرج من الحفرة التي سقطنا فيها».

«إسرائيل» تقف في القاع.. نتنياهو أعلن أهدافاً لا يمكن تحقيقها وبالتالي حكم عليها بحرب لا نهاية لها

وتحدثت الصحيفة في هذا المقال، عن فشل «إسرائيل» في تحقيق أهدافها المعلنة بشأن العدوان الذي شنّته على قطاع غزّة والمستمر منذ 7 تشرين الأول، كما تحدثت عن عدم استعداد «إسرائيل» لحرب مع حزب الله، ووصفت الوضع بـ«السقوط بالحفرة»، قائلة: «إسرائيل تقف في القاع وتناقش كيف ستقضي على العدو، بيد أنه من غير الواضح كيف نعيد الأسرى، وننهي الحرب، مشيرة إلى أن رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو أعلن أهدافاً لا يمكن تحقيقها، وبالتالي حكم على إسرائيل بحرب لا نهاية لها».
وأوردت «يديعوت أحرونوت» في مقالها، أنّه في 7 تشرين الأول، سقطت «إسرائيل» في حفرة عميقة، ولا يمكن تصور الخسارة والضرر والثمن الذي يجبيه وسيجبيه ذلك اليوم منا في المدى القصير وفي المدى الطويل، لكن بالنسبة للصحيفة، فإنّ السؤال الأهم: كيف نخرج من الحفرة؟.
وشددت على أنّ الحرب لا تغيّر الواقع، بل إنّها تكلّف «إسرائيل» حياة جنودها، ناهيك بأنها غير مستعدة حالياً لفتح جبهة في الشمال.

قد يعجبك ايضا
آخر الأخبار