ثالوث منتج ..؟!

قررتُ عن سابق إصرار وتصميم التفاؤل مع بداية العام الجديد برغم سطوة المؤشرات السلبية، لكن ما شجعني على هذا القرار المحكوم بالأمل، بعض البوادر الإيجابية، حيث فاجأتنا الكهرباء بنورها في ساعات الصباح الباكر في يومه الأول على غير المعتاد في ظل تقنين شديد تعيشه العاصمة الاقتصادية بحيث لا تأتي الكهرباء ساعتين متتاليتين طوال اليوم، فكيف لي تجاهل هذه اللفتة وعدم المبادرة برد الجميل عبر الكف عن “النق” مع حبة تفاؤل، علا عيارها في اليوم الثاني حينما وردني اتصال من زوجي فرحاً وكأنه ربح ورقة اليانصيب الكبرى، ليخبرني أن رسالة المازوت “الذكية” قد جاءت بعد طول انتظار.

ورغم أهمية هاتين “الخدمتين” ولاسيما عند زيادة نسبة الوصل الكهربائي وتوزيع كامل مستحقات مازوت التدفئة وليس الاكتفاء بتوزيع الدفعة الأولى فقط، لكنهما قد لا تبدوان كافيتين لرفع منسوب التفاؤل في ظل استعار موجة الغلاء وعدم بلورة رؤية واضحة لمعالجة الأزمات المتكررة، فإذا رغب المعنيون بالخلاص من “التذمر” الجماعي المحق يفترض إعداد سياسة اقتصادية محددة لتحسين المستوى المعيشي والخدمي، مع وضع المواطنين بالأسباب الموجبة للتردي الحاصل، وخاصة أن الجميع يدرك تأثيرات الحرب والحصار والفساد، فهذا الثلاثي “المفرمل” يقف حجر عثرة أمام أي خطوة للإصلاح الاقتصادي والمعيشي، الذي يتحقق بزيادة إنتاجية المؤسسات العامة عبر ترميم سلم الرواتب والأجور والعمل بنظام المراتب الوظيفية، التي لا يرقّى بها إلّا عند التميز في الأداء والإنتاجية، والنقطة الثانية والأهم تتجلى بتوسيع نطاق المشاريع المتناهية الصغر والصغيرة، المتكاملة مع جزئية دعم إقامة مشاريع استثمارية أياً كان حجمها في القطاع الزراعي والتصنيع الزراعي بغية تحقيق الأمن الغذائي، فالإنتاج أولاً وأخيراً.
نعم هناك صعوبات كثيرة تعترض إنتاج حلول منقذة كما يرغب الجميع، لكن بالمقابل يمتلك اقتصادنا عوامل قوة كالقطاع الزراعي والصناعي والعنصر البشري حتى مع الهجرة الحاصلة، فسورية ولادة دوماً، إذاً يُقابل الثالوث المفرمل آخر منتج يحتاج إلى توظيف فاعل وتعاون كامل جهات القطاعين العام والخاص، وليس الاقتصار على جهة محددة لاستثمار الثروات والإمكانات الكثيرة، فما الذي يمنع إنشاء خلية أزمة تتولى إدارة هذا الشأن المهم، وتشجع المنتجين على العمل كإصدار قرارات تحفز على زراعة كل شبر أرض  أو مد يد العون لكل صناعي يتحدى الظروف ويشغل معمله بطاقات أكبر، فاليوم أن نمسك بيد المنتجين وندعمهم يعد الخيار الأنفع، وهذه خطوة لابدّ من اتخاذها فعلياً في العام الجديد وليس الاكتفاء بترديدها في الاجتماعات.. وقتها سنجد نتائج مثمرة تنعكس بالإيجاب على اقتصادنا المتعب ومعيشة المواطنين، الذين لن يُبدوا تفاؤلاً مثلي فقط وإنما تعاونٌ للخروج من هذا النفق المظلم والوصول إلى برِّ الأمان المعيشي والاقتصادي.

قد يعجبك ايضا
آخر الأخبار