لا يزال قيد التفكير !
هل مرّ على الإنسان زمن منسي كان فيه خارج الذكريات؟! وبعد اشتعال الحلم.. كانت معجزة الخلق.. أضاء ت الحقيقة الرؤية، وملأ الأفق أنغام الحياة.. ومن اتكاء الضعف على الصبر تشكلت القوة.. وصار الإنسان ملكاً يتربّع عرش الحياة.. بيمينه الرحمة وبشماله العذاب .
الحياة تستمر للباقين على صهوتها، ويرحل عنها من انطفأت شمسه وغاب قمره، وبينما ندفن الأحزان والمتاعب نشعر بالفخر والفرح بأن أحصنتنا لا تزال قوية، وأمامنا الكثير لنكتشفه، ويبدأ الخيار الصعب أي طريق نسلكه، طريق القوة أم طريق الضعف؟! وحين نخطو في طريق ما نظنه القوة نجد السيف يقطر دماً، والصراخ والأنين يتردد صداهما وسط ركام الغبار كأن المعارك خلقت للأقوياء لسحق الضعفاء, ويضيق الطريق وتضيع الخطوات.. لكن الفأس الذي أدمن قطع الأشجار لم يعد يميز بين اليابسة والمخضرة، حتى الأشجار المزهرة لا تنجو من بطش الأقوياء حين يصير التكبر واللهاث خلف الألقاب هو الجائزة.. ويتسلل الغروب خلسةً ويصير العمر شاحباً، وفي لحظة نظنها الضعف تكون الحقيقة المؤلمة، الأقوياء يقتلون الحياة ويقتلون بعضهم بعضاً من أجل الألقاب.. ويحصدون بريق الذهب ثم يموتون، ويجدون أنفسهم وجهاً لوجه مع كل زلاتهم ومكرهم وظلمهم.. ويأتي اليقين بأن ذلك الدرب كان الضعف عينه وهو حصادهم .
مع كل شروق تُولد الحياة، وتحمل شعلة الحقيقة لمن يريد أن يبصر أو يسمع وله قلب يعشق الحياة، وعندما يخرج الإنسان من أنانيته يدرك بنور صفاء حدسه طريق القوة، حيث يحسبه الغرور طريق الضعف.. يسير وفي كل خطوة يزرع أملاً يساعد روحاً.. يسقي غرسة، وكلما نظر أمامه وجد رحمته تبني ممالك للحب والحياة، ويصغي إلى ضحكات الأطفال وهم يذهبون للحقول ويزرعون دروعاً للمستقبل ويرسمون وجوهاً ناعمة كريمة تبذل من قلوبها قبل جيوبها.. وحين تتعب الأحصنة يضعون رؤوسهم فوق وسائد الطمأنينة، فهم راضون كل الرضا عما بذلوه كي تستمر الحياة.