حصر التراخيص بمدن صناعية غير موجودة.. المنغصات تكبح جماح التصنيع الزراعي والتوجه الحكومي بانتظار المواكبة على الأرض
تشرين- عمار الصبح:
لم تكد الاستثمارات الصناعية في محافظة درعا وخصوصاً منشآت التصنيع الزراعي، تلتقط أنفاسها بعد سنوات الأزمة العجاف، حتى عادت المنغصات مجدداً لكن بصور وأشكال مختلفة، ما حدّ من رغبة كثير من المستثمرين بإقامة مشاريع صناعية على أرض المحافظة.
صناعيون أكدوا في حديثهم لـ”تشرين” أن عجلة التصنيع في المحافظة ليست على ما يرام خصوصاً بالنسبة للاستثمارات الصناعية الجديدة، والتي منحت تراخيص مؤقتة، فبعد أن استكمل أصحاب هذه المشاريع كل الإجراءات ودفعوا ما عليهم من رسوم مستحقات مالية ليست بالقليلة، وباشرت منشآتهم العمل وبدأت عمليات التصنيع، أتى الوقت الذي انتهى فيه مفعول “المؤقتة” على حدِّ وصفهم، فأصبحت هذه المنشآت مخالفة بحسب القوانين النافذة، وعليه فقد باتت هذه المنشآت محرومة من كل الامتيازات وعرضة للإيقاف، موضحين أن أغلب هذه المنشآت تعمل وقد أثبتت موجوديتها على الأرض، وباتت لها زبائنها وهي ملتزمة بعقود بيع منتجاتها في الأسواق الداخلية والخارجية، فما الذي يمنع من اعتبار هذه المنشآت دائمة أو على الأقل إعطاء أصحابها مهلة إضافية لتسوية أوضاعهم حسب قولهم.
صناعيون ومستثمرون: ملتزمون بعقود بيع منتجاتنا بالأسواق الداخلية والخارجية
وسددنا الرسوم لكن تغيير القرارات يهدد معاملنا بالتوقف
المشكلة الأهم والتي قطعت الطريق أمام البعض من أصحاب الاستثمارات الجديدة، حسب ما يقول صناعيون ومستثمرون، هي صدور البلاغ رقم 10، والذي منع إقامة الاستثمارات الصناعية خارج المدن والمناطق الصناعية، علماً أنه وحسب قولهم لا توجد مدينة صناعية بالمحافظة، فيما لا تزال المناطق الصناعية القائمة غير مكتملة وتعمل بشكل جزئي ومن الصعب إقامة المنشآت الصناعية الكبيرة داخلها، فما العمل، يتساءل كثيرون، علماً أن حجم استثمارات بعض هذه المنشآت يقدر بالمليارات، وقد قطع بعضها أشواطاً متقدمة بإجراءات الترخيص وتسديد الرسوم، حتى جاء البلاغ الأخير ليوقف رحلتها قبل أن تنطلق.
رئيس غرفة صناعة وتجارة درعا المهندس قاسم المسالمة أشار إلى أن بلاغ رئاسة مجلس الوزراء رقم 10 /15 /ب تاريخ 19 /4 /2023، حصر ترخيص المنشآت الصناعية بكل أنواعها وأشكالها ولكافة القطاعات الأخرى – بما في ذلك الصناعات التي تعتمد على المنتجات الزراعية – بالمدن والمناطق الصناعية وداخل المخططات التنظيمية، وهو ما أدى، حسب رأيه إلى عزوف الكثيرين عن التقدم بطلبات ترخيص منشآت جديدة، وأيضاً إلى توقف عشرات المنشآت التي حصل أصحابها على موافقات مبدئية كانت سبقت صدور البلاغ المذكور.
المسالمة: التنفيذ ونقل المنشآت لمدن صناعية غير ممكن حالياً في المحافظة لعدم تجهيز أية مناطق أو مدن
وأوضح المسالمة أن حصر ترخيص المنشآت الصناعية بالمدن والمناطق الصناعية غير ممكن حالياً في المحافظة، حيث لا توجد أي مدينة صناعية فيها، فضلاً عن أن الكثير من المناطق الصناعية لا تزال غير مفعّلة وغير مؤهلة بشكل كامل وهي تعمل بشكل جزئي، إضافة إلى أن المقاسم الموجودة ضمن هذه المناطق صغيرة وهي تناسب المنشآت الحرفية كالحدادة والنجارة وغيرها من الحرف، فيما لا تتسع للمنشآت الصناعية التي تتطلب مساحات أكبر.
ولفت المسالمة إلى ما تتمتع به المحافظة من ميزات نسبية يجب العمل على تعزيزها والبناء عليها، وهي الاستفادة من فائض الإنتاج الزراعي والحيواني وتحقيق قيم مضافة عبر التصنيع، وتشجيع المستثمرين الراغبين بإقامة منشآت التصنيع الزراعي كمعامل الكونسروة ووحدات الخزن والتبريد ومعامل الأجبان والألبان، وهي كلها منشآت يفضل المستثمرون إقامتها إلى جانب المناطق الزراعية لتخفيف أجور النقل، وليس حصرها في مدن صناعية غير موجودة أصلاً أو مناطق صناعية غير مؤهلة، داعياً إلى إعادة النظر بموضوع منح التراخيص وتقديم التسهيلات بل والاستثناءات أيضاً للمستثمرين بما يضمن دوران عجلة التصنيع الزراعي في المحافظة.