ملف «تشرين».. القوانين وحدها غير كافية.. للمجالس المحلية الدور الأكبر للنهوض والارتقاء بمدنها وبلداتها وبلدياتها ولتحسين الواقع الاقتصادي

تشرين- باسم المحمد:
عزز القانون المالي رقم 37 عام 2021 الصلاحيات الواسعة التي أعطاها قانون الإدارة المحلية للمجالس المحلية ومكنتها من تطوير وحداتها الإدارية خدمياً واقتصادياً واجتماعياً وثقافياً وعمرانياً، لأنه ساعد المجالس على رفد موازناتها بإيرادات جديدة تساعدها على تحسين وضعها المالي.
إذ كانت الوحدات الإدارية تحقق إيراداتها قبل صدور القانون المالي من أمورعدة، وعلى سبيل المثال مصدر من أصل الوحدة الإدارية نتيجة الخدمات التي تقدمها مثلاً تزفيت شارع تكون له رسوم عائدة لميزانية المجلس المحلي، كذلك من رسوم رخصة بناء أو غرامة على أي مخالفة أو رسوم من اللوحات الإعلانية… الخ، أما المصدر الثاني فهو من إدارة الاستثمارات التابعة للوحدة الإدارية، والمصدر الثالث فيتم تحصيله من الجهات العامة، حيث تذهب نسبة من تحصيل الضرائب من وزارة المالية إلى الحساب المركزي لوزارة الإدارة المحلية لتقوم بدورها في توزيعها على الوحدات الإدارية حسب عدد السكان بمنطقة كل وحدة.

المصادر الجديدة
وعندما صدر القانون المالي رقم 37 عزز من استقلالية المجالس المحلية فأتاح موارد مالية جيدة للوحدة الإدارية، حيث يتطابق القانون المالي مع قانون الإدارة المحلية من حيث التساوي بين الوحدات الإدارية ونقلهم من المستوى الهرمي إلى المستوى الأفقي، كما أنّه وحد القوانين المالية المتعلقة بإيرادات الوحدات الإدارية في وحدة تشريعية تتسم بالحداثة وتنسجم مع التطورات التشريعية ودمج لجنتي تقدير “رسم مقابل التحسين” بلجنة واحدة من أجل تبسيط الإجراءات على المواطنين.

وأعطى القانون 37 الوحدات الإدارية صلاحية إجراء المناقلات بين بنود وفقرات الباب الواحد للموازنات الجارية من قبل المكتب التنفيذي، ومنح مجالس المدن والبلدات والبلديات صلاحيات بإصدار قراراتها في تحديد مقادير ونسب الرسوم الواردة بهذا المشروع من دون تصديق هذه القرارات من قبل مجلس المحافظة، كما كان سابقاً وفي هذا تطبيق لمبدأ اللامركزية وتبسيط لإجراءات فرض الرسوم التي تُصّدق من قبل مجلس المحافظة فقط كما سمح لها باتخاذ قرارات فرض بدلات الخدمة لمراكز الخدمة وفق المادة 38 منها.

القوانين تبلّور الشخصية الاعتبارية المستقلة للوحدات الإدارية.. لكن قلة المبادرة وضعف الخبرة تبدد الموارد المالية المحققة

كما عدل القانون المالي في طريقة توزيع رسوم التعبيد والتزفيت، حيث تم توزيع الرسم بالتساوي بين مالكي العقارات المجاورة وغير المجاورة المستفيدة من أعمال التعبيد والأرصفة تحقيقاً للعدالة ولتخفيف العبء عن المواطنين من جهة ولمساعدة الوحدة الإدارية على تحصيل هذه الرسوم من جهة أخرى، كل هذا يسهم في تعزيز الإيرادات المالية للوحدات الإدارية بما يمكنها من تنفيذ مشاريعها، وتقديم خدماتها للمواطنين بشكل أفضل، وبما يؤمن الإيرادات اللازمة للأداء بواجبها وتقديم الخدمات للمجتمع المحلي العائد لها.

تمكين بالتشاركية
وبهذا فقد شكّل قانون الإدارة المحلية شكل نقلة نوعية لانتخاب واختيار ممثلي الشعب في هذه المجالس المحلية لما أعطاها من صلاحيات واسعة لها لم تكن موجودة سابقاً وجسّد اللامركزية بكل أبعادها فباتت الوحدة الإدارية مستقلة بذاتها، ولها صلاحيات مطلقة في استثمار مواردها وتطوير عملها وتوسيع مشاريعها واستطاعت بموجب القانون المالي عام 2021 تحديد الحد الأعلى والأدنى لإيراداتها المالية وقيمة الرسم المالي ونوعه بشكل يمكّنها من إحداث مشاريع واستثمارات بالتشاركية مع الجهة التي تراها مناسبة.
وبذلك يكون للمجالس المحلية الدور الأكبر للنهوض والارتقاء بمدنها وبلداتها وبلدياتها ولتحسين الواقع الاقتصادي عبر استقطاب الاستثمارات الجديدة ووضع خطط استراتيجية للسنوات الأربع التي يمارسون فيها مهامهم كل بمنطقته، لأنّه أعطى الحرية المطلقة للمجلس المحلي للعمل، والتنفيذ لكن لا يزال هناك جهل به وبمواده ما يتطلب التعريف به أكثر ليتمكن أصحاب الشأن من ممارسة صلاحياتهم بشكل جيد وتنفيذ مهامهم على أكمل وجه.

مرجع مهم
وبذلك أصبح قانون الإدارة المحلية مرجعاً لتوجيه عمل رؤساء الوحدات الإدارية والمحافظات لكونه وضّح عمل المجالس وتعدادها وصلاحياتها على أرض الواقع، ولا سيما أنّ المجلس المحلي يرسم إستراتيجيات وخطط وأعمال المحافظة التي ستنفذ من خلال المكتب التنفيذي المنبثق عن مجلس المحافظة والمجالس المحلية الأخرى.

كما أنّ قانون الإدارة المحلية حدد آليات تسمية المدن والبلدان والبلديات وأحدث المجلس الأعلى للإدارة المحلية المعني بوضع الخطة الوطنية اللامركزية المعنية بنقل الصلاحيات من المؤسسات والوزارات إلى الوحدات الإدارية ، وهذا ما توجد ديناميكية عالية تسهم في القضاء على الفساد والروتين بعمل المجالس، لكن شرط توضحه والقوانين المرتبطة به لأعضاء المجالس، هذا إضافة إلى الحرص على إيصال أشخاص قادرين على تنفيذه بالشكل الصحيح وممارسة مسؤولياتهم وواجباتهم على أكمل وجه.

آثار جانبية
أدى القانون المالي إلى تراجع المشاريع العمرانية، لأن الرسوم المحددة بموجبه شكلت عبئاً ثقيلاً على أطراف المعادلة، خصوصاً الاعتماد على تقديرات البيوع العقارية.

القانون المالي 37 عزز من استقلالية المجالس المحلية فأتاح لها موارد مالية جيدة

في الوقت الذي يجب أن يكون من المهم جداً تقديم التسهيلات للمشاريع العمرانية في مرحلة إعادة الإعمار، للمساعدة على إعادة البناء، وقيام مشاريع عمرانية جديدة وتطوير البنية العمرانية في البلاد، خصوصاً في ظل الظروف المعيشية ونقص السيولة النقدية لدى المقاولين والمواطنين على حد سواء إلى جانب ارتفاع أسعار المواد الأولية وخصوصاً مواد البناء والنقل، ونتيجة لكثرة الشكاوى من ارتفاع التكاليف تم إصدار بعض القرارات التي تم بموجبها تعديل عوامل التثقيل في حساب الغرامات لجهة تسوية المخالفات وتخفيض رسوم التراخيص لبعض رخص الإنشاءات البسيطة، ورخص وليس ترخيص البناء الجديدة.

بالمحصلة
القوانين وحدها غير كافية كما أنها في الوقت نفسه ليست كاملة لكن في الوقت نفسه يمكن تعديلها شريطة التطبيق والخروج بمقترحات عملية تحقق مصلحة الجميع، كما أن غياب أساسيات ومفاهيم الاستثمار المجدي هو السمة الغالبة بين أعضاء المجالس، وهنا يأتي دور الجميع في تقديم الحلول والمشورة اللازمة، من خلال تشبيك بين جهاتنا العامة وعلى رأسها هيئة الاستثمار السورية، وهيئة التخطيط الإقليمي، والمكتب المركزي للإحصاء، وغيرها من الجهات البحثية والتسويقية، لسبر أغوار المناطق السورية، والتحديد الدقيق لمواردها الطبيعية والبشرية، والأهم دراسة البنى التحتية لإقلاع المشروعات التي تناسب كل منطقة، هذا كله يحتاج إلى جهة تربط ما بين الوحدات الإدارية والجهات القادرة على المساعدة في اتخاذ القرارات.

القوانين منحت ديناميكية عالية تسهم في القضاء على الفساد والروتين بعمل المجالس

لكن شرط توضيحه والقوانين المرتبطة به لأعضاء المجالس

كما يجب على الناخبين أن يختاروا الأكفاء ليمثلوهم في المجالس، بناء على قدراتهم وسمعتهم في المجال الاستثماري بعيداً عن أي ولاءات أخرى، وأن تتم المحاسبة في حال تجميد الموارد والاكتفاء بطلب المعونات من وزارة الإدارة المحلية وغيرها، فالحفاظ على الأموال “تحت البلاطة” وعدم اختلاسها أو تبديدها، لا يعني نظافة اليد، بل أيضاً عدم توظيفها في تنمية المجتمع المحلي، وتحقيق القيمة المضافة في قرانا وبلداتنا وتأمين فرص العمل لطالبيه، يجب أن يعتبر نوعاً من الفساد وهدراً للأموال والطاقات، مع عدم إغفال الرقابة القانونية والمجتمعية على آليات اتخاذ القرارات الاستثمارية، منعاً لاستغلال الصلاحيات الواسعة التي وفرتها القوانين المرتبطة بهذا الشأن.

اقرأ أيضاً:

ملف «تشرين».. المغتربون ثروات تنتظر خارج الحدود .. بددها ضعف مبادرات المجالس المحليّة وافتقارها لمهارات التواصل والاستقطاب.. وثغرات تشريعية متفرقة أثّرت سلباً

قد يعجبك ايضا
آخر الأخبار