أين الأناشيد القومية؟
تشرين- د.رحيم هادي الشمخي:
لأنّ معركتنا مع العدو المحتل والعدو الغازي لأرضنا العربية هي معركة قومية، ولأننا مازلنا ندافع عن حقنا في الحياة الكريمة وفي السيادة، فإن كل النتاجات الإبداعية في المسرح والسينما والموسيقا والغناء والفن والتشكيل، والفن التعبيري –الإيقاعي- كانت مفعمة برائحة الأرض، مجسدة لقيم الحرب وتقاليدها عند العرب منذ فتوحاتهم الأولى وحتى اليوم.
لقد حققت أناشيد وأغنية المعركة في الوطن العربي جملة من الظواهر التي تنتمي بالأساس إلى ملامح الفن العربي الرفيع الملتزم بقضيته، والمجسد لحالة شعورية يعيشها الإنسان العربي، إلى قيمة النضال من أجل المبادئ والحق وتقاليد الفروسية، وقدرة هذه الفنون على تحريك عواطف الجماهير والتعبير عن همومها المشتركة، وقيم الاستشهاد في سبيل أنبل القضايا، الدفاع عن الأرض.
وإذا كانت أناشيد المعركة القومية قد فقدت اليوم لأسباب مباشرة أو غير مباشرة فإن وجودها عبر المراحل السابقة كان باقياً يردده كل عربي من المحيط الأطلسي وحتى الخليج العربي.
ومع هذا التردي فإنّ الأغنية القومية قد حققت هذه الملامح البارزة وجسّدت خصائصها في الفن العربي، فقد ارتبطت منذ البدء مع تقاليد الأغنية الثورية العربية التي شهدنا انتشارها بعد الخمسينيات في سورية ومصر والعراق ولبنان وفلسطين والجزائر، تمثلت آنذاك في الأناشيد الثورية اللاهبة، وخاصة في حرب تشرين التحريرية وقبلها العدوان الثلاثي على مصر، منها أغاني: عبد الوهاب، أم كلثوم، عبد الحليم وفايزة أحمد، كما غنى أثناء العدوان الأميركي على العراق نخبة من الفنانين العرب أمثال: سميرة سعيد، فؤاد حجازي، عصام رجي، وسعاد محمد.. ومن الملحنين: محمد الموجي، كمال الطويل، ووليد غلمية… وغيرهم، وهي شهادة يعتز بها هؤلاء الفنانون في تقديمهم الأناشيد وأغاني المعارك القومية للأمة العربية وفي إسهامهم في إبداع الكلمة واللحن.