رغم تحسن الإيرادات أفكار تطرح لدمج التوكيلات الملاحية وتحويلها إلى النقل الطرقي!
تشرين – محمد زكريا:
قبل الولوج في الحديث عما يكتنف حال الشركة العامة للتوكيلات الملاحية من تكهنات واجتهادات لم تعلن بشكلها الرسمي بعد، لابدَّ من الإشارة إلى أن هذه الشركة تقوم بكل الأعمال والخدمات اللازمة للشركات الناقلة البحرية، وتزويد السفن والبواخر التي تؤم الموانئ النفطية والمرافئ السورية بكل المستلزمات اللوجستية، وتفريغ السفن وإيصال البضائع إلى مقصدها النهائي، وبالعودة إلى حال وواقع هذه الشركة فإنّ جميع المؤشرات الرقمية الصادرة عن الشركة سواء المتعلقة في الشق الإنتاجي أم الاستثماري فهي مؤشرات إيجابية وتصاعدية ولاسيما لجهة الإيرادات والأرباح السنوية، حيث حققت إيرادات خلال العام الفائت نحو 9.5 مليارات ليرة، في حين وصلت الأرباح وللفترة نفسها إلى 8.5 مليارات ليرة، فيما وصلت نفقاتها ومن ضمنها كتلة الرواتب والأجور إلى حدود مليار ليرة.
منافسة شديدة
اللافت أنه على الرغم من المنافسة الشديدة التي تلقتها الشركة من مثيلاتها الوكالات الملاحية البحرية الخاصة إلّا أنها استطاعت المحافظة على استمراريتها في العمل وأثبتت أنها صمام أمان في العمل الملاحي البحري ولاسيما في ظل فترة الحرب، كما أنها انبرت وحدها لتكون الوكيل الملاحي لجميع بواخر وسفن الإغاثة التي أمّت المرافئ السورية خلال فترة الزلزال بشكل مجاني، يقابل ذلك اختفاء الوكالات الخاصة عن تقديم خدماتها أثناء فترة الزلزال وتراجع دورها في فترة الحرب، كل ذلك يدلل على قدرة وقوة وخبرة هذه الشركة، حيث بقيت تعمل وكيلاً ملاحياً بحرياً وحيداً حتى عام 2002 حين صدر المرسوم التشريعي رقم 55 المتضمن السماح بالترخيص للوكالات الخاصة والعمل إلى جانب هذه الشركة.
اجتهادات خطرة
لكن في المقابل تتعرض الشركة إلى كثير من الاجتهادات، تحمل في طياتها أفكاراً و اقتراحات غايتها تقوية الوكالات الخاصة على حساب الشركة، ولعلّ أبرز ما يطرح في كواليس تلك الجهات الوصائية بين الحين والآخر، هو فكرة دمج الشركة بإحدى مؤسسات القطاع البحري وصولاً إلى إلغاء الشركة، وتفرد الوكالات الخاصة بالعمل الملاحي البحري، ولعلّ أيضاً من الأفكار التي طرحت سابقاً هو تحويل هذه الشركة إلى العمل في مجال النقل الطرقي، ويرى البعض من المعنيين في الشأن البحري ضرورة وضع شروط جديدة لمنح التراخيص للوكالات البحرية الخاصة حيث إن الشروط الحالية لم تأخذ بالحسبان أحياناً منح تراخيص لأصحاب السفن وأصحاب البضائع والمخلصين الجمركيين وأحياناً لسائقي التكسي..؟! وغيرهم من أصحاب المهن التي لا تمتُّ إلى العمل البحري بشيء.. حيث يكون في بعض الأحيان الوكيل هو نفسه صاحب البضاعة وهو نفسه المخلّص الجمركي أي إنه يقوم بمنح إذن تسليم البضاعة لنفسه وهذا الأمر لا يحصل في أي مكان في العالم، وهنا السؤال الذي يفرض نفسه: هل هذا الأمر يخلق جو المنافسة بين الوكالات البحرية العامة و الخاصة..؟! كل هذه الأفكار والطروحات وحسب الغيورين على الشركة فإنها تضر بالشركة ولا تجدي نفعاً بعمل الشركة، ولربما تؤثر مستقبلاً في أداء وإنتاجية الشركة.
خصوصية وسرية
مدير عام الشركة عادل غزال الذي لم يمضِ على تكليفه سوى أشهر قليلة بيّن أهمية تواجد الشركة على ساحة العمل الملاحي البحري، من خلال تواجدها المستمر في العمل على مدار السنوات الماضية رغم قساوة الظروف، حيث عملت الشركة مؤخراً على إعفاء السفن التي تصل إلى البلاد بهدف تقديم المساعدات للمتضررين من الزلزال، من دون دفع أي رسوم تذكر وذلك استناداً إلى التوجيهات الحكومية بهذا الخصوص وبالتالي يتم استقبال جميع السفن والناقلات الواصلة بهذا الخصوص بشكل مجاني، موضحاً أن الشركة جاهزة بشكل تام ومستعدة لتقديم أي خدمات لهذه السفن التي تأتي من الدول الأخرى لتقديم المعونات حيث إن هذه السفن المعفاة لا تدخل ضمن الخطة الإنتاجية للشركة التي تعمل وفق خطة إنتاجية فقط لا استثمارية.
وأشار غزال لـ(تشرين) أنه لا يعار لهذه الاجتهادات والطروحات أي أهمية لكونها لم تطرح على الشركة بالشكل الرسمي، ولم يخفِ عادل ما تم طرحه في السنوات السابقة من تغيير مسار الشركة وتحويلها من العمل الملاحي البحري إلى النقل الطرقي، حيث لم تلقَ هذه الفكرة قبولاً واسعاً، وبخصوص الدمج قال إنه لا يمكن الدمج مع أي مؤسسة أخرى ولا بأي حال من الأحوال وإلّا الشركة ستفقد عملها ونشاطها ولاسيما لجهة التوكيل والحصرية لبضائع القطاع العام حيث إن لهذا الأمر خصوصية وسرية، مؤيداً فكرة إلغاء فرع الشركة في اللاذقية نظراً لوجود مقر الإدارة العامة فيها، معتبراً الوكالات الخاصة والعامة قطاعاً وطنياً مشتركاً ولكن ليس لطرف أن ينشط على حساب الطرف الآخر، وأن الشركة تعاني من ضعف الإمكانات وخاصة السيارات اللازمة لعمليات استقبال وتسفير السفن وتقديم كل الخدمات لها، وإنّ دعمها بالإمكانات المطلوبة يؤدي إلى رفع مستوى عملها وتفعيل دورها وتمكينها من المنافسة مع الوكالات البحرية الخاصة، منوهاً بوجود لجنة معنية في منح التراخيص للوكالات البحرية الخاصة وهي الأعلم والأقدر في وضع شروط الترخيص.
يذكر أن إيرادات الشركة ولكامل العام الفائت وصلت إلى 9.5 مليارات ليرة، في حين لم تتجاوز الإيرادات للعام 2021 سوى 2.6 مليار ليرة، ووصلت نسبة تنفيذ الخطة الإنتاجية خلال الربع الأول من العام الجاري إلى 63.5 %، ما يشير إلى أنه قد تصل نسبة العمل إلى 300 % مع نهاية العام الحالي.