تصويب المعايير

تبدو الأهداف وردية تلك التي ترنو إليها العديد من المنظمات والجمعيات من وراء برامجها الإنسانية، حيث تستهدف تحسين سبل عيش الأسرّ الأشد عوزاً في المجتمع، وتعزيز قدرتها على تجاوز تبعات الحرب، وفي السياق يجري تقديم منح متنوعة من قبيل البذار والأسمدة وخلايا النحل ومستلزماتها، وكذلك منح الدواجن والأعلاف أو معدات بعض الحرف والمهن وغير ذلك.
لكن الملاحظ أن وقع بعض تلك البرامج يكاد لا يترك أثراً ملموساً كبيراً على أرض الواقع في ظل محدودية أعداد الأسر التي تستهدفها، ومن جراء معايير الاستهداف غير الموضوعية أحياناً والتي يمكن تشخيصها من خلال جملة تساؤلات…
إذ كيف تقدم منحة خلايا نحل مع مستلزماتها إلى نحال.. فهل من يملك خلايا نحل وعنده مصدر رزق بحاجة إلى المساعدة؟ وكيف تقدم منحة أعلاف ونعاج لمربي الثروة الحيوانية.. فهل من لديه قطيع من الثروة الحيوانية وعنده مصدر عيش بحاجة إلى مساعدة؟ وكيف تقدم معدات حرفة ما لمهني يزاول العمل..؟ فهل من لديه ورشة ومعدات تنتج بحاجة إلى المعونة؟ وكيف تقدم منحة بذار لمن يملك أرضاً، فهل من لديه أرض يزرعها أو يقوم بتأجيرها للآخرين ويحقق مردوداً معقولاً من ورائها بحاجة إلى مساندة؟ هذا عدا بعض التجاوزات الحاصلة بتخصيص ميسورين وغير مستحقين بالمنح من باب المحسوبيات وتحت الضغوطات.
يحدث ذلك في حين يفترض أن تقدم تلك المنح بعد التدريب والتأهيل في المجالات التي تدور في فلكها للعاطلين عن العمل والأسر الفقيرة التي لا مصدر عيش كافياً لديها، ولا ضير حتى من تشميل بعض الموظفين بهامش منها، لأن استبعادهم لم يعد مبرراً في ظل دخلهم القزم الذي لا يحقق لهم وأسرهم الحدّ الأدنى من كفاف العيش.
إنّ معظم الأسر في مجتمعنا باتت تعاني فقراً شديداً ومن ضمنها تلك التي يعيلها الموظف “المنتوف” أبو دخل مهدود، والمأمول توسيع دائرة الاستهداف وتعديل معايير وأسس اختيار المستهدفين لتكون منصفة وبعيدة عن أي اعتبارات مشبوهة، والأكثر أهمية متابعة توظيف المنح حسب ما هو مخطط لها لضمان تحقيق الغايات المنشودة منها، ومنع أي حالات تبديد لمنعكسها الإيجابي على الأسرة والمجتمع مثل بيعها الذي كثيراً ما يحصل.

قد يعجبك ايضا
آخر الأخبار