أين الرقابة؟
في الوقت الذي تعلن فيه وزارة التجارة الداخلية وحماية المستهلك عن بضعة ضبوط هنا وهناك نظمت بحق بعض أصحاب محطات وقود أو أشخاص يتاجرون بالمادة أو ربما يحتكرونها، نرى عشرات الأشخاص “وعلى عينك يا رقابة” ينتشرون على جوانب الطرقات العامة، ويبيعون البنزين بعبوات بلاستيكية من سعة عشرة ليترات أو حسب الطلب وليس معروفاً إن كانت تلك العبوات تحتوي بنزيناً صافياً أم مغشوشاً! وطبعاً في ظل أزمة المحروقات الحالية وما عكسته على واقع المواصلات يرى البعض أنفسهم مضطرين للرضوخ والشراء من هؤلاء الباعة مهما كان ثمن اللتر وبالسعر الذي يفرضونه متحكمين برقاب الناس وبحاجتهم الماسة للمادة .
ما يثير الاستغراب عدم تخفّي هؤلاء الباعة، بل نراهم يعرضون بضاعتهم على الملأ من دون خوف من حسيب أو رقيب، وهم واثقون من أنهم بعيدون عن أعين الرقابة. كل ذلك يضعنا أمام تساؤلات ملحة وواجبة : من أين أتت كل تلك الثقة لدى هؤلاء الباعة وعدم خوفهم من المحاسبة أو الملاحقة ؟ وأين الجهات الرقابية التي نراها تصرّ على أنها تقوم بواجبها على خير ما يرام عبر تغنّيها بتصدير أخبار عن بضعة ضبوط وكأنها أخرجت “الزير من البير”، بينما نرى المخالفات والتجاوزات تستشري هنا وهناك؟ والسؤال الأكثر إلحاحاً: من أين يأتي هؤلاء الباعة بكل تلك الكميات في ظل أزمة وقود خانقة أرخت بظلالها على البلد بأكمله؟
إذا كانت تلك الكميات تدخل تهريباً فتلك مخالفة يجب محاسبة المسؤولين عن التراخي في مراقبتها ومنع إدخالها إلى البلد لأن ذلك إن كان على غفلة منهم فتلك مصيبة، وإن كانوا يعلمون بها ويتغاضون عنها لسبب ما فالمصيبة أعظم، لأن إدخال أي مادة بهذه الطريقة يعني إمكانية إدخال مواد أخرى.
فمتى سنرى الرقابة أكثر فاعلية وردعاً للمخالفين والمتجاوزين ونرى محاسبة فعلية لهؤلاء بعقوبات صارمة تحد من تجرؤهم وتجرؤ غيرهم على افتعال ما يخلق أزمة ويخالف القوانين؟!