يشعلون مواقع التواصل.. ويبدعون في “التريند”

تشرين- هدى قدور:
الفنانون مشغولون بإشعال مواقع التواصل الاجتماعي وإحداث الصدمات عند الجمهور في قصات الشعر والألبسة والتصريحات غير المتوقعة! حتى الفنانات اللواتي في بداية مشوارهن الفني، انتقل إليهن الهوس وأصبحن مشغولات بحصد الإعجابات وتأسيس قنوات يوتيوب خاصة بهن، رغم أن رصيدهن الفني يكاد لا يذكر. البعض يقول إن القضية ربحية اقتصادية، فالفيديو الذي يجمع متابعين كثراً يرفع نسبة المشتركين في القناة، وهذا يؤهلها للحصول على المال والإعلانات من شركات الإنترنت.
الضجة الإعلامية لعمل مسرحي مهم، أو مسلسل عميق وجدي، أو أغنية ملتزمة غير هابطة، أصبح من مخلفات الماضي الممل والمعقد للأسف، فالجمهور يعاني الضغوطات، ويريد أن يحصل على بعض الترفيه، و ليس بحاجة إلى التفكير والتوعية ومعالجة القضايا الجوهرية التي لم يستطع أحد وضع الحلول لها.
اختلاف مفهوم النجم ودور الفن في المجتمع، لم يحصل إلّا في المجتمعات النامية الفقيرة، أما بالنسبة للغرب المخترع لهذه التقنيات التكنولوجية، فالاهتمامات تختلف والشهرة لها شروطها، رغم التجاوزات الكثيرة التي تحصل، لكنها لا تصل إلى ما وصلت إليه في العالم الثالث. كل هذا يقابله انكفاء للفن الجاد وللنجوم المميزين الذين أصبحوا تحت رحمة التسويق ومؤسسات الإنترنت الضخمة التي هي من يصنع النجم ويدفعه إلى السوق، ولا ننسى عملية شراء الإعجابات التي يمكن زيادتها عبر دفع المال.
الموضوع لا يتعلق بمؤامرة تجري على صعيد البشرية جمعاء فقط، بل يرتبط بمستوى الوعي واليأس الذي ألمَّ بالشعوب، وقد ظهرت إحدى الممثلات العالميات منذ فترة كي تحذّر من ضرب المفاهيم الاجتماعية وتخريب الإنسان عبر تقنيات الإنترنت وتسويق الهزال والتركيز على الإنسان الفرد المنعزل عن العائلة والمجتمع والمشغول دائماً بجهاز الموبايل وملاحقة ما يجري في السوق الإلكتروني الهائل والمتسارع بشكل مرعب.
العالم يحتاج الفنون بمستواها العميق والمدهش الذي يحدث أثراً في النفوس والعقول معاً، أما موضوع الإعلان والتسويق فيبقى مجرد تفاصيل في العمل الجاد القادر على الوصول رغم كل الصعوبات. وقد تكون الموسيقا من الفنون القليلة الناجية إلى حدٍّ ما من هذه الكارثة التكنولوجية التي تحصل. فهي لا تتحمل أنصاف المواهب وقلة المهارات والاستسهال، وأيضاً فإن الموسيقيين بطبيعتهم يختلفون عن العاملين في حقول الدراما، لأن الاستعراض صعب في هذه الحالة، ولا يمكن تسويق عازفة بيانو سيئة أو عازف كمان غير جيد، لأن الأذن سترفضه بلا تردد، لكن الرهان يكون دائماً على البصريات من فيديوهات وصور تستطيع تضليل العين وجذب الانتباه بغض النظر عن المحتوى في الفنون الأخرى.
الممثلات الحديثات مشغولات بإشعال مواقع التواصل وصناعة التريند، والجمهور يريد أن يتسلى ولا مانع لديه من الانخراط في اللعبة، الضحية في كل ذلك هي الفنون الجادة التي تكاد تنقرض.

قد يعجبك ايضا
آخر الأخبار