بين إصابات عمل ووفاة.. من يضمن حقوق العمال المياومين في ظل تهرّب رب العمل من “التأمينات”
تشرين-صفاء إسماعيل:
إصابتا عمل وحالتا وفاة لعمال بناء في اللاذقية، حصيلة شهر واحد، ما فتح شهية الكثيرين للسؤال عن وجود جهة مسؤولة عن هؤلاء العمال المياومين الذين يسارعون مع أي متعهد للعمل بقوت يومهم، غير آبهين بانتساب لاتحاد عمال يضمن حقوقهم، ولا تأمينات تحصّل حقوقهم في حال التعرض لإصابة عمل أو وفاة.
نقابة للعمال المياومين
بيّن رئيس فرع اتحاد العمال في اللاذقية منعم عثمان ل”تشرين” أنه يوجد في اتحاد العمال نقابة تسمى “البناء والأخشاب” وهي معنية بموضوع العمال المياومين، كما أن هناك لجنة نقابية للقطاع الخاص، مشيراً إلى أن النقابة تضم عمال دهان، بناء، إكساء، أعمال صحية، بلاط.
وأضاف عثمان: أي عامل مياوم ينتسب للاتحاد، يصبح الأخير ملزم بمتابعة شؤون العامل وضمان حقوقه وتحصيلها له، مدللاً أنه في حال أصيب العامل، يتم تشكيل لجنة، ويكون ممثلون عن اللجنة النقابية موجودين فيها، حيث يقوم الاتحاد بالتواصل مع مؤسسة التأمينات لملاحقة رب العمل وتحصيل حقوق العامل في حال إصابة العمل أو الوفاة.
اتحاد العمل: توجد نقابة تسمى “البناء والأخشاب” وهي معنية بموضوع العمال المياومين
وتابع عثمان: أما في حال عدم انتساب العامل للاتحاد، فإننا غير ملزمين به، لأننا لا نعلم اين يعمل، ومع أي متعهد، وفي هذه الحالة عليه التوجه إلى القضاء.
وإذ دعا عثمان العمال إلى الانتساب للاتحاد لضمان حقوقهم، فإنه قال: من الضرورة أن ندخل إلى سوق العمل الخاص ومتابعة شؤون العمال المياومين.
كشف مسبق
مدير التأمينات الاجتماعية في اللاذقية محمد يونس أكد ل”تشرين” أنه يجب على كل متعهد قبل خمسة عشرة يوماً من المباشرة بأي مشروع بناء، أن يقدّم كشفاً بأسماء العاملين لديه، بالإضافة لتحديد مدة العقد، مبيناً أنه في حال تعرض أي عامل لإصابة عمل، أو وفاة، فإن التأمينات ملزمة بتعويض العامل عن إصابة العمل حسب نوع الإصابة ونسبة العجز، وتعويض أهل العامل في حال وفاته.
وأضاف يونس: لكن المشكلة اليوم، أن المتعهد يشغّل عمالاً مياومين من الساحات والشوارع، ولا يقدّم كشفاً بأسماءهم للتأمينات، ولذلك فإننا لا نعلم بما يجري معهم من إصابات عمل أو وفاة، وتابع: كما أننا لا نستطيع التأكد من صحة كلام عامل في حال اشتكى لنا بأنه تعرض لإصابة عمل في مشروع بناء يعود لأحد المتعهدين، خاصة إذا لم يكن هناك ضبط شرطة، وليس مسجلاً لدينا، مؤكداً أن المؤسسة ملزمة بتعويض كل عامل مسجل لدينا سواء إصابة عمل أو اشتراك كامل.
التأمينات: قبل خمسة عشرة يوماً من المباشرة بأي مشروع بناء، أن يقدّم كشفاً بأسماء العاملين لديه
وفي حال تعرض العامل لإصابة عمل أو وفاة، والمتعهد الذي يعمل لديه لم يقدم كشفاً باسمه، قال يونس: في هذه الحالة يتوجه العامل أو ذووه ، في حالة الوفاة، إلى القضاء ورفع دعوى قضائية، بموجب ضبط الشرطة الذي تم تنظيمه في مكان العمل.
ودعا يونس العمال المياومين إلى التنبّه، ومطالبة المتعهد بتسجيل اسمهم لدى التأمينات قبل البدء بالعمل، حفاظاً على حقوقهم، مؤكداُ في الوقت ذاته أن المتعهد لا يحصل على براءة ذمة بعد انتهاء مدة العقد، إلا إذا كان متقدماً بكشف يتضمن أسماء العاملين لديه.
اقتصاد الظل
الخبير الاقتصادي باسل زينة قال ل”تشرين”: إن نسبة كبيرة من العمال المياومين الذين يعملون “كل يوم بيومه” لا يعرفون حقوقهم، وفي حال كان البعض يعرف، فإنهم لا يسألون المتعهد أو صاحب الورشة إذا كان سيجلهم في التأمينات أم لا، وذلك لحاجتهم الماسة للعمل بسبب الظروف الاقتصادية الصعبة وغلاء المعيشة.
وأضاف زينة: المشكلة ليست بالعمال وادراكهم لحقوقهم، وإنما بصاحب العمل الذي يقول للعامل الذي يسعى وراء ضمان حقوقه في حال التعرض لأي إصابة عمل، بأن هناك ألف عامل آخر يعمل من دون أي شرط.
وأنه يجب على المتعهد أو صاحب الورشة الذي يشغّلهم أن يسجلهم في التأمينات، مستدركاً: لو كان العمال يعلمون فإنهم لا يشترطون على صاحب العمل تسجيلهم لأنهم يخافون أن يقوم بالاستغناء عن العامل الذي يطالب، واستبداله بآخر يريد العمل فقط لتدبّر حاجات عائلته في ظل الظروف المعيشية الصعبة.
وبرأي زينة، تنظيم موضوع ضمان حقوق العمال تحت مظلة التأمينات، لا يمكن من دون تنظيم اقتصاد الظل وهو الاقتصاد الذي لا يدخل ضمن تنظيم الدولة بشكل من الأشكال لا بالتنظيم النقابي ولا التأمينات ولا المالية ولا تفرض عليه أي ضرائب، وتشكل نسبته، حسب زينة، 90% من الاقتصاد المتداول، أي ثلاثة أضعاف حجم الاقتصاد المعلن، مدللاً على ذلك بأن الموظف يتقاضى راتبه على أساس الناتج المحلي الإجمالي، ليكون متوسط الراتب على سبيل المثال 120 ألف ليرة، في الوقت الذي يجني فيه عامل “الصحية” شهرياً بين 600 ألف – مليون ليرة، مبيناً أن هذه الكتلة النقدية جاءت من السوق، في إشارةإلى اقتصاد الظل.
خبير: أصحاب العمل يستغلون حاجة العمال فلا يسجلونهم في التأمينات
وأشار زينة إلى أن صاحب العمل نفسه غير مسجل بالتأمينات، باستثناء المتعهد الحاصل على تعهد نظامي ولديه سجل تجاري ومسجّل في المالية، وحتى الأخير يعمل باسماء أخرى فهو يقوم بالاستعانة بأصحاب ورش “دهان، صحية، بلاط وغيرها”، وهؤلاء غير مسجلين في التأمينات وليس لديهم سجل تجاري، وعليه فإنه بطبيعة الحال لن يتم تسجيل العمال الذين يعملون معهم في التأمينات.