مياهنا أقل من أن تطفئ هواجس العوز المطبق.. سورية تحت خط الفقر المائي..وباحث يقرع جرس إنذار مدوٍّ
تشرين- لمى بدران:
إنّ التّغيرات الجيوسياسية والاقتصادية والمناخية حول العالم تهدّد باستمرار كلّ ما يتعلّق بالأمن، والأمن المائي يعتلي قائمة التهديدات لذلك يلجأ كل بلد إلى استغلال موارده المائية التقليدية وغير التقليدية من خلال مشاريع مدروسة تأخذ بعين الاعتبار طبيعة المنطقة ومدى حاجتها وشكل الاستخدام.
تقسم سورية إلى سبعة أحواض هيدرولوجية وحوض الفرات في حلب أغناها
وهذا ما حصل مؤخّراً في “حلب_خناصر” عندما أُعلن عن مشروع (إرواء بلدة خناصر وما حولها) لتأمين مصدر مائي ثابت وآمن لمياه الشرب هناك وبتكلفة ٨ مليارات ليرة سورية، حيث إنه يعتبر من وسائل استجرار المياه الناجحة والمفيدة لضمان الأمن المائي والغذائي.
فسورية تقسم إلى سبعة أحواض هيدرولوجية وحوض الفرات في حلب أغناها، ومن هنا تأتي الأهمية الاجتماعية والاقتصادية والزراعية لهذا المشروع لأجل الأسر الموجودة في تلك المنطقة، وذلك حسب ما ذكر ل”تشرين” الباحث والمهندس المختص بالهندسة الريفية والعمارة الحدائقية صفوان الحلبي، الذي قيّم الواقع المائي باتّجاهه نحو الدراسات والنتائج التي تشير إلى انخفاص كمية المياه المتوافرة إلى النصف عام ٢٠٤٨م بسبب التغيرات المناخية والنمو السكاني، بالتزامن مع وجود إمكانية كبيرة لرفع كفاءة استخدام المياه وتنفيذ أساليب حديثة ومتطورة في الري.
خبير: ستنخفض كمية المياه المتوافرة إلى النصف بعد ربع قرن بسبب التغيرات المناخية والنمو السكان
وعن استخدام المياه في سورية قال لنا الحلبي: ٨٩% من المياه تستخدم في الزراعة و ٤% في الصناعة و٧% في الاستخدام المنزلي، وإن نسبة الأراضي المرويّة بالطرق الحديثة الاقتصادية ١٤،٥ % أما المرويّة بالغمر فهي ٨٥،٥%.
وأكمل: سورية تقع تحت خط الفقر المائي لأن نصيب الفرد من المياه فيها أقل من ١٠م٣ في السنة وتلجأ إلى الموارد غير التقليدية وترشيد استخدام المياه وغير ذلك.
“الحرب والمياه”
أكّد لنا الحلبي أن الموارد المائية تأثرت في الفترة الأخيرة نتيجة خروج بعض الآبار عن الخدمة وتأثّر بعض الأنهار نتيجة التلوث وأيضاً تأثير المساحة المزروعة والمرويّة.
١٤.٥% نسبة الأراضي المرويّة بالطرق الحديثة الاقتصادية، أما المرويّة بالغمر ٨٥،٥%
وأضاف: رغم وفرة الموارد المائية في سورية هناك عوامل تهدّد استدامتها فالمساحة المرويّة والأعمال الصناعية والتملّح بازدياد، والرطوبة بانخفاض حتى (٢٠%_٥٠%) وأيضاً معدّل الأمطار يتغيّر نتيجة التغيّرات المناخيّة فإن معدّله هو ١٥٠ ملم/السنة على قرابة ٦٠% من مساحة سورية.
“مواردنا التقليدية وغير التقليدية”
أثناء حديث الحلبي مع “تشرين” ذكر لنا المصادر المائية التقليدية السورية ومنها الطبيعية كالأمطار والموارد السطحية والمياه الجوفية، أما المصادر غير التقليدية كمعالجة المياه العادمة “الصرف الصحي” والموجودة مثلاً في محطة عدرا بريف دمشق، وتدوير مياه الصرف الزراعي من خلال تجميع المياه الزائدة عن حاجة النبات وإعادة استخدامها في الري، ولدينا تحلية المياه والاستمطار الصناعي الذي توقف عام ٢٠٠٤ بسبب تكلفته العالية، وشدد الحلبي على أهمية الموارد غير التقليدية، إذ يمكن استخدامها عدّة مرات وتفي بالحاجة المائية.
“دراسات وأبحاث المستقبل”
بعد عدد من المؤلّفات للباحث صفوان الحلبي ومنها: طبقة الأوزون، والموارد المائية، والكون ونشأته وأيضاً أبحاث على مستوى دولي مثل الاستفادة من مياه المكيفات في الإمارات العربية المتحدة، يرى الحلبي أن هناك أبحاثاً مهمّة يجب العمل عليها ويعمل عليها منها “كيفية استغلال المياه في توليد الطاقة الكهربائية عن طريق أمواج البحر” وأيضاً “دراسات عن تلوّث المياه الفيزيائية و الكيميائية وتغير نوعيته” ويهتم بأبحاث عن “أهم أنهار العالم والقنوات العالمية”.
سورية تقع تحت خط الفقر المائي لأن نصيب الفرد من المياه فيها أقل من ١٠م٣ سنوياً
لعلّ هذه الأبحاث وغيرها من الدراسات والمؤلفات تستطيع بالتعاون مع المجتمعات المحليّة والجهات الرسمية أن تساهم متضافرة بتفعيل وتدعيم الحلول التي تحافظ على مواردنا المائية وفي هذا الشأن ختم الحلبي بذكر أهم التوصيات قائلاً: يجب أن نكفّ عن الهدر ونقلّل من استخدام الأسمدة عموماً في الري.
وترشيد استعمال المياه في الزراعة والصناعة وأيضاً يجب رفع مصبّات الصرف الصحي والزراعي عن نهر بردى والمراقبة الدورية للمياه الجوفية وصيانة شبكات المياه وأخيراً السعي لربط مصبّات الصرف الصحي الممكن وصلها لخط رئيسي ونقلها لمحطة معالجة.
قال تعالى: “وجعلنا من الماء كل شيء حي”، إذ لا يوجد أكثر من هذه الآية الكريمة ما يدفعنا للحفاظ جميعاً على مواردنا المائية، كما نستطيع أن نشاهد ما يجري من صعوبة في العيش بالشمال السوري بسبب قطع المياه لمدة كبيرة عن الأهالي ومعاناتهم في هذا الشأن بشكل كبير.