العمالة الوافدة إلى طرطوس أرقام ٌ متغيرة توازي العمالة الدائمة… أنعشت السوق التجارية.. والاعتماد عليها أمرٌ يثير القلق
تشرين-ريانة اسماعيل:
شهدت محافظة طرطوس خلال فترة الحرب على سورية توافد عائلات من مختلف المحافظات السورية التي شهدت أحداثاً قاسية؛ أرغمت أهالي المدن على مغادرتها، واحتضنت طرطوس عدداً كبيراً منهم، فالعديد من الأسر استقرت فيها حتى اللحظة وأصبحت مع الوقت أيدٍ عاملة وافدة إلى المحافظة، وأصحاب شركات تجارية و صناعية وسياحية، ساهمت في النمو الاقتصادي ولاحظنا نشاطاً كبيراً لهذه العمالة الوافدة وتطوراً في بعض المجالات، خاصة التجارة والحِرف .. وهي بلا شك قيمة مضافة وخبرة استثنائية تميز أصحاب المهن من الوفدين، كما لاحظنا أن العمالة الوافدة إلى محافظة طرطوس سيطرت بشكل كبير على السوق التجارية، وازدادت نسبتها في السنوات الماضية قياساً مع العاملين في هذا القطاع من العمالة الدائمة، لذلك نضعُ قطاع التجارة نموذجاً لدراسة آثار وجود العمالة الوافدة، وارتباطها بالأسباب والحاجات والثغرات التي جعلت من هذا التوافد محركاً قوياً للقطاع التجاري.
حسب الأرقام أكثر الوافدين من مدينة حلب
ثمة عوامل أدت لهذا الإقبال على سوق طرطوس بعضها متعلق بالوافدين … تقابلها عوامل متعلقة بالحركة التجارية في طرطوس وترتبط ارتباطاً وثيقاً بأهل طرطوس وتوجهاتهم، والإيدولوجيا السائدة بينهم.
حقائق
أكدت إحصائيات من مصادر متعددة أن عدد الوافدين إلى طرطوس من المحافظات بلغ ١٩١،٧٤٥ من الأفراد عام 2018 ، وبلغ عدد الوافدين الموجودين في طرطوس خارج مركز الايواء منذ عام 2012 حتى 2021 ٣٣،٠٢٠ من الأفراد.
أما الوافدون إلى طرطوس عام 2022 فبلغ عددهم ١٣،٨١٩ من الأفراد، وبينت الأرقام أن أكثر الوافدين خلال السنوات المذكورة هم من مدينة حلب.
خبير: أصاب طرطوس ما أصاب غيرها بتفوق العمالة الوافدة على المقيمة لا سيما في قطاع التجارة
وفي سياق موضوعنا حول تأثير تدفق العمالة الوافدة لطرطوس على الوضع الاقتصادي أكد لصحيفة “تشرين ” الخبير الاقتصادي الدكتور ذو الفقار عبود : أن العمالة الوافدة قد تساهم في البناء والنمو الاقتصادي، وتقوم بدور بارز في إنجاز كثير من المشاريع المختلفة، حيث لوحظ في السنوات الأخيرة، أن أعداد العمالة الوافدة إلى محافظة طرطوس ازدادت بدرجة يمكن أن تصبح معها موازية أو مساوية للعمالة المقيمة بشكل دائم في المدينة، بل يحذر البعض من إمكانية أن يصبح عددها أكبر من عدد العمالة المقيمة، وهذا قطعاً له تداعيات سلبية كثيرة على ديمغرافية المحافظة لجهة توزع الذكور والإناث، وله آثار أكبر على استقرار المهن، كون أغلب الوافدين يعملون في القطاع الخاص التجاري.
١٤٥٧٠ سجلاً تجارياً منحت في طرطوس خلال العقد الأخير
وأكد على تركزهم بشكل كبير في التجارة قائلاً : ” ظلت محافظة طرطوس خلال الحرب على سورية مستقرة من حيث غلبة أعداد العمالة الدائمة على أعداد العمالة الوافدة، إلا أن الأمر لم يَطُل حتى أصاب مدينة طرطوس ما أصاب محافظات بأكملها عندما فاق عدد العمالة الوافدة عدد العمالة المقيمة، ولاسيما في قطاع التجارة، مع ملاحظة اعتماد ريف بانياس على العمالة الزراعية الوافدة منذ فترة ما قبل الحرب، حتى يمكن عدّ هذه العمالة دائمة نظراً لاستقرارها بشكل نهائي في المحافظة”.
تنشيط سوق طرطوس
من المعروف أن التوافد إلى بلد، أو مكان ما دون غيره للعمل هو حتماً له أسباب متعددة مثل: النقص بالأيدي العاملة في هذا المكان أو بمعنى آخر ينقصه كوادر بمجالات معينة أو قد يكون في طور البناء الاقتصادي؛ ما يجعل الناس تتوافد إليه أكثر من غيره لتعمل، أو تفتتح مشاريعها فيه، و طرطوس كانت وجهة الوافدين إليها لبعض هذه الأسباب السالف ذكرها، وخاصةً في سوقها التجارية التي لم تكن قبل الأزمة كما هي عليه الآن، و أكدت بعض الإحصائيات أنه منذ بداية عام 2011 حتى نهاية 2021 تم منح ١٤,٥٧٠ سجلاً تجارياً من مديرية التجارة الداخلية وحماية المستهلك بطرطوس للأفراد والشركات ٣,٧٦٢ منها خلال السنوات 2019 -2020 -2021 ، وشهدت المحافظة منذ العام 2015 تغييرات ونشاطاً أكبر في سوقها التجارية، ثم انخفض متأثراً بجائحة كورونا في مطلع العام 2020.
سلباً وإيجاباً
لابد من وجود تداعيات سلبية وإيجابية لأي عمالة وافدة إلى مكان ما، ترتبط بخصائص المكان والتغيرات التي طرأت عليه بوجودها، و بين الدكتور عبود أن الآثار السلبية للعمالة الوافدة لطرطوس على واقعها الاقتصادي تظهر بعدة نواحٍ منها:
التجارة استقطبت العمالة الطرطوسية على حساب الزراعة ما سبب نزيفاً اقتصادياً للقطاع الزراعي
مزاحمة العمالة الدائمة على فرص العمل القليلة أصلاً، زيادة معدلات الطلب على الخدمات العامة الحكومية من تعليم وصحة ونقل وخبز وغير ذلك من خدمات، النزيف الاقتصادي بالقطاع الزراعي كون العمالة الوافدة تتركز في القطاع التجاري والخدمي وهذا ما يستقطب العمالة الزراعية الدائمة من أبناء المحافظة وتدفعهم لترك الزراعة والالتحاق بالعمل في قطاع الخدمات، زيادة التحويلات المالية للعمالة الوافدة من داخل محافظة طرطوس إلى المحافظات التي يقيم فيها ذووهم، منافسة الإناث من العمالة الوافدة للإناث من عمالة طرطوس في كثير من الأعمال، العزوف الكبير للأيدي العاملة الدائمة عن قبول العمل فى بعض المهن الحرفية التي تعمل بها العمالة الوافدة، زيادة العبء على مراكز تقديم الخدمات وأيضاً المرافق الأساسية بالمحافظة و ظهور بعض الاقتصاديات المنعزلة والتي تخص العمالة الوافدة وحدها لاسيما مهنة إعادة تدوير المخلفات والنفايات.
لولا التجارة الوافدة ما وجدت تجارة حقيقية في طرطوس
أما الآثار الإيجابية للعمالة الوافدة فتتجلى بـ: الإسهام في تسريع عملية إعادة الإعمار فور انطلاقها، تحريك النشاط الاقتصادي من خلال إيجاد عدد من الأنشطة والخدمات التي تلبي حاجة العمالة الوافدة، فتح باب الاستثمار أمام القطاع الخاص الوافد، اكتساب العمالة الدائمة العديد من الخبرات المتنوعة من العمالة الوافدة، اكتساب الأيدي العاملة المحلية الكثير من الخبرات والمهارات المتنوعة، توطيد علاقات أبناء المحافظة اقتصادياً بالمحافظات التي تأتي منها العمالة الوافدة و المساهمة في تحريك عجلة الاقتصاد المحلي في طرطوس.
تتركز العمالة الوافدة في قطاعات التجارة والفنادق والبناء والصناعات التحويلية
في ضوء ماسبق تم التطرق لتراجع العمل الزراعي و هو من الأعمال التي تشتهر وتتميز بها طرطوس منذ القِدم – خاصةً وأن ريف طرطوس يشغل المساحة الأكبر من المحافظة – ولكن اتجاه أهل طرطوس للتعلم واكتساب الشهادات والخبرات العلمية، والعمل في قطاع الوظائف أو القطاع الخدمي، أو السفر في البحر أو السفر للعمل خارج البلاد .. أكبر من اهتمامهم بالمجال الزراعي كما أن العاملين في قطاع الزراعة من الوافدين ليسوا بنسبة كبيرة كما ذكرنا، من ثمَّ نجد أن هذا الانصراف عن العمل الزراعي وقلة اليد العاملة فيه يؤثّر سلباً على قطاع الزراعة في طرطوس حُكماً وهذه إحدى الثغرات العميقة التي تشكلت وتتسع مع الوقت.
أما القطاع التجاري بشكل عام فقد وجدناه أقوى بوجود العمالة الوافدة؛ إلا أن أهل طرطوس ليسوا بخبراء في هذا المجال، باستثناء بعض التجار القدماء المخضرمين بالمهنة والمحلات التجارية المعروفة، أما باقي المحلات التجارية الكثيرة فهي محاولات عند البعض في حين توافر رأس المال ليكون لديهم مشروع خاص، حيث تكون الخبرة قليلة، والنتيجة ليست في مصلحتهم.
(مثلاً: يتوجه التاجر الطرطوسي لشراء بضاعته من دمشق، و يجلب تجار حلب البضاعة من حلب و يبيع التاجر الحلبي بطرطوس القطعة نفسها بسعر أرخص من ابن طرطوس؛ لأن سعر شراء البضاعة من حلب أرخص من دمشق وطرطوس ) و لعدم وجود الخبرة الكافية يتضرر أبناء المحافظة من فرق الأسعار وخسارة الربح بالقطعة، ولكن هي ممكن أن تكون مرحلة انتقالية وبداية جيدة إذا ما أحسنوا التعلّم و الاستفادة منها.
عقلية خاصة
أجمع أصحاب المحلات التجارية على رأي مفاده أن ” معاملة التجار الوافدين بالبيع أفضل من التجار الطراطسة، ويكسبون الزبون بالمسايرة والإقناع، ولديهم بال طويل، ولولا هذه التجارة الوافدة ما وجدت تجارة حقيقية بطرطوس”
وذكر لنا بعض التجار الوافدين عن تجربتهم بالعمل في سوق طرطوس قائلين: تجار طرطوس لديهم عقلية خاصة و غير متعاونين ” كل واحد اللهم اسألك نفسي”، ويفرقون بالتعامل بين التاجر الطرطوسي وغيره في بيع وشراء البضائع، ولديهم طمع بالربح الكبير.
ورداً على ذلك علق تجار جملة من طرطوس قائلين:” لا يوجد فرق أبداً كلنا أبناء البلد، ولكن التعامل بيننا محدود من الأساس ولا يأخذون بضاعة من عندنا إلا في حالات نادرة، لأن البضاعة في دمشق و حلب أرخص لكثرة الإنتاج “.
و بالنسبة لمسألة الربح : هذا الكلام حقيقي حيث وصل الربح بالقطعة لأكثر من ٤٠ ألف ليرة في بعض المحلات التجارية، خاصة الموجودة في الشوارع التجارية مثل الوكالات وسوق هنانو.
ولكن أصحاب هذه المحلات ليسوا من تجار طرطوس فقط بل معظمهم “ماركات” من خارج المحافظة.
انتقائية
عندما سألت أحد التجار عن “أهل طرطوس والعمل معهم” أجابني : ” بَكَوات ” بالنسبة لتوجهاتهم المهنية ” ووظيفة الدولة أهم بالنسبة لهم من التجارة”.. وقال آخر: “بيحبوا يضلّوا مرفهين” ولا يقصد بها مرفهين حرفياً، إنما تعبيراً عن طريقة أهل طرطوس بالعيش، لأنهم لا يقدمون مسايرات كثيرة لتيسير العمل.
و هذا ما أجمع عليه كل الأشخاص الذين التقينا بهم من الوافدين، و من أهل المحافظة.
وأخبرنا بعض أبناء طرطوس أنهم يعملون في المحلات التجارية بغرض: إما الإنتاج المادي، أو إلى جانب الدراسة، أو بدل العمل بالشهادة الجامعية لعدم وجود الوظيفة؛ فالشباب الطرطوسي عادةً لا يُقبل على العمل بالقطاعات المهنية باعتبارها مِهناً لها أساس وأصول يرغب بتعلّمها، ولكن بالسنوات الأخيرة ازداد الوعي عنده بأهمية هذه القطاعات وبدا اهتمامه بها بشكل أكبر.
معوّقات التقدم
نأمل الحفاظ على مستوى جيد في السوق التجارية، ولكن الأمر يحتاج بعض الوقت لصناعة إنجاز على هذا الصعيد، حيث تبيّن لنا من المعلومات السابقة بأن القطاع التجاري ازدهر بوجود العمالة الوافدة، وكان له أثر على النمو الاقتصادي، ولكن من الصعب الاعتماد أو الارتكاز عليها بشكل مطلق؛ لكي لا ينعكس ذلك سلباً على اقتصاد المحافظة أيضاً في حال قلّت أو كثرت هذه العمالة، وللنهوض والارتقاء بهذا المجال للأفضل من المفترض استغلال النقاط الإيجابية المتوافرة، وتحديد أهم المشكلات الموجودة في هذا القطاع والحلول لها، و أولها دعم الصناعة المحلية والشراء من المعامل المحلية الموجودة في طرطوس؛ لتنمية وتطوير هذه الصناعة وتمهيد الطريق لها، وضرورة التعاون بين تجار المحافظة ودعم بعضهم بعضاً في العمل، حيث أكد بعض تجار الجملة من أبناء طرطوس، وأصحاب المعامل القليلة فيها: أن تاجر طرطوس ( مفرّق) يفضل الشراء من معامل دمشق ولا يشتري منهم؛ رغم جودة البضاعة، والسبب الرئيسي لذلك هو الإنتاج القليل، و عدم توافر كميات كبيرة من القطعة، وتكون تكلفة التصنيع أغلى في طرطوس، بينما في دمشق تكون الكميات مضاعفة من القطعة فتكون أرخص؛ بسبب توافر الإمكانات الصناعية والأيدي العاملة لديهم، و أكدوا ضرورة زيادة الإنتاج المحلي والتصنيع ضمن طرطوس، وتكثيف الدورات المهنية المساعدة للحصول على خبرات، وفتح ورشات تصنيع ضمن المحافظة والاعتماد عليها لتقوية السوق التجارية.
إلى أين؟
بنظرة اقتصادية و شاملة أجابنا الدكتور عبود عن سؤالنا حول الأبعاد الاقتصادية المستقبلية لوجود العمالة الوافدة في طرطوس، و النتائج التي من الممكن أن تظهر بصورة جليّة على واقع المحافظة؛ حيث أخبرنا أن المشكلة الكبرى التي ستظهر في المستقبل، تكمن في اعتماد المحافظة على العمالة الوافدة بشكل مكثف في بعض القطاعات دون غيرها ولاسيما في القطاعات التي لا يرغب أبناء طرطوس العمل فيها مثل الأعمال اليدوية والمهنية، مع أن التغيرات الاقتصادية والاجتماعية وزيادة التعليم والوعي لدى المرأة أدى إلى مشاركتها في تحمل الأعباء في الحياة المعيشية وذلك بجنوحها إلى العمل لمساعدة الرجل، فضلاً عن تحملها مسؤولية الحياة الزوجية إلى جانب تربية الأبناء والعناية بهم، وتؤكد هذه الحقيقة أن اتجاهات المرأة نحو العمل قد تغير خلال فترة الحرب على سورية تبعاً للتغيرات الاقتصادية والاجتماعية والثقافية، إلا أن معدلات التحاق المرأة الطرطوسية بالعمل مازالت دون المأمول.
من جهة أخرى هناك ضعف في إقبال الشباب الطرطوسي على التعليم الفني والمهني، وهذا ما سيتراكم تأثيره مستقبلاً، فعزوف الشباب الطرطوسي عن الالتحاق بالتعليم الفني والمهني واندفاعه إلى الكليات النظرية طلباً للشهادة الجامعية لأسباب اجتماعية، هو سبب من أهم أسباب الاعتماد على العمالة الوافدة في طرطوس، حيث ينظر الشباب نظرة دونية إلى العمل اليدوي ولا يقبلون عليه، وفي هذا الشأن يجب الاعتراف بأن العيب ليس في السياسات الحكومية فقط ولكن في ذهنية الشباب الطرطوسي أيضاً، حيث ساعدت هذه السياسات باستقطاب العمالة الوافدة بسبب الشخصية الاتكالية وعدم تقدير الشباب للعمل.
من المتوقع استمرار الوضع كما هو عليه، أبناء المحافظة يتجهون للعمل الوظيفي الحكومي، والعمالة الوافدة ستسيطر على سوق العمل الخاص
ورغم أن سنوات الحرب على سورية حررت المرأة الطرطوسية من العقلية الاتكالية، ودفعتها إلى المساهمة النشطة والمباشرة في العملية الإنتاجية، إلا أنه في طرطوس كما في المحافظات ذات المستوى التعليمي العالي، تتدنى نسبة المسجلات في التعليم المهني، كما أن خريجات معاهد التدريب المهني لا يقبلن على العمل اليدوي ولا يفضلنه لأنه غير مرغوب فيه اجتماعياً، فالأعمال اليدوية والحرفية كالحدادة والنجارة والصباغة وغيرها من الحرف والمهن غير مرغوب فيها من حيث المكانة الاجتماعية، لذا نجد أن الشابات يحرصن على العمل في القطاعات الحكومية الإدارية سعياً وراء المميزات الخاصة من علاوة اجتماعيـة ونظام تقاعدي.
وتجدر الإشارة إلى أن الظروف الاقتصادية الضاغطة هذه الأيام دفعت عدداً كبيراً من الشباب الطرطوسي والذي لم يكمل تعليمه إلى الالتحاق بالدورات التدريبيـة بحثاً عن العمل وإن كان يدوياً، ويعد ذلك مؤشراً إيجابياً نحو نظرة الشباب الطرطوسي إلى العمل الفنـي والمهني، فهناك الكثير من العوامل الاقتصادية والظروف الحالية جعلت من الشباب الطرطوسي يعيد النظر في تقييمه لبعض المهن ويقدم على مزاولتها.
هناك عامل إضافي سيظهر في المستقبل القريب، وهو قلة عدد السكان نسبياً في محافظة طرطوس وضآلة الكثافة السكانية نسبياً مع وفرة رأس المال الذي يمكن توجيهه لمختلف المشروعات الاقتصادية والاستثمارية والتي تتطلب بالتالي أعداداً كبيرةً من العمالة غير المتوافرة في السوق الطرطوسية، لذا فإن قلة السكان والشح في القوى العاملة المحلية بالإضافة إلى البطالة المقنعة بسبب ميول الشباب الطرطوسي إلى العمل في القطاع الحكومي سيجعل المجال مفتوحاً دائماً أمام الأيدي العاملة الوافدة.
كذلك فإن للقطاع الخاص دوره الكبير في انتشار العمالة الوافدة، حيث يعد القطاع الخاص الموظف الرئيسي للعمالة الوافدة حيث تتركز العمالة الوافدة في قطاعـات تجارة الجملة والتجزئة والفنادق والتشييد والبناء والصناعات التحويلية.
ويغلب على هذه العمالة تدني مؤهلاتها التعليمية مقارنةً بأبناء المحافظة، لذلك من المتوقع استمرار الوضع كما هو عليه، أبناء المحافظة يتجهون للعمل الوظيفي الحكومي، والعمالة الوافدة ستسيطر على سوق العمل الخاص.