شبه ما يجري عالمياً بما حصل في زمن “الكساد الكبير”… خبير اقتصادي يدعو للحكومة “كان الله في عونها” وينصح بالزراعة والتصنيع الزراعي
تشرين- لمى سليمان:
في تطور سريع بالأحداث و النتائج، يسير العالم نحو ركود اقتصادي مُنهك يرافقه تضخم ملحوظ تعود أسبابه إلى جائحة كورونا أولاً، و الأزمة الروسية- الأوكرانية ثانياً، الأمر الذي يعود بالعالم إلى فترة الحرب العالمية الثانية وما أعقبها من تراجع اقتصادي و كساد، أين سورية اليوم مما يحدث؟ و هل من الممكن أن نستبق النتائج المزمع حدوثها بإجراءات كفيلة بتخفيف الأضرار؟ وهل من تجارب حكيمة سابقة من الممكن إعادة تدويرها لتلائم الوضع الاقتصادي الحالي؟
عن هذه الأسئلة يجيب الخبير الاقتصادي د.عابد فضلية أستاذالاقتصاد بجامعة دمشق حوار مع “تشرين” والذي يؤكد أن الأزمة اليوم تشبه في نتائجها نتائج أزمة الكساد العالمي الكبير التي حدثت عام ١٩٢٩، والتي لم تنتهِ آثارها الاقتصادية والاجتماعية إلا مع نهاية الحرب العالمية الثانية تلك التي خرجت منها الولايات المتحدة بأكبر المكاسب وأقل الأضرار.
يضيف فضلية: تعود أسباب أزمة اليوم إلى مفاصل عدة أهمها: سيرورة تطور النظام الرأسمالي العالمي الذي وبحسب استقراء التاريخ يقع في أزمة ركود أو بأزمة كساد، وهو أقسى من الركود، بسبب طبيعته “الاستقلالية” .. ولا يمكنه غالباً الخروج من هذه الأزمات الدورية إلا بتصديرها إلى الخارج على شكل حروب اقتصادية استغلالية أو حروب عسكرية (صغيرة – محدودة-متفرقة- خارجية)، كما يحدث الآن .
الآثار التي نعاني منها معقدة ومركبة وهناك قصور في المعالجة
والسبب الثاني للأزمة العالمية اليوم، يتابع فضلية: هو جائحة كورونا وآثارها الكارثية، أما السبب الثالث فهو الصراع العسكري بين روسيا وأوكرانيا، إذ إن هذا الصراع له أسباب سياسية تتمثل بالصراع على الهيمنة ومفاعيل سيطرة القطب الواحد.
آثار معقدة
وإذا أُسقط الأمر على سورية، كما يرى فضلية، فنحن نعاني اقتصادياً واجتماعياً كما تعاني كل شعوب الأرض حالياً. بالإضافة إلى ما نعانيه من تدخل إرهابي عسكري مفتعل على جميع الجبهات وإضافة إلى ما يعانيه لبنان والدول الصديقة والإقليمية من أزمات مالية واقتصادية مفتعلة أي إننا نعاني ضعف ما تعانيه الدول الأخرى في العالم، إذ إن ٩الآثار التي نعاني منها هي آثار معقدة ومركبة تسمى كما هو معروف بأزمة الكساد التضخمي،كون إجراءات معالجة آثار الكساد تؤدي إلى تضخم واتخاذ الإجراءات المساعدة لمعالجة التضخم تنعكس سلباً على حالة الكساد. وبالتالي فحين نجد ونلمس بأن أي إجراء يتم اتخاذه له وجهان: الأول إيجابي في موضع (نقدي، مالي) على سبيل المثال.. والثاني أثر سلبي في موضع (إنتاجي، انكماشي، اجتماعي ).
كما لفت فضلية إلى وجود بعض الملاحظات على بعض القصور في معالجة الأوضاع الاقتصادية الاجتماعية في سورية، بالتأكيد ونحن نتفهم مقولة أنه كان الله في عون تلك الجهات الحكومية المسؤولة عن اتخاذ القرارات والإجراءات المتعلقة بأي من هذه الأوضاع.
أهم الإجراءات
أما من ناحية أهم الإجراءات التي من شأنها تخفيف حدة الأزمة الحالية فتتمثل بالاعتماد أكثر على القوى الذاتية بتقوية الإنتاج المحلي الزراعي أولاً. والزراعي – الصناعي التحويلي أولاً ثانياً، وفي الوقت ذاته اتخاذ ما يلزم من إجراءات لتسهيل تنفيذ هذا الهدف بدءاً من توفير وتسهيل توفير مستلزمات ومدخلات الإنتاج ومروراً بالتمويل والتسهيلات الائتمانية وانتهاء بدعم التسويق في السوقين الداخلي والخارجي، وهذا يعني اتباع سياسات نقدية ومالية واستثمارية وإنتاجية وتجارية سليمة ومنسجمة ومتناغمة مع بعضها البعض بحيث تفضي إلى تحريك ودوران العملية الإنتاجية بالاتجاه المخطط والمرغوب.
ويأمل فضلية عدم حدوث حروب وصراعات أخرى غير (روسيا- أوكرانيا) التي ستأخذ ربما شكل صراعات دولية (داخلية) وصراعات دولية (خارجية)، إذ يبدو على أرض الواقع أنها بعضها شبه حتمي نتيجة ظروف وذيول وآثار ومفاعيل صراعات النظام العالمي الجديد والقديم.
العلاج يبدأ في الاعتماد على الذات
كما يتوقع فضلية بكل الأحوال أن تستمر هذه الصراعات لفترة عقد على الأقل لن تعيش فيه الشعوب بأي نوع من أنواع الأمان الاقتصادي والاجتماعي.