ماذا يحدث في رأس العين المحتلة؟.. انفلات وفوضى أمنية والعصابات المرتبطة بالاحتلال التركي تُروّع أهالي المنطقة وتسلب أموالهم وممتلكاتهم

تشرين – خليل أقطيني:

هوفيك خليل سركيسيان مواطن عربي سوري من الشريحة الأرمنية الكريمة، من سكان مدينة رأس العين المحتلة الواقعة شمال غرب الحسكة على الحدود السورية – التركية مباشرة.

منذ أيام فوجئ سركيسيان الذي ينتمي لإحدى العائلات المسيحية القليلة المتبقية في مدينة رأس العين المحتلة، بعصابة المدعو أبو محمد الموالي التابعة لميليشيا «الحمزات» الإ*رها*بية التي تعد إحدى عصابات ما يسمى «الجيش الوطني» المرتبط بالاحتلال التركي، تعتدي عليه بالضرب أمام  منزله في شارع الكنائس في المدينة، من دون أي ذنب ارتكبه، ومن ثم تخطفه وتقتادته إلى جهة مجهولة في سيارة لا تحمل أرقاماً، ليتبين لاحقاً أن الاعتداء بالضرب على سركيسيان ما هو إلا مسرحية الهدف منها اتمام جريمة خطفه من أجل طلب فدية مالية من ذويه كما جرت العادة. فهي ليست جريمة الخطف الأولى التي ترتكبها عصابة أبو محمد الموالي، وغيرها من العصابات العديدة التي تنتشر في منطقة رأس العين المحتلة، على مرأى ومسمع قوات الاحتلال التركي وبحمايتها.

تهجير – تطهير عرقي – استيلاء – سرقة – خطف – سلب – قتل – اغتصاب .. جرائم يرتكبها المرتزقة بشكل يومي

فكل أهل رأس العين يعرفون أن عصابة أبو محمد الموالي تمتهن الخطف والابتزاز وتهريب البشر الى تركيا.

ورغم ولاء هذه العصابة للدولة التركية، فإنها لا تتوانى عن تسهيل عبور عناصر معادية لهذه الدولة إلى داخلها، مقابل مبالغ مالية ضخمة، وذلك لأن ولاء هذه العصابة وجميع العصابات الأخرى في المنطقة هو للدولار الأميركي، ولتذهب كل الولاءات الأخرى ومعها القيم والأخلاق إلى الجحيم.

*جريمة تقشعر لها الأبدان 

وقبل جريمة خطف سركيسيان، استيقظ أهالي مدينة رأس العين المحتلة على وقع جريمة مروعة تقشعر لها الأبدان، ذهب ضحيتها طفل بعمر الورود تعرض للقتل على يد أحد الإ*رها*بيين المنضوين تحت لواء العصابات المسلحة التابعة لقوات الاحتلال التركي، بعد أن اغتصبه.

وروى عدد من سكان المدينة لـ «تشرين» تفاصيل هذه الجريمة المقززة، التي تأبى الحيوانات ارتكابها، فما بالك ببني البشر.

مبينين أنهم عثروا في الصباح على جثة الطفل مرمية قرب منزله في حي المحطة بمدينة رأس العين المحتلة، بعد أن تعرض للاغتصاب ومن ثم القتل.

آخر الجرائم.. خطف مواطن من أمام منزله من قبل عصابة الموالي 

وأوضح السكان أن الطفل يدعى ياسين رعد محمود وهو يتيم يقيم مع والدته التي تعمل ببيع الخبز في دوّار الجوزة وسط المدينة. أما المجرم الذي اغتصب الطفل ومن ثم قتله من أجل إخفاء معالم الجريمة فهو أحد عناصر عصابة ما يسمى «صقور الشمال» التابعة لعصابة «ثائرون» المنضوية تحت ما يسمى «الجيش الوطني» التابع للاحتلال التركي، يدعى مصطفى سلامة، وكان سابقاً عنصراً في عصابة «جند الأقصى» وشارك عدة مرات مع العصابات المرتبطة بالاحتلال التركي بمهاجمة  الجيش العربي السوري، وقبل ذلك كان وإخوته منتمين لتنظيم «داعش» الإ*رها*بي، وبعد مقتل عدد من إخوته في المعارك التي خاضها الجيش العربي السوري ضد عصابات هذا التنظيم. اختفى المجرم مصطفى سلامة لبعض الوقت، ليفاجأ أهالي مدينة رأس العين المحتلة بظهوره في المدينة، عنصراً في عصابة «صقور الشمال».

إيواء عناصر «داعش والنصرة»

هذه الجريمة كشفت بوضوح أن ما يسمى «الجيش الوطني» المرتبط بالاحتلال التركي يضم في صفوفه عناصرَ إر*ها*بية من تنظيم «داعش» وآخرون من «جبهة النصرة».

الناشط الحقوقي المحامي إسماعيل الزبيدي الذي يقوم بتوثيق جرائم عصابات ما يسمى «الجيش الوطني» المرتبط بالاحتلال التركي، في منطقة رأس العين المحتلة ضمن ملف متكامل، قام مشكوراً بتزويدنا بمعلوماتٍ مفصلةً عن أسماء قياداتٍ ومقاتلين من تنظيمي «داعش والنصرة» الإ*رها*بيين يقاتلون الآن ضمن صفوف عصابات ما يسمى «الجيش الوطني».

ووفقاً للزبيدي فإنّ أغلب من جُمعت معلوماتٌ عنهم كانوا عناصر أمنيين في تنظيم «داعش» الإ*رها*بي، لكن ما إن انحسر تواجد التنظيم داخل سورية بفضل انتصارات الجيش العربي السوري والقوى الرديفة والحليفة، انضم بعضهم لعصابة «الحمزات»، وآخرون انضموا لعصابة «أحرار الشرقية» وعصابة «السلطان مراد» ولعصابات انغماسيةٍ كـ «العصائب الحمر».

وأكد الزبيدي أن هؤلاء تلقوا تدريباتٍ عسكريةً داخل الأراضي التركية قبل مشاركتهم إلى جانب قوات الإحتلال التركي باحتلال رأس العين وتل أبيض في 9 تشرين الأول 2019، واحتلال عفرين في 18 آذار 2018، ويتواجدون حالياً ضمن هذه المناطق.

جرائم وانتهاكات خطيرة 

وأضاف الزبيدي: ورغم مرور ثلاثة أعوام على الاحتلال التركي لمنطقة رأس العين فإنّ مسلسل القتل والتهديد والاغتصاب والتغير الديمغرافي مازال مستمراً بوتيرة عالية، من قبل القوات التركية ومرتزقتها من المجموعات المسلحة، التي تورطت بارتكاب جرائم وانتهاكات خطيرة بحق المدنيين دون أي تمييز بين النساء والأطفال والمرضى وكبار السن.

ويكشف الزبيدي «تزايد معدلات العنف والجريمة وحوادث الاقتتال بين العصابات، وحدوث المزيد من الانفجارات ضمن مناطق تسيطر عليها القوات التركية. كما ساهم الاحتلال التركي لمنطقتي رأسن العين، وتل أبيض وما نتج عنه من مآسي إنسانية، بنزوح 375 ألفاً من سكانهما، إضافة لانتهاكات حقوق الإنسان وجرائم التعذيب والاعتقالات والإعدامات الميدانية والاستيلاء على العقارات والملكيات والقصف العشوائي واستخدام أسلحة محرمة دولياً، إلى جانب تنفيذ عمليات إعدام ميدانية، واستهداف الطواقم الطبية والصحفيين، الأمر الذي ساهم في تفاقم الأوضاع ودخول المنطقة برمتها في فوضى وتوجه الأمور نحو الفلتان الأمني، وعودة التفجيرات، وحوادث الاغتيال».

جرائم العصابات بالأرقام 

وقال الزبيدي أن العصابات المسلحة المرتبطة بالاحتلال التركي قامت بقتل وإصابة 8320 شخصاً في منطقة رأس العين المحتلة، القتلى 2527 شخصاً، فيما وصل عدد المعتقلين إلى 7901 شخص منذ بداية التوغل التركي في شمال سورية.

ووصل عدد الضحايا المدنيين نتيجة الهجوم التركي إلى 709 مدنياً، بينهم 99 طفلاً، و 72 امرأة، ووصل عدد الجرحى إلى  3520 شخصاً بينهم 273 طفلاً، و235 امرأة. وقتل تحت التعذيب أو نتيجة ظروف الاعتقال السيئة 61 شخصاً، وفقاً للزبيدي.

العدوان التركي على شمال شرق سورية تسبب بنزوح سكان 600 منطقة سكنية وقرية في مساحة 4300 كيلومتر مربع

وبلغ عدد المدارس المدمرة بفعل القصف التركي، وقصف الجماعات المسلحة الموالية لتركيا 27 مدرسة، وتعطلت 813 مدرسة، فيما حُرِمَ 86 ألف طالب وطالبة من التعليم.

وبلغ عدد المستشفيات والنقاط الطبية المدمرة، والتي تعرضت للقصف 28 ، وتم إصابة 11 شخصاً من العاملين في المجال الطبي، وقتل خمسة، 3 منهم أعدموا ميدانياً من قبل عصابات ما يسمى «الجيش الوطني».

وتسبب الهجوم التركي بإصابة 277 شخصاً بإعاقات جسدية، كما أصيب 154 آخرين بإعاقات جسدية في التفجيرات التي حدثت في منطقتي تل أبيض ورأس العين عقب الهجوم التركي، وأصيب 159 شخصاً بإعاقات نتيجة الألغام غير المتفجرة. وبين تلك الحالات يوجد 62 طفلاً و 57 امرأة، ولقي 4 صحفيين مصرعهم وأصيب 13 بجروح، كما قامت العصابات التركية باغتيال والدي وهو صحافي، ثم قامت العصابات المدعومة منها بالاستيلاء على منزله ومنازل 8 صحفيين آخرين في مدينتي تل أبيض ورأس العين.

ونتيجة العدوان التركي على شمال شرق سورية نزح سكان 600 منطقة سكنية وقرية في مساحة 4300 كيلومتر مربع، بتعداد يصل إلى 300 ألف مدني، وقتل 478 مدنياً، وأصيب 1070 بجروح، بينهم 45 حالة بتر أطراف، وبلغ عدد الأشخاص الذين تم اعتقالهم 120 شخصاً من قبل القوات التركية، والعصابات الموالية لها. وتعرض 18 منهم للتعذيب، من بين المعتقلين 9 نساء، وصلت حالات المطالبة بفدية مالية للإفراج عن المختطفين 12 حالة، تم تحرير 5 منهم، حيث وصل المبلغ المدفوع إلى 20 ألف دولار لقاء تحرير أحدهم، كما تم توثيق فقدان الاتصال بـ65 شخصاً حتى الآن، مصيرهم مجهول. وتم توثيق 17 حادثة اعتداء على مراكز حيوية مدنية من قبل عصابات ما يسمى الجيش الوطني التابع لتركيا، بينها 18 اعتداءً على مدارس و8 اعتداءات على منشآت طبية، و4 اعتداءات على أماكن عبادة، و5 على مؤسسات خدمية، وشملت الاعتداءات محطتي كهرباء،  ومحطتي مياه، و3 جسور، ونقطتين طبيتين.

ويؤكد الزبيدي أن  قوات الاحتلال التركي هي المسؤولة عن هذه الاعتداءات بشكل مباشر، كونها تستخدم سلاح الجو والقصف المدفعي والصاروخي العنيف.

الانتهاكات ما زالت مستمرة 

وقال الزبيدي أن العصابات المسلحة المرتبطة بالاحتلال التركي جرفت اثني عشر منزلاً واقتلعت نحو ألفي شجرة مثمرة في قرية عين الحصان في ريف رأس العين.

موضحاً أنه بعد سيطرة تركيا ومرتزقتها على رأس العين تم تهجير ٨٥ % من سكان المدينة الأصليين، ولا تزال الانتهاكات مستمرة في المدينة وأريافها. وهي موثقة بتقارير وصور وفيديوهات. منها توثيق اغتصاب طفلة تبلغ 12 عاماً في قرية العزيزية غرب رأس العين، من قبل عناصر ماتسمى “الفرقة عشرين”، وسُجلت حالتا اغتصاب في ريف رأس العين، إضافة لمقتل طفل في العاشرة على يد عناصر عصابة “الحمزات”.

مؤكداً أن مرتزقة الاحتلال التركي في رأس العين المحتلة اعتقلوا 386 شخصاً من بينهم 48 امرأة و 12 طفلاً. واخفاء 152 شخصاً قسراً. وتعذيب 232 شخصاً (ثلاثة منهم قضوا تحت التعذيب). ونقل 90 محتجزاً إلى تركيا (أكثر من نصفهم مدنيين).

والحكم على 48 محتجزاً حتى الآن بأحكام تتراوح بين 13 عاماً والسجن المؤبد، وقتل 48 مدنياً بينهم 3 نساء.

 

المجموعات المسلحة في رأس العين المحتلة استولت على 5500 منزل سكني و1200 محل تجاري وصناعي وأفرغت 55 قرية من سكانها الأصليين

وإعدام 11 شخصاً ميدانياً، وتوطين 2000 عائلة من عائلات المرتزقة في المدينة ضمن منازل المدنيين المُهجرين. إلى جانب توطين 55 أمرأه وطفل من مقاتلي تنظيم “داعش” الإرهابي في منازل تم الاستيلاء عليها ضمن رأس العين.

العصابات المسلحة سرقت 40 معملاً ومنشأة صناعية وفكمتها وباعت قطعها في تركيا

وبَيّنَ الزبيدي أن المجموعات المسلحة في رأس العين المحتلة استولت على 5500 منزل سكني، و1200 محل تجاري وصناعي، وقامت بإفراغ 55 قرية من سكانها الأصليين، واستولت على مليون ونصف دونم (150 ألف هكتار) من الأراضي الزراعية، وعلى مخزون الحبوب الاستراتيجي في “رأس العين والسفح ومبروكة والمناجير ودهليز والصخيرات”. والمُكوَّن من: 42,7 ألف طن من القمح و2,3 ألف طن من البذار المعقمة، و33 ألف طن من الشعير، و 3,2 ألف طن من السماد، و 2.6 ألف طن من القطن.

ويوضح أن العصابات المسلحة استولت بالقوة عقب احتلال رأس العين على 6 آلاف طن من القطن، و 15 ألف طن من القمح، و280 ألف طن من المحروقات، من ممتلكات الفلاحين.

انعدام الأمن والأمان

ويشير الزبيدي إلى أن منطقتي رأس العين وتل أبيض المحتلتان شهدتا منذ احتلالهما 56 تفجيراً على الأقل راح ضحيتها: 135 مدنياً (بينهم نساء وأطفال)، وأكثر من 300 جريحاً.

كما سرقت العصابات المسلحة  40 معملاً ومنشأة صناعية وفككتها وباعت قطعها في تركيا، وما تبقى باعته في المزادات العلنية كقطع الحديد والنحاس والألمنيوم،  إضافة إلى نهب أكثر من 5500 منزلاً و1200 محلاً تجارياً وصناعياً.

ويقول إن عصابة تابعة لما يسمى فرقة “القوات الخاصة” بقيادة المدعو “أبو سامر” المدعومة من الاستخبارات التركية قامت ببيع صوامع الحبوب في قرية المناجير في ريف رأس العين المحتلة.

وقبل ذلك بأيام قامت العصابة نفسها بتفكيك مولدة كهرباء الفرن الاحتياطي في قرية المناجير، وهو أحد أكبر الأفران في منطقة رأس العين المحتلة، من أجل الحصول على 5 كيلو غرامات فقط من النحاس، كما قامت المجموعة نفسها ببيع محطة مياه المناجير لتاجر  يدعى “السفراني”. إضافة إلى قيامها بقطع مياه محطة عللوك عن مليون إنسان في مدينة الحسكة وضواحيها وبلدة تل تمر وقراها.

تحويل المنطقة إلى بؤرة للإ*رها*ب المنظم ومرتع للتنظيمات الإرهابية 

وبناء على ما تقدم يتهم الزبيدي الحكومة التركية بتحويل المنطقة إلى بؤرة للإ*رها*ب المنظم، ومرتع للتنظيمات الإرهابية (داعش – القاعدة) التي بدأت بتنظيم نفسها مجدداً بتمويل وتدريب تركي علني في المعسكرات ومراكز التدريب.

وشدد الزبيدي على أن “الانتهاكات في منطقة رأس العين المحتلة جسيمة وفظيعة، وترتقي إلى جرائم حرب بعيدة عن أدنى معايير الإعلان العالمي لحقوق الإنسان والقانون الدولي الإنساني”. وطالب “بالمساءلة القانونية والعقاب في المحاكم الدولية، حيث القتل العمد والتعذيب والخطف والاخفاء القسري والتغيير الديمغرافي ونهب الثروات العامة والخاصة وفرض الأتاوات، والاستيلاء على الممتلكات العائدة للمدنيين عنوة وبقوة السلاح والترهيب، بالإضافة إلى العمل على خلق حروب أهلية مستقبلاً في المنطقة من خلال استقدام عشرات الألاف من عائلات المرتزقة من الخارج والداخل، وآخرها جلب 60 شخصاً من تنظيم “داعش” الإرهابي واسكانهم في المنطقة”.

وطالب الزبيدي المنظمات الدولية  القيام بواجباتها القانونية والإنسانية، والتحرك الفوري لإيقاف الانتهاكات التركية في المنطقة، والعمل على طرد العصابات الموالية لتركيا منها.

قد يعجبك ايضا
آخر الأخبار