‏جونسون: رداءة الصحافة والسياسة!

‏(الأسلوب هو الرجل) هذا ليس مبدأ فقط، بل بالنسبة لـ(بوريس جونسون) يشكل أداةً كاشفة بشكل ساطع وفاضح لسلوكه السياسي في الحكم، وهو ما يمثل أسلوبه في العمل الصحفي، إذ إنه في كل نشاطاته حرص جونسون على أن يكون شعبوياً. يبالغ، يكذب، يهاجم، يشتم، المهم أن يكسب الجمهور والشهرة الآنية حتى لو كانت هذه الشهرة ما هي إلا جنين فضيحة قادمة كما حصل له.

 

‏في التركيز على عمله الصحفي كشف مهم لحقيقة هذا النوع من حكام الغرب فهو أي، جونسون، منذ أن كان طفلاً، وكما كشف فيديو له وهو في عمر أربع سنوات يعرض عضلاته بمنفخة طفولية يقول: إنه( يريد أن يصبح إمبراطوراً) وهذه النسخة الطفولية حافظ عليها حتى الآن، وظل يتصرف على أساسها، وساعده أن والده الذي كان عضواً في البرلمان الأوروبي استطاع تعليمه في مدرسة راقية( ائتون) ثم استطاع إلحاقه بجامعة أكسفورد، وبذلك تسلحت منفخته الطفولية بشهادات عالية من مراكز تعليم راقية و أثناء وجوده في أكسفورد وبسبب سلاطة لسانه واستخدامه التعابير السوقية و الأوصاف الخارجة عن الرزانة حقق شعبية بين الطلاب وصار رئيس اتحاد أكسفورد وكان ينظم مناظرات بين الطلاب في مجلس العموم، إذ انتبه رئيس تحرير الديلي تلغراف (هاستينغ) له فوظفه صحفياً يكتب للجريدة عموداً، وبسبب كتابته للنزوعات الشعبية حقق جماهيرية جعلت الجريدة تعتمده مراسلاً لها في الاتحاد الأوروبي ومن هناك راح يرسل تقارير لا تعتمد الموضوعية بقدر ما تثير غرائز البريطانيين القومية ضد الاتحاد الأوروبي، ولم يتوانَ عن اعتماد الشائعات أو الأكاذيب أو الافتراءات لتقديم الاتحاد بصورة مهلهلة، وهذا النمط من التفكير و الأداء أعجب حزب المحافظين فدفع به للانتقال إلى عضوية مجلس العموم ممثلاً له ومع تطوير استعراضيته في رئاسة بلدية لندن ومع إيغاله في مغازلة مشاعر الجمهور البدائية تقدم في الحزب حتى رئاسة الحكومة.

‏جونسون صحفي لا يعبأ بالحقيقة، بل يلاحق الإثارة، ويعتمد المبالغة وسلاطة اللسان، وكأي بضاعة مروجة بالبهارات السوقية راج جونسون واشتهر، و كلما اشتهر زاد من سوقيته وسلاطة لسانه وتهريجه السياسي حتى دفع للخروج ورفس خارج دائرة الحكم.

‏المصيبة أنه ربما يعود إلى الصحافة ليعاود رحلته في المنفخة. والادّعاء والمبالغة والشطط والتهريج، ويبدو أن اعتقاده راسخ بأن الرداءة في السوق تطرد الجودة، من هنا أمله كبير في إثبات نفسه من جديد كأردأ أنواع الصحافة والسياسة، لأنه يعتقد أن الرداءة في بريطانيا باتت الطريق الموصلة إلى سدة الحكم!!.

قد يعجبك ايضا
آخر الأخبار