نهى زيود ولوحات “المانديلا” .. اتزان وغموض يبعثُ الأمل
بخطوات ثابتة ومتزنة استطاعت الجمع بين الأبعاد الهندسية والفنية، فامتلأ المكان بأحاسيس الفرح والبهجة المنبعثة من لوحاتها، التي أضفت على أروقة مركز ثقافي “أبو رمانة” رونقاً خاصاً عند احتضانه معرض الفنانة التشكيلية “نهى زيود” ضمن 36 لوحة تنوعت بين الفسيفساء والنقوش العربية ذات الطابع الديني الذي يغرف من فن “المانديلا”.
غنى ثقافي
وبألوانها الربيعية الممتزجة برائحة الخريف وعبق الماضي انطلقت برسالتها الفنية إلى الحضور، لتحاكي ثقافات عدة امتزجت بين الهند والعرب، واتخذت من أساسيات العمل بهذا الفن ابتداءً بالنقطة مبدأً للتعبير عما يدور في داخلها من مشاعر ترجمتها بنقوش وزخارف وأشكال هندسية متتالية مشكّلة هالات عبّرت من خلالها عن المحيط.
كما كان لانتشار هذا الفن في بلدان عدة مثل الهند وإيران ومن ثم حضوره بقوة ضمن هذا المعرض دور كبير في تقريب الثقافات وانتشارها بطرق مختلفة، عبر تجسيد لوحة لفتاة هندية باللباس التقليدي المعروف بألوانه الزاهية، ومحاكاة الوضع في إيران بلوحة عن السجاد، فيما عكست بقية اللوحات أفكار وتطلعات الفنانة التي لجأت للغموض، لإثارة فضول وتساؤلات الجمهور.
بُعد نفسي
للعمل بهذا الفن أبعاد كثيرة، تمثلت باستخدامه سابقاً من قبل مؤسس علم النفس التحليلي “كارليونغ” لعلاج مرضى اضطراب ما بعد الصدمة، ما يثبت تأثيره الكبير على الفنان أثناء مرحلة العمل حسب توصيف الفنانة، لحاجته الماسة للدقة والتركيز المتمثلين في شخصيتها ما عكس امتلاكها الكثير من الصبر لإتمام مراحل العمل بإبداع وإتقان ، في حين كان للفضول الدور الأكبر للبحث أكثر في طرق العمل بهذا الفن وتقديمه للجمهور بطرق متنوعة.
كما استطاعت باستخدامها أدوات بسيطة (قلم رصاص، أقلام تحبير) ومن ثم “الأكريليك” والألوان الزيتية العمل بأسلوب ‘التنقيط” الذي شكّل حالة من الانسجام مع نفسية المتلقي الذي يعرف بانجذابه لكل ما هو جديد.
كما أن لتنمية هذا الفن في وجدان الطفل ضمن مرحلة نشأته دوراً كبيراً في اعتياده على التنظيم والتركيز في حياته، والتي تدفع به لتعلم البدايات والنهايات الصحيحة بكل شيء برأي “نهى”، في حين أن قدرتها على الموازنة بين مرونة العمل الهندسي وحضور الموهبة والبحث المستمر لتطويرها ضمن ثقافات أخرى، جعلت الأعمال أكثر قرباً للتصديق.
مغامرة ناجحة
عدّ الكثير ممن حضر هذه التجربة أنها حملت معها مراهنات عدة لاختبارها من قبل الجمهور، واصفين الأمر بأنه نوعٌ من المجازفة والجرأة، ولاسيما أنه المعرض الأول للفنانة، إلّا أن الرغبة في الاكتشاف وميل الإنسان للمواضيع المعقدة كونَّا الدافع الأكبر لإقامة المعرض، ومن ثم حضور الكثير إليه للتعرف على اللوحات، بينما شكَّل تفاعل الفنانة مع الطبيعة الدور الأكبر في حصول الأعمال على الاهتمام والقبول من المتلقين برأي الفنانة التشكيلية أمل جدوع لاحتوائها على عنصر الفرح والتفاؤل المنبعثين من الألوان وطبيعة الساحل السوري.
وما يميِّز المعرض هو الدقة حسب توصيف الأديبة نرجس عمران والذي يفرضه أسلوب التنقيط، عدا عن مراعاة الألوان وتنوع المضمون بين الطبيعة والتراث الذي جمع ثقافات عدة، وللتفرد في الأعمال المقدمة من قبل فنانة شابَّة نوع من الأمل بمستقبلها برأي الشاعرة والأديبة هيفاء نصري.