من المقرر أن يشهد لبنان في شهر أيار المقبل انتخابات نيابية ستكون النتائج التي يمكن أن تفضي إليها على درجة عالية من الأهمية، قياساً بمعطيات عدة؛ أبرزها الأزمة الاقتصادية التي تمر بها البلاد والتي تعد الأخطر على النسيج المجتمعي اللبناني منذ إقرار ميثاق العام 1943، على الرغم من أن الأخير كان قد تلقى العديد من الضربات التي كان أبرزها في نيسان 1975 و في تشرين أول 2019 .
تبدي الأطراف اللبنانية في أغلبيتها حالاً من عدم الاعتراض على تمرير الاستحقاق الدستوري آنف الذكر، والذي سيكون تأجيله، فيما لو حصل، فعلاً تراكمياً يضاف إلى كمٍّ كبيرٍ تحتويه الجعبة الداخلية، وهو يصبّ في تعزيز حال الانقسام الحاصلة فيها بفعل افتراقات عدة من نوع اللوائح التي يطالب ” صندوق النقد الدولي ” بتنفيذها ، ثم ملف ” ترسيم الحدود ” اللبنانية مع فلسطين المحتلة، وصولاً إلى ملف شائك، وهو يبدو غاية في التعقيد، يتعلق بملف التوازنات الداخلية وطريقة التعاطي معها، وفي الآن ذاته تبدي العديد من الدول الإقليمية الفاعلة على الساحة اللبنانية رغبتها المشروطة في إجراء الانتخابات في موعدها، وصولاً إلى فعل نظير لهذا الفعل الأخير عند فرنسا التي راحت تتلمس مواقف الأطراف الوازنة على الساحة اللبنانية استشرافاً لتحديد مواقفها النهائية التي لم تتحدد بعد .
مجمل التراسيم التي تبرزها اللوحة السابقة تشير إلى أن صورتها النهائية لم تكتمل بعد، وأن جلَّ الأطراف، الداخليين والخارجيين، لا تزال تتخذ حتى اللحظة مواقف إعلامية، بمعنى؛ إن مواقفها الحقيقية لم تتحدد بعد بانتظار تكشف المزيد من المعطيات، والمزيد من رتوش الصورة التي سترسمها لوحة النتائج التي ستفضي إليها تلك الانتخابات في حال حدوثها .
هذه الضبابية تعني أن عوامل التفجير لا تزال قائمة خصوصاً إذا ما لاحت في الأفق تباشير مفادها أن النتائج التي ستفضي إليها انتخابات أيار سوف تفضي إلى تثبيت المعادلات التي أفضت إليها الانتخابات النيابية السابقة، الأمر الذي سيحتم مغادرة جلّ الأطراف، التي ما انفكت تعلن موافقتها على إجراء الانتخابات، لمواقفها السابقة بغض النظر عما يمكن أن يقود إليه هذا الفعل كنتيجة، فإن فرص النجاح في إجراء الانتخابات اللبنانية في موعدها المقرر تبدو متعادلة مع فرص الفشل فيها، فيما رجحان إحداها على الأخرى سيبقى رهناً بالأيام القليلة التي تفصلنا عن ذلك الموعد، وفي التحليل يبدو الآن أن فرص التفجير هي الأكثر حظاً قياساً لما تشير إليه التحركات والتصريحات التي تصدر عن السفارة الأمريكية في بيروت .
قد يعجبك ايضا