إيفا شترومنغر.. تاريخ لن يعود

يوم أسود وحزين يخيّم على عالم الآثار ليس في سورية فحسب وإنما على كل من يعرف أعلام وخبراء الآثار والتاريخ في العالم، فقد رحلت عالمة الآثار الألمانية إيفا شترومنغر، عن عمر ناهز الـ 95 عاماً، بعد أن أفنت أكثر سنوات حياتها في ذروة عطائها بين المواقع الأثرية السورية التي لطالما أسرتها بقدمها وعراقتها الموغلة في التاريخ.. كيف يكون الأمر غير ذلك وهي التي قالت قبل رحيلها عبارتها الشهيرة: (المواقع الأثرية السورية شهرتني على المستوى العالمي).

عملت العالمة الآثارية الراحلة إيفا شترومنغر في مدينة حبوبة وتل البيعة (توتول)، ولطالما كانت تحنّ للعمل في سورية كي تستعيد ذكرياتها في حقول التنقيب والبحث، وكشف أسرار حضارة الفرات عبر العصور.
ومن يطّلع على سيرة شترومنغر العملية، يدرك بصورة تامة أنها لم تكن عالمة آثار فقط وإنما مدرسة آثار خاصة بالشرق الأوسط وسورية بشكل خاص.. رحلت عالمة الآثار شترومنغر (1927– 2022)، ووصل ببالغ الحزن والأسى من العاصمة الألمانية برلين نبأ رحيلها التي عرفتها بلادنا من خلال تنقيباتها في تل حبوبة كبيرة، وتل البيعة، والتي انتقلت من هذا العالم مع ذكرى القيامة أحد عيد الفصح في 17 نيسان 2022، وكل التعازي القلبية للعاملين في حقل الآثار في سورية وألمانيا والعالم ولتسترح روحها بسلام.
وحول الشهادات بجدارة العالمة الراحلة وبصماتها الراسخة في عالم الآثار السوري، ذكر كتاب “أصدقائي علماء الآثار” الذي أصدرته وزارة الثقافة السورية عام 2018 مع بعض الذكريات، شهادة حقيقية بحق الباحثة إيفا شترومنغر وتل حبوبة كبيرة، وتل البيعة، وقال إنها عالمة آثار ألمانية اختصّت بتاريخ الشرق الأدنى القديم أحبّت بلادنا وعملت فيها طويلاً.. ولدت شترومنغر في دورتموند بألمانيا يوم 20 حزيران 1927، ودرست تاريخ الشرق القديم (1948– 1954) في جامعة برلين الحرة وكانت من أوائل تلاميذ البروفسور أنطون مورتغات أستاذ الآشوريات الشهير .. هذا وكان موضوع أطروحتها لشهادة الدكتوراه “أشكال و تقاليد الدفن في بلاد الرافدين من ما قبل التاريخ وحتى منتصف الألف الأول قبل الميلاد”. وفي العام 1967 عملت مع إرنست هاينريش الذي بدأ التنقيب في حبوبة كبيرة على الفرات في سورية مع “جمعية الاستشراق الألمانية”، وتابعت اعتباراً من العام 1969 رئاسة البعثة حتى العام 1975 حين غُمر التل بمياه بحيرة سد الفرات. وأظهرت الحفريات والفخار وجود استيطان من العصر الحجري النحاسي (كالكوليتيك) وازدهار موقع حبوبة كبيرة بين 3500– 3300 قبل الميلاد.. كما أنه وبعد القيام بعمل سبر في تل كبير هو تل البيعة (توتول القديمة) الواقع عند مصب البليخ في الفرات قرب الرقة (المشلب) قادت الحفريات بين 1980–1995 حيث وجدت البعثة تحت البقايا البيزنطية والرومانية قصراً ومدينة من دون سور من الفترة البابلية القديمة.
من أهم كتبها، “صور الإنسان في أختام بلاد الرافدين القديمة من ميسيليم إلى حمورابي”، صدر في برلين 1960، وكتاب ” خمس آلاف سنة بلاد الرافدين: الفن من بداية الألف الخامس حتى الاسكندر”، ميونيخ 1962.. وأيضا كتاب “حبوبة كبيرة: مدينة قبل 5000 عام حفريات “جمعية الاستشراق الألمانية”، برلين 1985، وكتاب “ماري جديرة بالزيارة” : من. المتوسط إلى الفرات قبل 4000 عام، وكتاب “بنوا بالطين”: أمثلة على فن العمارة الطينية في الشرق الأدنى.. الجدير بالذكر أنه كان لإيفا شترومنغر الفضل في تحريض وقيام المديرية العامة للآثار سابقاً في إعداد المتحف الجوال لـ 270 قطعة أثرية من كنوز متاحفنا السورية زارت فيها متاحف ألمانيا وفرنسا وإيطاليا والولايات المتحدة الأمريكية واليابان وصدرت عنه الكتالوجات باللغات المختلفة لتنشر عبق الحضارات السورية في العالم وتدعوه لزيارتها والتعرف عليها..!

قد يعجبك ايضا
آخر الأخبار
عمل جراحي نوعي في مشفى الباسل بطرطوس.. نجاح استئصال كتلة ورمية من الدماغ لفتاة بعمر ١٤ عاماً «صحة الحسكة» تتسلم شحنة جديدة من الأدوية "الزراعة" تعتمد أربعة أصناف جديدة من التفاح وتدعو للتشارك مع القطاع الخاص لإنتاج البذور رئاسة مجلس الوزراء توافق على مجموعة من توصيات اللجنة الاقتصادية المرتبطة بتقديم وتحسين واقع الخدمات في عدد من القطاعات بقيمة تجاوزت تريليون ليرة.. 28 مليون مطالبة مالية عبر منظومة الشركة السورية للمدفوعات الإلكترونية أميركا تعود إلى مسار «اليوم التالي» بمقايضة ابتزازية.. و«كنيست» الكيان يصوّت ضد الدولة الفلسطينية.. المنطقة مازالت نهباً لمستويات عالية المخاطر مع استمرار التصعيد شهادتا تقدير حصاد المركز الوطني للمتميزين في المسابقة العالمية للنمذجة الرياضية للفرق البطل عمر الشحادة يتوج بذهبية غرب آسيا للجودو في عمّان... وطموحه الذهب في آسيا مسؤول دولي: أكثر من ألف اعتداء إسرائيلي على المنشآت الصحية في قطاع غزة برسم وزارة التربية.. إلى متى ينتظر مدرسو خارج الملاك ليقبضوا ثمن ساعات تدريسهم.. وشهر ونصف الشهر فقط تفصلنا عن بدء عام دراسي جديد؟