رأي خبراء بإعفاء الودائع الجديدة من سقف السحب : طالما استمر التضخم فالتشجيع على الإيداع لن يعطي جدوى

قال عضو لجنة الموازنة في مجلس الشعب زهير تيناوي لـ “تشرين” إن قرار المركزي الذي صدر اليوم ” بإعفاء الودائع الجديدة من سقف السحب اليومي” جيد وإيجابي، وأعرب عن أمله في أن يتم تطبيقه ونفاذه على المدخرين، وإعادة الثقة إليهم لاستثمار أموالهم لدى المصارف.
وعن مسوغات إصدار القرار تحدث تيناوي عن القرار السابق الذي أصدره المركزي، وعن تحديد سقف السحب اليومي، الذي كان على أرض الواقع أقل حتى من السقف المحدد في القرار، وهو ما أدى إلى تراجع في الإيداعات.
ويرى تيناوي “أن القرار الذي صدر عن المركزي، وتضمن رفع نسبة الفائدة على الودائع، “كان في محله و وقته” وإن كان سيؤدي من حيث النتيجة إلى نفقات إضافية تتحملها المصارف، لأنها مضطرة لأن ترفع نسبة العائد على الوديعة من 7 إلى 11 % كحد أدنى، ويمكن حسب المبالغ المودعة أن تصل إلى أكثر من ذلك”.
وإن كان في ذلك ناحية سلبية للقرار (السابق) فقد كانت هناك آثار إيجابية له، إذ إنه ينطوي على “جذب السيولة الموجودة لدى المواطن، وتشجيعه على إيداع مدخراته لدى المصارف، وكما كان سابقاً قبل عام 2011، وقبل أن تصدر تلك المصارف جملة من القرارات التي حدت من الادخار لدى المصارف، واستثمار أموالها بهذه الطريقة”.
ويضيف تيناوي : بعد صدور القرار برفع نسبة الفائدة، كان هناك تخوف من المدخرين الذين لديهم الرغبة في الادخار واستثمار أموالهم عن طريق المصارف بودائع قصيرة أو طويلة الأجل، ويعود ذلك التخوف إلى عدم إمكانية سحب مدخراتهم، إلّا بقيود، فمن وضع مبلغاً ما، ثم أراد بعد انتهاء أجل الإيداع، أن يسحبه كانت تعليمات المركزي تقضي بأنه لا يمكن سحب أكثر من 5 ملايين ليرة يومياً، وتلك مشكلة.
ويؤكد تيناوي أنه حتى ذلك السقف (5 ملايين ليرة حسب القرار)، لم يكن يطبق، ويقول: “أنا مسؤول عن كلامي ، صدر قرار وبقي حبراً على ورق، إذ بقي السحب لا يتجاوز مليوني ليرة في أحسن حالاته”.
ويرى تيناوي أن ذلك أضعف الثقة بين المدخرين و المصارف.
واليوم، يبدو أن الإقبال على إيداع المدخرات كان بطيئاً، حسب تيناوي، “لذلك اضطر المصرف المركزي، ونتيجة عدم الإقبال على الإيداع كما أتوقع، من إصدار التعميم الأخير الذي صدر بتاريخ 19 من الشهر الجاري”.

وأضاف تيناوي أن التعميم الأخير تضمن إعفاء الإيداعات النقدية الجديدة، أي: كل إيداع نقدي جاء بعد صدور القرار السابق (رقم 68) أعفى هذه الإيداعات من سقف السحب اليومي، وقال: “نتمنى أن يطبق ذلك، فهذا سيشجع المواطنين والمدخرين على استثمار أموالهم لدى المصارف بنسب مختلفة حدها الأدنى 11 % ويمكن رفعها حسب الفترة وكتلة المبلغ”.
ويضيف أن “القرار جيد وأعتبره إيجابي فنواحيه الإيجابية كثيرة، نأمل أن يتم تطبيقه ونفاذه على المدخرين وإعادة الثقة إليهم لاستثمار أموالهم لدى المصارف وبالتالي سحب السيولة الموجودة في السوق أو لدى المواطنين، واستثمارها في المصارف بالعوائد التي نصّ عليها القرار السابق رقم 68”.
وأشار تيناوي إلى ناحية أخرى تتعلق بالمصارف، وهي أنه يجب استثمار السيولة التي سيتم سحبها من المدخرين، وخاصة أن المصارف ستتحمل نفقات، ومصاريف كبيرة، وفوائد، ولذلك فإنه من “المفروض أن نجد لتلك المبالغ أبواب تشغيل، وألّا تبقى حبيسة لدى خزائن المصارف العامة أو الخاصة أو خزائن المركزي”، ففي تلك الحالة، حسب تيناوي لن تتحقق فائدة اقتصادية، بل سيكون الاقتصاد تضرر بتلك العملية”.
ويختم تيناوي: “لا نريد أمولاً تتكدس، نريد للأموال التي ستُدفع عليها فوائد، أو عوائد بنسب جيدة، أن يتم استثمارها بالشكل الأمثل وبمطارح تكون مجزية ومفيدة وداعمة للاقتصاد”.

من جانبه قال الخبير المصرفي عامر شهدا : إن القرار يهدف إلى تشجيع الإيداع، وجاء بعد قرار رفع الفوائد.
و بيّن شهدا «لـ تشرين» أن المشكلة في الدخل المنخفض لدى المواطنين والتجار أيضاً، والتشجيع على الإيداع يحتاج تحريك العجلة الاقتصادية، فهناك ركود اقتصادي وتضخم وإذا كان القصد من تشجيع الإيداعات لجم التضخم فلا يعتقد أن هذا سيلجم التضخم.
وقال شهدا إنه عند التشجيع على رفع الإيداعات، فهذا سيقلص الاستهلاك المتراجع أصلاً بسبب ضعف الدخول، وبالتالي هذا يضرب السوق مرتين: مرة بسبب ضعف الدخل، ومرة بسبب التشجيع على الإيداع.
وأضاف: إن الوضع الاقتصادي يعيش حالة ركود تضخمي وهذا يجب أخذه بالاعتبار، فالركود التضخمي سيوقف الإيداع والإقراض والمشاريع الاستثمارية والعجلة الاقتصادية، ويجب العمل على معالجة التضخم ليس بالإيداع، لأن التشجيع على الإيداع يحتاج إلى تحسين دخل المواطن، لكن مع الدخل المتراجع لا يمكن أن تكون هناك ودائع في المصارف يأكلها التضخم، وتابع شهدا: حتى الفوائد لا تتوازن مع التضخم الذي يحصل، فعندما نرفع الفائدة بنسبة 10% مثلاً يقابلها في الواقع تضخم 30% أي إن المواطن الذي

يودع أمواله يخسر 20%.
ودعا شهدا إلى التفكير بطريقة علمية ودينامكية لحلِّ مشكلة التضخم، لأنه طالما بقي موجوداً، ولا أداة للجمه، فالتشجيع على الإيداع لن يعطي أي جدوى.
ووجه شهدا سؤالاً فيما إذا كان هناك نقص في السيولة؟ وأضاف أن الرقم المصرّح عنه هو 5 تريليونان ليرة في المصارف فلماذا لا تستثمر هذه الأموال لدفع العجلة الاقتصادية من ثم الإنتاج وتحسين الدخول، ولماذا تترك هذه الكتلة من الودائع ومن ثم نشجع للحصول على أموال فوقها مادامت السيولة جيدة؟
وهل التشجيع على الإيداع هو للجم التضخم؟ ثم يجيب شهدا أنه إذا كان كذلك فهذا يحتاج أدوات غير مكلفة، وعندما نستخدم أدوات مكلفة ستنعكس على تكاليف الإقراض والاستثمار وتكاليف الإنتاج وتكون النتيجة أننا لا نحارب التضخم.
وأضاف شهدا أنه من الجيد أن يشجع المركزي على الادخار لكن يجب استخدام أدوات تلجم التضخم وتشجع العجلة الاقتصادية وترفع الدخول وتزيد الإنتاج. و إذا كان لدى المواطن رأس مال فإيداعه في المصارف هو لجم للاستثمار ومن المفروض التشجيع على الإنتاج أكثر ودعم الدخول وطرح كتلة نقدية لتحريك الاستهلاك.
في حين تساءلت وزيرة الاقتصاد الأسبق الدكتورة لمياء عاصي : كيف يمكن أن يميز المركزي بين الودائع الجديدة والقديمة في معرض تعليقها على القرار برفع قيود السحب اليومي على الودائع الجديدة حصراً ؟
وقالت إن أقل ما يقال: إن القرار الجديد ، لن يكون له انعكاس كبير على زيادة الإيداع، بل سيضعف الثقة أكثر بإجراءات المركزي.
وأضافت أن التمييز في حد ذاته غير جائز، ولا يحق للمركزي ذلك، إلا إذا كان قراره ” سيخدم البعض”!
وبيّنت أن السؤال الذي يطرحه المودعون الجدد: هل هناك ما يمنع المركزي من إصدار قرارات أخرى تقيد السحب اليومي وتشمل هؤلاء الجدد؟

قد يعجبك ايضا
آخر الأخبار