مواكب رمضان.. فخامة الزينات وعظمة الاحتفالات

تعدّ المواكب الاحتفالية الرمضانية من العادات التي انتشرت في مصر في جميع المناسبات حتى دوّنها المؤرّخون وخصصوا لها مكاناً في كتبهم ومؤلفاتهم.. ويذكر “ابن زولاق” أن الفاطميين قد بدؤوا احتفالاتهم ومواكبهم منذ قدوم الخليفة “المعز لدين الله” وكانت ترسل في العيد المراسلات المعطرة التي تصف عظمة موكب الخليفة وفخامته, ‏كما اشتهرت هذه المواكب للخطب في الجمعة الثانية والثالثة والرابعة من الشهر الكريم والتي كان يوزع فيها الخليفة الصدقات منذ خروجه من باب القصر وحتى العودة إليه.
وكان أول موكب احتفالي رمضاني يقام عند حلول الشهر الكريم ورؤية هلاله هو موكب (ليلة الرؤية), وفيه يحتشد الخليفة في زيه وبنوده وقبابه بـ”باب الذهب” داخل سور القصر الكبير وقد امتطى أكرم الجياد مرتدياً شاشية مكملة مذهبة، وبيده قضيب الملك متوجاً بعمامة ضخمة ترمز إلى الوقار يحيط به إخوته وبنو عمه والأساتذة المحنكون مترجلون وكبار أمراء الدولة ثم طوائف العسكر خمسة آلاف فارس ثم المرتجلة رماة القسي وعددهم ألف رامٍ ثم الجيوشية والمظفرية والريحانية نحو سبعة آلاف.. وكان هذا الموكب يبدأ من (بين القصرين) ويسير في منطقة (الجمالية) حتى يخرج من (باب الفتوح). ‏
أما أشهر مواكبهم الاحتفالية فكانت في عيد الفطر وكانوا يسمونه «الموسم الكبير» وكانت تقام فيه المصاطب على امتداد الطريق الذي يسلكه الخليفة بين المصلى والقصر، ويصطف عليه المؤذنون وجماعة من أنصار الدولة حسب ترتيب أسمائهم, وتبدأ الابتهالات من القصر إلى المصلى بين المؤذنين الذين على المصاطب، والخليفة يخترق هذا الطريق في موكب ضخم يضمّ طوائف العسكر في أبهى حلة وزينة، وكان يشترك في هذا الموكب الفيلة والزرافات والأسود المزينة بالجلال والحرير وعليها قباب الذهب. ‏
أما الموسيقا المصاحبة للموكب فكانت تصدح بأنغام قوية وتحوي بين آلاتها أبواقاً خاصة لا تعزف إلا بمصاحبة الخليفة، وقد انتشرت في كل مكان الأعلام التي تحمل عبارات النصر على أسنة الرماح، وكان الناس يحتشدون على جانبي الطريق لمشاهدة موكب الخليفة منذ انطلاقه من القصر وذهابه إلى المصلى وعودته التي كانت ترافقه معها الألعاب البهلوانية التي كانت تقوم بها مجموعة من أهل “برقة” يطلق عليها (صبيان الخفّ) والتي كانت الدولة تخصص لها إقطاعات ومرتبات ورسوماً، ويبدو أن الخليفة كان يقف بموكبه لمشاهدة ألعابهم عند باب القصر، فكانوا يمدون حبلين من أعلى باب القصر إلى الأرض وينزل على الحبلين جماعة منهم وهم يركبون خيلاً من خشب، ويحملون الرايات ويحمل الراكب فرداً آخر معلقاً بيديه ورجليه، وآخر خلفه بحركات وألعاب مدهشة بالإضافة إلى ركوبهم على الخيول وأدائهم الحركات البهلوانية والاستعراضية عليها. ‏

قد يعجبك ايضا
آخر الأخبار