أين الاستبدال والتجديد؟
أثارت قضية تلوث مياه الشرب بالصرف الصحي في مدينة درعا مؤخراً والتي تسببت بحالات تسمم واستفراغ وإسهالات للعديد من المواطنين، تساؤلات مهمة حول مدى صلاحية الشبكات التي تخدم مختلف الأحياء السكنية.
إن مرور ما يزيد على عشر سنوات من الحرب الظالمة على بلدنا، لا شك تسبب بتضرر مختلف البنى التحتية على تنوعها، وحدّ بشكل كبير من إدراج وتنفيذ الكثير من مشاريع الاستبدال والتجديد التي تعد ضرورة ملحة وخاصة لشبكات مياه الشرب بعد مضي فترة زمنية طويلة من عمرها، حيث يكون الكثير منها قد تعرض للاهتراء والعطب ولم تعد صالحةً لتأدية خدماتها كما يجب.
كذلك فإن شبكات المياه قد تتعرض للاهتراء بشكل متسارع بسبب تأثرها بالمياه المالحة المتسربة إليها من شبكات الصرف الصحي المحاذية لها بمساراتها في معظم المناطق، وهو ما يؤشر إلى أن هناك في الأصل خللاً بالتنفيذ يتمثل بمدّ شبكات المياه والصرف الصحي بطرف واحد من الطرقات إلى درجة الملاصقة.
وحالة ملاصقة المسارات تتكرر مع بقية البنى التحتية الأخرى، التي إن لم يكن لها منعكس صحي سلبي على المواطنين في حال تضررها فهي ستؤدي بالتأكيد لتعطل الخدمات المقدمة لهم، والمثال هو مرور كابلات الكهرباء والهاتف الأرضية بمحاذاة شبكات المياه والصرف الصحي، والذي رصدناه عندما تم استنفار جميع الجهات ذات العلاقة وتم الحفر بحثاً عن مكان بؤرة التلوث الأخيرة.
في المحصلة، فإن إيلاء البنى التحتية الخدمية للسكان الاهتمام المطلوب لا يتقدم عليه شيء، ويستدعي وضع خطط مدروسة بعناية لتنفيذ مشاريع استبدال وتجديد لشبكات المياه التي انقضى عمرها الزمني أو تضررت بفعل الصرف الصحي مع رصد الاعتمادات الكافية لتنفيذها، وكذلك الأمر بالنسبة لشبكات الصرف الصحي التي تعرضت للكسر والانسدادات بفعل تراكم التعزيل بداخلها على مدار سنوات عديدة.
والمطلوب أيضاً التشديد على الوحدات الإدارية لمنع عمليات الحفر لربط المنازل مع شبكات مياه الشرب والصرف الصحي إلا برخص أصولية، والحرص على اتباع أصحابها للطرق الفنية السليمة في عملية الربط مع تلك الشبكات لضمان عدم الإضرار بها ومنع حدوث أي خلل في أدائها، فيما ينبغي أن تكون هناك اشتراطات خاصة بتنفيذ البنى التحتية تحت الأرض، بشكل لا تكون متلاصقة أو بطرف واحد لمنع إضرار إحداها بالأخرى في حال حدوث أعطال.