سكبة رمضان موروث اجتماعي يحمل الخير والسرور
يمكن أن تجور الأيام، وقد يتعَب الناس في بلادنا وتكثر التحديات المادية والمعيشية أمامهم وتتشابه الأشهر والمناسبات لديهم إذ لا قدرة كبيرة على الاحتفال بكل ما يتمنون الاحتفال به، لكن لرمضان قصة أخرى، وحيّز في الذاكرة والإرث والحياة لا يمكن الاستغناء عنها حتى إن كان حضورها من مبدأ “أضعف الإيمان”.
ربما ليست هذه الأحوال الاقتصادية الأفضل لتمتدّ موائد غير محدودة الأصناف والأذواق وليس هو المطلوب أصلاً في #رمضان الكريم، لكنها الفرصة الأنسب ليكون الجار إلى جانب جاره والأسرة بأقوى صورها وأمتنها، والصحن السوري المملوء خيراً وحبّاً ينتقل من بيت لآخر يزين الموائد على بساطته وتواضعها؛ فالـ “السكبة” عادة وموروث منذ أقدم رمضان عاشه السوريون حتى اليوم، لا يحدّها واقع اقتصادي، وجودها دلالة على الرغبة في بقاء الخير حاضراً بين الناس وعلى عتبات المنازل وداخلها، لعلّ ذاك الصحن يدخل بيتاً محتاجاً، ولعله يجبر خاطراً بأكلة مشتهاة.. الأكيد في عرف “سكبة رمضان” أن الصحن لن يعود لأصحابه فارغاً، سيرجع وفيه سكبة أخرى من طعام أو شراب أو بأبسط الأحوال وأضيقها دعاء صادق.
وإن كانت هذه العادة العابرة لسورية بمدنها وأريافها تصح في كل المناسبات والفصول والأشهر إلا أنها لا تغيب في رمضان مؤكدة التكافل والرحمة والمساعدة على تجاوز تحديات الحياة ضمن نسيج المجتمع السوري.. هي من الموروث الذي يحتاجه المجتمع في وقت الشدّة أكثر من وقت الثراء، الأجر فيها على الله والسرور في القلوب.