” النقل ” تطبخ قراراتها البحرية على نار هادئة وتفسح المجال لإنشاء هيئة تصنيف بحرية وطنية
تتعامل وزارة النقل مع تعاظم وتزايد عدد السفن والبواخر العائدة بملكيتها الكاملة أو الجزئية لمالكين سوريين، بكثير من المرونة، والسعي إلى كسب التعامل مع مالكي هذه السفن من خلال تقديم بعض التسهيلات المحفزة، كما أن الوزارة تعمل على دراسة وتعديل بعض التشريعات البحرية التي من شأنها إعادة وتسجيل هذه السفن تحت راية العلم السوري، ولاسيما أن الإحصاء الشبه رسمي يؤكد وجود أكثر من 1200 سفينة وباخرة لمالكين سوريين يجيبون بحار العالم، وبالتأكيد سواء كانت هذه السفن تحمل العلم السوري أو غيره ، فإن ذلك يشكل حافزاً كبيراً لسورية لفرض نفسها كدولة بحرية لا يمكن تجاهلها، ولهذا نجد أن جميع القرارات المتعلقة بالشأن البحري التي تصدرها الوزارة تطبخ على نار هادئة من قبل فريق متخصص يعي أهمية هذه القرارات وضرورة تطابقها مع نظم وقوانين الهيئات الدولية البحرية، ولعلّ آخر القرارات هو الترخيص لمهنة هيئات التصنيف البحرية ضمن أسس وقواعد عالمية وضعها الاتحاد الدولي لهيئات التصنيف البحري.
الخبير البحري والمدرّس في أكاديمية بطرسبورغ في روسيا الدكتور محمد سليمان سعيد أشار إلى أن إنشاء هيئة تصنيف بحرية وطنية سيسهم في رفع اسم الجمهورية العربية السورية بحرياً، وسيسهم أيضاً في تنمية الخبرات الفنية والقانونية في مجال بناء وتصنيف السفن للمهندسين والبحارة السوريين، لكن هذا المشروع يجب أن يرتبط بمشاريع أخرى أهمها إنشاء مجموعة من أحواض بناء وإصلاح السفن، ولاسيما أن هذا العدد الكبير من السفن يحتاج مجموعات كثيرة من الأحواض الجافة والعائمة لتأمين أعمال الصيانة والتحويض .
وأوضح سعيد لـ« تشرين» أن مسؤوليات هيئات التصنيف تنحصر في وضع القوانين والقواعد الفنية الخاصة ببناء السفن، واعتماد أو رفض التصميمات والحسابات حسب تطابقها مع تلك القواعد، حيث تقوم هيئة التصنيف بدراسة مخططات السفينة وتصاميمها قبل المباشرة بعمليات البناء، إضافة إلى تحديد مواصفات المواد التي ستُستَخدم في بناء السفينة، ومتابعة مراحل البناء وإجراء التصحيحات اللازمة أو إجراء أي تغيير طارئ خلال مرحلة البناء، وإجراء كل الفحوصات اللازمة للسفينة في الحوض الجاف.
منوهاً بأن الاكتشافات الأخيرة للغاز والنفط في المياه الإقليمية السورية سيحتم إنشاء مجموعة من منصات الغاز والنفط البحرية، وتالياً ستنشط بشكل كبير حركة السفن القادمة إلى شرق المتوسط والتي تحتاج بدورها أحواضاً كثيرة لبناء وصيانة السفن والمنشآت الخاصة في مجال استخراج ونقل النفط والغاز، وهذا بحاجة إلى وجود هيئة تصنيف نشطة وفاعلة وذات شروط وقواعد صارمة فيما يخص نوعية السفن ووثوقية التجهيزات ومجال السلامة والبيئة، مشيراً إلى أن مثل هذه المشاريع ستسهم في الحدِّ من استنزاف القطع الأجنبي وتوفير مئات الملايين منه، وفسح المجال لاستحداث فرص عمل جديدة بمختلف الاختصاصات الهندسية، والملاحية، والقانونية الدولية، والإدارية، وتنمية خبرات اليد العاملة السورية، لافتاً إلى ضرورة أن تقوم الجهات المعنية بصياغة واعتماد استراتيجية بحرية سورية تتضمن خططاً ومخططاً زمنياً لتطوير قطاع صناعة بناء وصيانة السفن على الساحل السوري.