“برعاية” الحلقات الوسيطة

غريب أمر الحلقات الوسيطة في هذا البلد. هم عملياً عبارة عن اختصاص “متطفل” يعتاش على أتعاب غيره، ولكن المفارقة أنهم المتحكم وصاحب الحظ والدخل الأوفر من أصحاب العلاقة أنفسهم.
فهم كذلك بين المنتجين والمستهلكين يأكلون جهد المنتجين ويرهقون المستهلكين.
من أكثر المجالات التي يظهر فيها توحش الوسطاء هو العقارات والعاملون في مجال الحلقات الوسيطة من أصحاب المكاتب العقارية.
يتأهب أصحاب هذه المكاتب أمام كل زبون بائع أو شاري، ينقضون عليهم، بطريقة عمل أتقنوها قوامها الكذب والنفاق والتذاكي.
مكاتب يوحي كل ما فيها بحجم البحبوحة التي يعيشها أصحابها، عاملون يتقاضون أجوراً أفضل من أجور موظفي الفئة الأولى خلال عام في هذا البلد.
كل هذه البحبوحة لمجرد قيامهم بدور يقتصر على الوصل بين بائع وشارٍ، لم يوظفوا أموالاً، ولم يبنوا، ولم يقوموا بأي مخاطرة أو جهد، وكل ما يفعلونه هو استقبال كلا الطرفين والإخبار والإعلام.
مع ارتفاع أسعار العقارات الجنوني، أصبح الطلب كبيراً على منازل في مناطق المخالفات، وزاد في الأمر الهجرة التي رافقت الحرب، فانتشرت المكاتب العقارية كالفطر، ففي منطقة مخالفات كالمزة مثلاً يعمل أصحاب المكاتب العقارية كحلقات متصلة تنسق مع بعضها، ولكل منهم حصته التي لا تقل عن الملايين.
يطرحون أرقاماً خيالية، بغية ترك حصة مستورة لهم عن كل عملية بيع أو شراء.
والقصة أنها منازل لا تستحق هذا الوصف، ويغيب عن أغلبها شروط السكن، ومع ذلك تفاجئك أرقام “طعشات” الملايين المطلوبة، وسرعان ما يكتشف أي باحث عن منزل حجم الفوضى والاستغلال من الفارق الكبير بين تسعيرة ذات البيت بين مكتب وآخر.
الآن أصبح الحصول على منزل ضرباً من الخيال حتى في مناطق المخالفات الأسوأ، لا خيارات فالمواطن بين أيدي النصابين سواء توجه إلى الجمعيات السكنية كما المكاتب العقارية، والغريب في الأمر أن يظل موضوع الحصول على سقف تقدمه الدول للمواطنين المهاجرين إليها من دون منة، عقدة العقد، والغريب أيضاً أن كل تفصيل في يوميات الحياة هو عقبة تشتد كما يحصل في هذه المرحلة أو تتراجع حدتها قليلاً ولكنها معاناة مستمرة على مرّ العقود.

قد يعجبك ايضا
آخر الأخبار