الهند تتجاهل ضغوط الغرب لمقاطعة النفط الروسي
على خلفية الحرب في أوكرانيا يحاول الغرب بقيادة الولايات المتحدة، الضغط على موسكو، عبر التشويش على مبيعات النفط التي تشكل نصف الميزانية الاتحادية الروسية ، وتحاول واشنطن ممارسة ضغط أكبر على روسيا، حيث طلب الرئيس الأميركي جو بايدن من رئيس الوزراء الهندي ناريندرا مودي عدم تسريع وتيرة شراء النفط الروسي، وفي المقابل لم يقدم رئيس الوزراء الهندي أي التزام علني بالامتناع عن شراء النفط الروسي، الأمر الذي أثار توتراً في العلاقات مع الولايات المتحدة.
وتحث الولايات المتحدة وبريطانيا ودول غربية أخرى الهند على تجنب شراء النفط والغاز الروسيين، بينما ذكرت تقارير إعلامية هندية أن روسيا تقدم حسماً على مشتريات النفط بنسبة 20 بالمئة أقل من الأسعار القياسية العالمية.
ويبدو أن نيودلهي ستبقى رغم الضغوط الأميركية محافظة على حيادها في هذه الأزمة وعلى مصالحها الحيوية ولاسيما ضمان مصادرها من الطاقة بما فيها الروسية منها، منوهة إلى أن المقاربة الهندية الحالية للأزمة الأوكرانية وما خلفته من توترات حادة بين موسكو وعواصم الغرب، هي امتداد لنهجها الوسطي التقليدي المعروف عنها ولاسيما منذ دورها المحوري في تأسيس حركة عدم الانحياز.
ويرى مراقبون أنه من المستغرب أن تعترض الولايات المتحدة على مبيعات الطاقة الروسية للهند، حيث لا توجد أي عقوبات شاملة ولا كاملة على صادرات الطاقة الروسية كالنفط والغاز، لا من الأمم المتحدة ولا حتى من جانب الاتحاد الأوروبي.
لهذا لا يبدو مفهوماً مغزى هذه الدعوات الأميركية للهند، خاصة أن الأخيرة تدرك أن لا عقوبات دولية على شراء واردات الطاقة من روسيا، وهي نظراً لارتفاع وازدياد احتياجاتها من الطاقة وبفعل نموها الاقتصادي الكبير بحاجة ماسة لتأمين أمنها الطاقي وتوفير إمدادات مضمونة لمصادر الطاقة، حيث سيرتفع استهلاكها اليومي من النفط مثلاً من 7 ملايين ونصف المليون برميل من النفط في الوقت الحالي إلى أكثر من 10 ملايين برميل يومياً بحلول عام 2030، ما يظهر مدى نمو الطلب فيها على الطاقة ومشتقاتها.
وإذا تعمقنا في شرح واقع العلاقات الهندية مع روسيا، نرى أنها علاقات إستراتيجية وتقليدية في شتى المجالات، فاقتصادياً مثلاً يبلغ حجم التبادل التجاري بين الطرفين أكثر من 8 مليارات دولار سنوياً، إذ تصدر الهند تقريبا 2.6 مليار وتستورد من روسيا نحو 5.5 مليارات، وهذا يظهر أن حجم التجارة بين البلدين معقول وواعد.
ولو كانت العقوبات على روسيا دولية ومفروضة عبر الأمم المتحدة لكانت نيودلهي لبت رغبة واشنطن والتزمت بها، لكن في الوقت الحالي فإنها تحاول ضمان أمن إمداداتها من الطاقة وتأمين مخزونها واحتياطياتها منها في ظل الأوضاع الدولية المضطربة مع اندلاع الحرب الروسية- الأوكرانية، وعدم الاستقرار في أسواق الطاقة على وقعها، ولهذا هي تعمل على التزود بموارد الطاقة الروسية.
يبدو أن مطلب الولايات المتحدة وبريطانيا ودول غربية أخرى من الهند بتجنب شراء النفط والغاز الروسيين لم يلق ترحيباً لدى الهند، بينما ذكرت تقارير إعلامية هندية أن روسيا قدمت حسماً على مشتريات النفط بنسبة 20 بالمئة أقل من الأسعار القياسية العالمية، إضافة إلى ذلك لم يتمكن قادة تحالف “كواد” الذي يضم الولايات المتحدة واليابان وأستراليا، إلى جانب الهند، في مطلع آذار الماضي، من إقناع شريكهم الرابع رئيس الوزراء الهندي بدعم موقفهم من الأزمة الأوكرانية وفرضهم العقوبات على روسيا.