السيناريست خلدون قتلان: كل الشخصيات من الخيال في “جوقة عزيزة”

كانت غايته البحث عن الدهشة والفرجة البصرية عبر ما يقدمه، لذا استعاد بعضاً من فنون دمشق القديمة فصاغ مسلسله “جوقة عزيزة” الذي يحاكي مرحلة حساسة من تاريخ دمشق، ليخرج عن السائد ويخلع الملاءة الشامية مثيراً الأسئلة حول طبيعة ما سيقدم فيه.. الكاتب خلدون قتلان يقدم حكاية شعبية مشبعة بجرعة إنسانية لحكايات زمن معين.. تحدث لـ”تشرين” عن عمله الجديد “جوقة عزيزة” في هذا الحوار:
* تعثر العمل قليلاً حتى تم تصويره.. هل بسبب مضمون ما يحمله؟
سبب التأجيل هو اقتراح من المخرج سيف سبيعي الذي كان مرشحاً لإخراجه، وكانت لديه أسباب تتعلق بحدث تاريخي موّثق يقدمه النص، لذا كان يفضّل أن يصور العمل في فصل الصيف.
* لمسات مختلفة وخطوط درامية جديدة تم التطرق إليها عبر “جوقة عزيزة”، هل هناك خلفية توثيقية لما تقدم؟
في سنوات الحرب بدأت مشروعي الخاص في عرض تاريخ دمشق درامياً، فقدمت نص “أبواب الريح” ثم “قناديل العشاق” اللذين تحدثا عن حقبة تاريخية محددة من تاريخ دمشق، أما في “جوقة عزيزة” فأقدم قراءة تاريخية مختلفة لحقبة العشرينيات، وأعني بالقراءة هو عرض التاريخ كما نفهم اليوم، مع تقديم ما حدث تاريخياً أي إننا أمام قراءتين مختلفتين، فالواقع كما حدث والرواية التي وصلتنا، والاستنتاج المنطقي القائم على قراءة المرحلة كاملة؛ فنحن بحاجة ماسة لإعادة قراءة تاريخنا المعاصر لفهم حجم الأذى الذي خلّفته الدول الاستعمارية في بلادنا، ذلك الضرر الذي نحصده حتى هذا اليوم..
* قدمت محاكاة للفن في زمن رفض الفنون وإقصاء المرأة عنه، كيف بررت ذلك درامياً.. وخاصة نظرة المجتمع لهذا الفن؟
لا أستطيع أن أجزم أن المجتمع بأسره كان يرفض الفنون في تلك الفترة، فنحن نتحدث عن عام 1929 وهو زمن عاصرت دمشق فيه الفنون، فأوبرا العباسية في دمشق كانت موجودة (صالة 8 آذار حالياً) وقد غنّى على مسرحها كبار فناني ذلك العصر، منهم السلطانة منيرة المهدية ومحمد عبد الوهاب.. كما أن دُور السينما كانت موجودة، وقد قدم أول فيلم سوري في ذلك الوقت في سينما “الكوزموغراف” في ساحة المرجة، فدمشق عرفت السينما منذ عام “1916” “سينما جناق قلعة” التي احترقت بعد شهر واحد من افتتاحها نتيجة انفجار بَكَرة الفيلم، حيث يشغل مكانها الآن بناء البرلمان السوري “مجلس الشعب” حالياً، كما أن اتحاد فن التشخيص وفن المغنى كانا موجودين، وعليه كان من السهل تاريخياً تبرير ذلك درامياً.
* سأتحدث عن الموسيقا والألحان، احتاجت أن تكون موّثقة ومرتبطة بذلك الزمن بمن استعنت في هذا المجال؟
في الأعمال التي تتحدث عن التاريخ وترصد مكاناً وزمناً محددين، لا يمكن الاعتماد إلا على المراجع التاريخية المكتوبة فتقود تلك الأبحاث إلى الأشكال الفنية السائدة في الزمن المطلوب وتعبّر عن لغة المجتمع وفهمه لما يجري حوله من أحداث تاريخية وهذا ما يشكل عند المؤلف تصوراً يبني على أساسه شخوصه وحكايته، وبما أن المرحلة موثقة بأدق تفاصيلها، فموسيقا المرحلة موجودة وفنان الشعب في مصر تلك الفترة “سيد درويش”، وفي سورية “فيروز الحلبية” كانا على عرش الأغنية، وهناك الكثير من الأغنيات تُغنى حتى هذا اليوم بعد أن تم تجديدها.
* وبخصوص الأغاني هل حاكت روح ذلك الزمن؟
يعرض العمل العديد من الأغنيات منها من كتابتي ومنها ما هو تراثي، الأمر الذي شجع بطلة العمل نسرين طافش أن تشارك في كتابة أغنياتها، كما يطلّ علينا بطل العمل الرئيسي سلوم حداد بعدة أغنيات وجميعها تحاكي لغة المرحلة..
* هل شخصية “عزيزة” ومن معها حقيقية؟
لا يوجد شخصية حقيقية في “جوقة عزيزة “، والقصة كاملة وكل ما يجري من الخيال، التاريخ فقط هو بطل الحقيقة والمكان أيضاً، فنحن نتحدث عن قصة محتملة جرت أحداثها في “شارع البدوي” الذي كان يسمى في تلك الفترة “شارع المرقص” لوجود المدرسة الوحيدة في دمشق لتعليم الرقص الشرقي، وقد ساهم ذلك المكان تاريخياً في إحياء الحركة الفنية في دمشق لوجود المرقص وبعض الحانات، وفي النص نقدم محاكاة لذلك الشارع وتلك المرحلة المهمة من تاريخ دمشق..
* البعض قال إنه يشبه الأعمال المصرية من جهة عرض حياة العوالم والراقصات؟ والآخر قال ويقول ويتحدث، والناس تتحدث دائماً وتضع الاحتمالات إلى أن يأتي وقت العرض؛ فيقدم النص نفسه.. في “جوقة عزيزة” حاولت جاهداً أن أقدم فرجة جديدة، وباختصار هي محاولة لإعادة الدراما الشامية إلى أصولها فنحن في النهاية نصنع فرجة ونصنع شخوصاً قادرة على لفت انتباه المشاهد وأرجو أن نكون وفقنا في ذلك، والشركة المنتجة قدمت الكثير لهذا العمل، فلم يكن من السهل بناء شارع كامل يحاكي شارع المرقص..
* هل كانت هناك تعديلات بصرية على النص عند بدء التصوير؟

يقدم المخرج تامر إسحاق رؤية مختلفة على صعيد الصورة، فكل من عمل في نص جوقة عزيزة “بطل” سواء خلف الكاميرا أو أمامها، والجميع حرص على تقديم المختلف، والنص مرهق جداً بالنسبة لي، فعلى المستوى الشخصي قمت بتعديل النص أكثر من عشر مرات قبل قراءة المخرج، وبعد نقاشات طويلة قدمت للشركة النسخة الأخيرة التي يتم العمل عليها الآن، التعديل وارد دائماً لما فيه مصلحة العمل حتى انتهاء تصوير آخر مشهد..
* توقعاتك لهذا العمل؟
لا أحب الدخول في أبواب التوقعات، نحن كفريق عمل قمنا بما يجب علينا القيام به لنصدّر للجمهور عملاً يحقق له (الفرجة والبهجة والتنوير).. النجاح أو عدم النجاح هو أمر ليس في يدنا، وهذا الأمر بيد المتلقي الذي من الممكن أن يتفاعل إيجاباً بما قدمناه أو العكس.
* تحضيراتك القادمة؟
ما يشغلني الآن هو نص “البومة” وهو عشارية قابلة للتطوير ستكون فرصة لي للعودة إلى الدراما المعاصرة، فأحداث القصة المتخيلة تدور في زمننا الحاضر، وسوف يتم الكشف عن اسم الشركة المنتجة في الوقت المناسب.

قد يعجبك ايضا
آخر الأخبار