منتقداً الواقع الاجتماعي حسام الشاه مُغنياً من “فوق الأساطيح”
لا يكف الفنان حسام الشاه عن النبش في ملكاته الإبداعية، والبحث عبر مساحاته العميقة عن الجديد والمبتكر، وهذه المرة دخل مجال الأغاني الاجتماعية الناقدة التي تحمل ملمحاً بسيطاً عن الواقع الحياتي الذي يعيشه المواطن السوري مغلفاً بالفكاهة وكوميديا الموقف.. الأغنية التي أداها الشاه بجمالية بصرية حملت توقيع المخرج يزن شربتجي بعنوان “فوق الأساطيح- أنا راسي سكر ياخال” لتكون عتبة لمشروعه القادم في هذا المجال..
“تشرين” التقت الفنان حسام الشاه، وكان لها هذا الحوار:
* سبب هذا التوجه الجديد لعالم الغناء؟
استخدامي للغناء في العديد من الأعمال المسرحية والتلفزيونية، وحتى الإذاعية ليس بالجديد أو الطارئ على حياتي المهنية، أما الوصول للشكل المتكامل بتقديم أغنية خاصة وتصويرها كفيديو فربما كان ذلك ينتظر ظرفه المناسب ليُقدم بجودة تحترم عقل المشاهد وذوقه، وتعبّر عني من دون تداخلات يفرضها عنصر ما من عناصر الصناعة الفنية، لذلك دعينا نقول إن الكثير من الأفكار تستغرق زمناً كي تنضج بالشكل الأمثل، وخصوصاً أني لست من هواة (الترندات) أو منطق (ضروب وهروب)، وأؤمن أن المادة الجيدة بحاجة لتأنٍ وصبر قبل تنفيذها وطرحها، فهي ستبقى، وسنتحمل مسؤوليتها لوقت طويل.
* هناك طرح مختلف عبر أغنياتك، وتقدم مُعتدلاً للواقع.. كيف تمّ تطويع القضايا المعيشية ضمن القالب الغنائي؟
لا أتوقع أن للفن قيمة في حال ابتعد عن واقعه، وبيئته المحلية الأقرب، ودعيني أتوقف عند مفردة مختلفة سمعتها من العديد من المتابعين للأغنية، واعتبرتها شهادة أعتزُّ بها، وتزيد من مسؤوليتي تجاه هذا المنجز.. ثم ماذا يريد الفنان في مسيرته؟!.. أليس الاختلاف عن الآخرين، أو حتى مع ما يقدمه، ذلك جزء أساسي من تراكمية عمله، ولا أعتقد أن ذلك بالأمر السهل، لذلك تصبح متعة الالتقاطات الجمعية وتكثيفها لمفردات لفظية وموسيقية وغيرها مسألة بغاية الدقة والحساسية يتم العمل عليها بهدوء ونقاش مطوّل إن كان مع النفس، أو مع الشركاء الفنيين، أو حتى أفراد من ذات المحيط الذي استقينا منه الفكرة.
* لاحظنا إضاءات لمّاحة، وإشارات ذكية للكثير من الأمور التي يعانيها المواطن السوري.. إلى أي حدٍّ مجدٍ الإضاءة على أمور كهذه ؟
الفن من الناس وللناس، ولا أعتقد أن الفن كان في يومٍ من الأيام ذا تأثير مباشر أو لحظي.. إنه حالة تراكمية، وتعبير مستمر عما يعيشه المجتمع، لذلك كنا منذ بداية الفكرة نتناقش مع المؤلف والملحن عيسى النجار -الشريك الحقيقي في العديد من الأغاني- حول كل نوتة وكل مفردة والأجدى في التعبير السلس عن فكرتنا ومقاربتها لواقع الحال.. أما بالنسبة للفائدة لجهة المساهمة في حل مشكلة، فلا أعتقد أن منجزاً فنياً قادراً على فعل ذلك.. أظن أن مهمته تنتهي عند لفت النظر، ووضع اليد على الجرح بأسلوب لا يتعالى على المشكلة، ولا يسفهها كما ساد في هذا الزمن.
* هناك مساحة من الكوميديا.. إلى أي درجة الكوميديا قادرة على عكس الواقع الراهن؟
أعتقد أن النوائب الكبرى لا يمكن طرحها، وهي ما زالت طازجة بشكلٍ جدي أو صدامي، وإلا أوصلتنا إلى انقسامات وتناحرات.. وفي قناعتنا بهذا المشروع الغنائي نرفضها بشكلٍ مطلق، وبذلك تأتي الكوميديا البسيطة التي لا تنجر خلف الإضحاك القسري خير وسيلة تعبيرية لمقاربة هموم وأوجاع الناس بشكلٍ مُبسط وعميق.
وهذا التوجه وجدناه الأجدى والأرقى بعد أن اختبره الكثير من القامات الفنية السورية والعربية في الدراما والموسيقا على مدى عقود ماضية في معالجة الطروحات الأكثر حرارة، فباتوا جزءاً من وجدان الناس.. والفنان هنا أمتع وعبّر من دون خسائر، والأمثلة على ذلك عديدة.
* هناك طريقة جديدة بالتصوير والتقاط ذكي في عملية تصوير الكليب.. نحكي عن الاشتغال على التفاصيل، وكيف تمّ تشكيلها بصيغتها النهائية؟
** الفنان المحظوظ هو الذي يُتم عمله بالشراكة مع فنانين أذكياء يستطيعون فهم تجليات فكرته والغوص فيها كسبّاحين مهرة يشاركونه فرحة الفوز بالسباق أو الحصول على أي مرتبة.. واعتقد أنني في مشروع (فوق الأساطيح) الذي اقترحته المنصة العارضة كنت محظوظاً بالمخرج الشاب يزن هشام شربتجي الذي اختمرت أدواته التقنية كمدير للتصوير والإضاءة، وبدأت براعم إبداعاته الإخراجية تزهر في تصوير الأغاني وغيرها.. فقد كان شريكاً حقيقياً بل صاحب ترجمة بصرية غير تقليدية مع فريقه الفني في محاولة للوصول إلى صورة مختلفة تحمل أبعاداً، ربما لم تقدمها الكلمات واللحن.. لكنها أكملت الفكرة في شموليتها.. فقد تعامل المخرج مع الممثل المغني، وحاول بالشراكة خلق سردية موازية لا تشرح المشروح، بل تقدم قيمة مضافة لصانع الصوت، والاهتمام من بأصغر إكسسوار موجود في الكادر وانتهاءً بخيار اللونية المناسبة لروح الفكرة.
* الفنان ياسر العظمة -ربما- كان من السباقين في طرح الواقع الحياتي عبر الأغنيات الناقدة التي قدمها في (مراياه) في البدايات.. برأيك هل ستأخذ أغانيك الأثر نفسه الذي أحدثته أغاني الفنان العظمة؟
هذا التشبيه؛ وسام أعلقه على صدري، فكما سبق أن تحدثنا عن الأثر التراكمي؛ نلاحظ أن الفنان ياسر العظمة بإبداعاته السبّاقة بات جزءاً من الوجدان الجمعي من خلال ملامسته واقع الناس في حينه، ودليلي على ذلك استنير به من خلال مراجعة المتابعين للعديد من أغانيه بعد مرور عقود على تقديمها لأول مرة.. أما بالنسبة لأثر ما نقدمه؛ فالجواب مختبئ بين ثنايا الأيام والزمن القادم، ولا أستطيع هنا أن أخفي مخاوفي من الأساليب التي باتت تقدم فيه أعمالنا الفنية عن طريق منصات الانترنيت ومواقع السوشيال ميديا.. ففي السابق كانت خيارات المشاهدين محدودة بما تقدمه شاشات التلفزة وكان الفنانون الصانعون يتسابقون على تقديم الأرقى والأذكى والأكمل.. اليوم بتنا أسرى الأجهزة الذكية وعالم يتسم باللامركزية يسمح لكل من هبّ ودبّ أن يدلي بدلوه والمشكلة ليست هنا بالتحديد، اعتقد أن الكارثة الكبرى (وهنا أُجمِلُ العالمَ بأسره) أن المنجز السريع والسخيف والفارغ والذي ينتمي لفئة الفيديوهات القصيرة ينال الحصة الأكبر من المتابعة تحت مظلة (الترند) وتقديم الأكثر تسطيحاً وعبثية وغباء.
* على صعيد الدراما، ما هو جديدك اليوم؟
شاركت مؤخراً في العديد من الأعمال التلفزيونية منها السلسلة الشهيرة بقعة ضوء في نسختها الـ(15) وبمسلسل (إيكو) من تأليف سيف رضا حامد، وإخراج محمد عبد العزيز.. إضافة لحلولي ضيف حلقات في مسلسلي (خوازيق) إخراج رشاد كوكش و(صَدَر الحكم) للمخرج الليبي علي الجالي… إضافة لتحضيري لعدد من المشاريع التي من المبكر التصريح حولها.