(تبخيرة!)
قادتها المصادفة إلى أن تسجل في إحدى الجمعيات السكنية عن طريق إحلال عضوية بدل منتسب دفعت له حينها مبالغ كانت كبيرة, لكون رقمه في الاكتتاب متقدماً.
ومرت الشهور وهي تدفع ما يترتب عليها من التزامات إلى أن أتت ظروف الحرب وتغير مقر الجمعية ومضت سنوات على هذه الحال..
ولكن بالمصادفة أيضاً عرفت المقر الجديد وراجعت المسؤولين عن الجمعية مراراً، وأكدوا لها أنه لم يستجد شيء ولم تشتر الأرض بعد، لتفاجأ بأنهم قد تواصلوا مع بعض من يأتي ترتيبهم بعدها بآلاف الأسماء وخصصوهم, وطبعاً ليس خافياً كيف يتم ذلك, واعترضت ولكن ما من فائدة.
مؤخراً راجعت الجمعية ليقول لها المسؤول الجديد: إن عليها وضع مبلغ كدفعة لقاء ثمن الأرض فقط أو إن بإمكانها التخصص في منطقة أخرى تابعة للجمعية نفسها وبزعمه إنها أفضل لقاء مبلغ يزيد على المبلغ السابق بمليوني ليرة كـ(تبخيرة).
لم تدر ما معنى (التبخيرة) المقصودة، فدفعها الفضول إلى السؤال عن ذلك المصطلح الغريب عليها وعرفت بأنه يعني (الرشوة), وهنا بيت القصيد.
ما يدفعنا إلى التساؤل: كم من المواطنين يتم التفاوض معهم على (تبخيرات) مشابهة لقاء الحصول على حق من حقوقهم أو تسيير معاملة لهم أياً كانت، وذلك تحت مسميات اختلفت فيما بينها, فمن (ثمن فنجان قهوة) إلى (حلوان) لإتمام المعاملة وغيرها الكثير, لكن بالمحصلة الهدف واحد، وهو الرشوة واستغلال حاجة مواطن لقاء الحصول على خدمة هي من حقه أصلاً.
وهنا نقول: للأسف بعد كل ظروف الحرب التي مرت علينا ومنعكساتها وما عاناه المواطن ويعانيه, مازلنا نرى بعض المفسدين الذين يستغلون وجودهم في أماكنهم للإثراء على حساب المواطنين، فمتى سنرى زوال ظاهرة (التبخيرات) بمسمياتها المتعددة.. ونشهد تشديد المحاسبة على مثل هؤلاء؟.