لاشك في أن الأحداث العالمية الكبيرة تنعكس بشكل أو بآخر على حركة الاقتصاد العالمي برمته، وخاصة في الدول التي تعاني اقتصاداً هشاً، وتالياً ستحدث الكثير من المتغيرات والمتحولات… وهذا ما يحدث الآن مع بداية الحرب الروسية الأوكرانية، وخاصة إن هذين البلدين يؤثران بشكل كبير في حركة السلع الغذائية والصناعية في الأسواق العالمية. ومن تداعيات هذه الحرب على السوق السورية الضعيفة بسبب الحرب والحصارات ، التحولات في حركة أسعار العملات وحركة المواد الصناعية وقطع الغيار و المواد الغذائية التي تزعزعت مع بداية الحرب… ويبدو أنها تعود حالياً إلى بعض الاستقرار، هذا النوع من (الزعزعة) يخلقه رأس المال غير الوطني والجبان الذي يحاول الاصطياد في المياه العكرة وفي الأزمات والحروب كما تعودنا عليه من خلال التجربة السورية، لجني المزيد من الأرباح والثروة على حساب أغلبية المواطنين الذين يعانون الأمرّين للحصول على لقمة العيش.
وطبعاً سرعان ما عادت أسعار الصرف إلى الاستقرار حالياً مع فارق طبيعي بسيط بسبب المتحولات العالمية بشكل عام وربما لن تعود أسعار المواد الغذائية إلى ما كانت عليه قبل الحرب الروسية الأوكرانية بسبب ارتفاع أسعار النفط والقرارات الدولية التي تفرضها ظروف الصراعات.
ولكن ما نريد أن نركّز عليه هو أهمية ملاحقة أجهزة الدولة الحيتانَ الكبيرة التي مازالت بشكل أو بآخر تحاول زعزعة أسعار الصرف أو احتكار المواد الغذائية، وعدم الاكتفاء بملاحقة الباعة الصغار وأصحاب البقاليات والمستودعات الصغيرة وضبطها ومخالفتها لرفع سعر عبوة الزيت أو كيلو السكر أو الأرز… فالحيتان الكبيرة معروفة ومستودعاتها معروفة أيضاً ، ومن ملاحقة هذه المستودعات الاحتكارية الكبيرة تبدأ الحلول الحقيقية للمشكلة، وجميل ما فعلته وزارة التجارة بضبط مستودعات ضخمة للزيوت في محافظتي طرطوس واللاذقية، ولا شك في أن جهود مديرية التجارة في ريف دمشق واضحة في هذا المحال، والأكثر جمالاً هو أن تستمر هذه الحملات النوعية على التجار الرئيسيين المحتكرين للمواد الغذائية وملاحقتهم في جميع المحافظات بشكل مستمر ودائم من دون كلل أو ملل، وليس في أوقات الحروب والأزمات.