استمرار ارتفاع أسعار السلع الأساسية مع تراجع أسواق الأسهم باستمرار الأزمة الروسية-الأوكرانية
تشهد الأسواق العالمية حالة اضطراب شديدة منذ بدء الأزمة الأوكرانية الروسية، إذ سبب اندلاع هذه الأزمة على الأراضي الأوروبية ارتفاعاً كبيراً في أسعار السلع من النفط والغاز والقمح يقابله تراجع في سوق الأسهم و البورصات, الأمر الذي نتج عنه ارتفاع في الأسعار عبر مجموعة واسعة من فئات الأصول والاستثمارات.
وبحسب التقارير الاخيرة فقد ارتفعت أسعار النفط بأكثر من 20 دولاراً للبرميل منذ بداية عام 2022 حيث بلغ خام برنت 105 دولارات للبرميل للمرة الأولى منذ آب 2014، بعد ارتفاع بأكثر من 8٪ في أسواق الطاقة العالمية.
وباعتبار أن روسيا هي ثاني أكبر منتج للنفط في العالم وتبيع معظم خامها لمصافي التكرير الأوروبية و لكونها أكبر مورد للغاز الطبيعي إلى أوروبا و توفر حوالي خمسي إمداداتها, فإن محاولة الولايات المتحدة وأوروبا بفرض عقوبات على قطاع الطاقة في روسيا سيؤدي إلى تعطيل الإمدادات عن أوروبا.
و بناء على الارتفاعات الحاصلة في قطاعات الطاقة, فقد قفز سعر الغاز البريطاني للتسليم في اليوم التالي بنسبة 53٪ إلى 326 بنساً لكل وحدة حرارية , كما ارتفعت العقود الآجلة الهولندية بنسبة 57٪ في عقود التسليم في أذار.
ويعتقد بعض المحللين أن الارتفاع المتجدد في أسعار الغاز قد يجبر منظم الطاقة Ofgem”” على زيادة سقف أسعار فواتير المنازل إلى 3000 جنيه استرليني وقد تسببت الزيادة البالغة 54٪ إلى 2000 جنيه استرليني إلى تداعيات سياسية كبيرة وأثارت تحذيرات من اضطرار العائلات للاختيار بين الطعام والتدفئة.
أما بالنسبة للذهب الذي يعد الملاذ الآمن في أوقات الأزمات, فقد وصل إلى مستويات ليست بعيدة عن أعلى مستوى له على الإطلاق في عام 2020 عند 2067 دولار، حيث سجل 1950 دولاراً (1460 جنيهاً استرلينياً) للأونصة عند نقطة واحدة قبل أن يستقر مرة أخرى.
و إضافة إلى النفط, تعدّ روسيا وأوكرانيا من أكبر منتجي المعادن الصناعية المهمة مثل البلاديوم والنيكل والألمنيوم و بالتالي فإن استمرار الأزمة سيؤدي إلى نقص في معروض المعادن خلال الأشهر المقبلة. و لكون روسيا تنتج 6٪ من الألومنيوم في العالم و 7٪ من النيكل المستخرج ما أدى لارتفاع الألمنيوم بأكثر من 5٪ ليسجل مستوى قياسياً بلغ 3466 دولار للطن في لندن. و قد وصل النيكل إلى أعلى مستوى له منذ أيار2011 عند 25.240 دولاراً في مرحلة واحدة وارتفع البلاديوم بنسبة 7٪ في أعلى مستوى له منذ آب.
وبالنسبة للقمح الذي تصدر روسيا و أوكرانيا أكثر من ربع نسبته المئوية للعالم وتعرف أوكرانيا على وجه الخصوص باسم “سلة خبز أوروبا”, فقد اقتربت أسعار القمح الأوروبي قصير الأجل من مستويات قياسية إضافة لكون أوكرانيا أيضاً مُصدِّراً رئيساً للذرة والشعير و زيوت الطهي.
و إضافة لذلك فقد شهد سوق الأسهم عمليات بيع واسعة للأسهم في جميع أنحاء أوروبا وتضررت البنوك التي لديها عمليات كبيرة في روسيا في أعقاب تحركات الحكومات في جميع أنحاء القارة وفي المملكة المتحدة لفرض عقوبات على البنوك الروسية والأثرياء الروس.
حيث انخفض مؤشر “FTSE 100″ في لندن بمقدار 291 نقطة ، أو 3.8٪ ، إلى 7207 ، بينما فقد مؤشر Dax”” في فرانكفورت ما يقرب من 4٪ ، وانخفض مؤشر “Cac” في باريس بنسبة 3.8٪ ، وأغلقت البورصة الإيطالية في ميلانو على انخفاض بنسبة 4.1٪.
و تؤكد كل التقارير الاقتصادية العالمية أن استمرار الأزمة سيؤدي إلى زيادة الضغط على الاقتصادات العالمية مخلفاً أزمة غلاء المعيشة لكون التضخم قد بلغ أعلى مستوى له في 30 عاماً عند 5.5٪ و سيستمر بالارتفاع متزامناً مع ارتفاع أسعار النفط والغاز والمكونات الغذائية.