سلامات لصوت الفرات الدافئ الفنان دياب مشهور

فنان أخلص لبلده بصوته وفنه.. أطل بمظهر كسر كل القواعد فلم يرتدِ البزة الرسمية عبر الشاشة بل آثر ظهوره بلباسه الشعبي وبتسريحته المتواضعة، كان يعلم تماماً أن العبرة بما سيغنيه ليس بالصورة وهذا ما كان.
دياب مشهور الشاب القادم من عروس الفرات بصوته العذب وصفاء حنجرته، شدا من خلف قضبان السجن أجمل أغانيه جعلت المشاهد المتسمّر أمام الشاشة يتراقص طرباً على أغنية “يابوردين يابوردانه” التي قدمها في مسلسل «ملح وسكر» 1973 مع الثنائي الذهبي دريد لحام ونهاد قلعي فحفرت في وجداننا وقلوبنا.. قدمه الفنان الراحل نهاد قلعي صاحب شخصية “حسني البورظان” عبر المسلسل بـ” عندليب القواشيش والسجون” وعزفت ألحانه فرقة السجن الموسيقية برفقة أصوات طرق القباقيب التي اشتهر بها «غوار».. كان يضع «الكلبشة» في يديه في أول ظهور له، وجوده في السجن جعله يبث لواعج الشوق والحب هو ومن معه بأغنية “ميلي عليّ ميلي”، ولم يقف عند هذا الحد بل أتبعها بأغنيته المشهورة “عالمايا” التي أخذنا عبرها إلى جمالية التراث الفراتي ودفئه، ورقص على صوته وأنغام أغنيته شديد البأس «أبو عنتر» الذي لم تفارق نظراته الشرسة والمندهشة جمال المرشدة الاجتماعية خلال وجودها لإصلاح سلوك السجناء.
استعاد عبر صوته قصيدة أبي فراس الحمداني “أقول وقد ناحت بقربي حمامة” وغنّاها بإحساس العاشق الولهان، لامس شغاف القلب، ما جعل حراس السجن يذعنون ويطربون لسماعها فهل شعرت الجارة بحاله؟
واليوم وبعد سنوات خلت، يقبع الفنان دياب مشهور في المشفى إثر تعرضه لجلطة دماغية مفاجئة، وكانت نقابة الفنانين قد أعلنت الخبر، ولكن المثير للغرابة أين دور النقابة صحياً للإشراف على صحة فنانيها وخاصة من المؤسسين الذين شهدوا انطلاقة الدراما السورية وكانوا شاهدين على نجاحاتها، ولهم بصمتهم الخالدة فيها، فهو موجود برعاية خاصة من عائلته وفي أحد مشافي دمشق الخاصة، زارته «تشرين» للاطمئنان على صحته ومعرفة تفاصيل حالته التي بدت مستقرة نوعاً ما حيث ترافقه عائلته للعناية به.
خنقته العبرات وغالبته الدموع، فصاحب التاريخ الفني ذخيرته صوته الذي خانه لم يستطع أن يعبر به عما يجول في داخله، ولكن نقول لصاحب الصوت الشجي والعذب: قم ، نحن بانتظارك فلهجتك التي لم تغيرها طارت عربياً ومحلياً وكانت شاهداً على أصالة التراث الذي قدمته واستقر صوتك في قلوب محبيك وجمهورك، ومن يعلم ربما مازال في جعبتك الكثير لتقوله وتغنيه.
الجدير بالذكر أن الفنان دياب مشهور كرّمته وزارة الثقافة عام 2019 ضمن يوم الثقافة في دمشق، وكانت دموعه هي الحدث الأبرز في المناسبة التي وإن أتت متأخرة إلا أنها أكدت أن سورية لا تنسى مبدعيها وروادها، فكل الأمنيات للفنان دياب مشهور بتمام الصحة والعافية.

تصوير: طارق الحسنية

قد يعجبك ايضا
آخر الأخبار