ميثاق الأمم المتحدة والاستهتار الأمريكي!
فجأة ومن دون سابق إنذار، سارع الأمريكيون للتذكير بميثاق الأمم المتحدة ومجلس الأمن لتبرير هيجانهم بعد فشلهم في استباحة أوكرانيا وتحويلها إلى منصة متقدمة لتقويض الأمن القومي الروسي.
لقد دأبت الإدارات الأمريكية المتعاقبة على عدم احترام ميثاق الأمم المتحدة ومخالفة قرارات مجلس الأمن التي تتعارض مع مصالحها المستجدة أو مع مصالح المحتل الإسرائيلي، بما في ذلك القرارات التي صدرت من مجلس الأمن بموافقة أمريكا ذاتها، وفي هذا السياق أتى انسحاب إدارة ترامب من الاتفاق النووي الإيراني الذي وافقت عليه إدارة أوباما والدول العظمى، وتم توثيقه بقرار من مجلس الأمن، وكذلك نقل السفارة الأمريكية إلى القدس المحتلة وفي غزوها للعراق وأفغانستان وفي احتلالها للأرض السورية ونهبها للنفط والموارد الطبيعية التي يحتاجها الشعب السوري وإصدارها القرارات الأحادية للعقوبات على دول وشعوب العالم، مع أن ميثاق الأمم المتحدة يعتبر جميع الدول متساوية في الحقوق والواجبات والسيادة، ويحرم التدخل في الشؤون الداخلية للدول أو التدخل العسكري إلا بقرار من مجلس الأمن.. وهذا غيض من فيض الاستهتار الأمريكي بكل المنظمات الدولية والاتفاقات والمعاهدات وحتى بتصريحات مسؤوليها ووعودهم واتهاماتهم الكاذبة التي ينكشف بطلانها «بعد خراب البصرة»، واعتراف كولن باول بأنه كان يعلم أنه سوَّق كذبة امتلاك العراق لأسلحة الدمار الشامل وأمام مجلس الأمن عام 2003 الذي تحاول أمريكا الآن التلطي في أروقته لمنع روسيا من اتخاذ أي إجراء يحصن أمنها القومي.
أمريكا تحاول من جديد النفخ بالرماد لدعم الحكومة الأوكرانية بالمزيد من السلاح ليس لحمايتها وإنما لإشعال نار يكون الشعب الأوكراني المتضرر الأكبر منها.
إن مشكلات العالم تفاقمت وتتفاقم بسبب الاستهتار الأمريكي المزمن بميثاق الأمم المتحدة وقرارات الشرعية الدولية ومحاولتها التفرد في السيطرة على مصائر الدول والشعوب والتحكم بالاقتصاد والسياسية والعسكرة، رغم أن فرصها في تحقيق ذلك باتت صعبة بل مستحيلة بعد صعود الصين اقتصادياً وروسيا عسكرياً، وبعد أن ملت دول العالم من الاستباحة السياسية والعسكرية الأمريكية المغلفة بالأكاذيب والتباكي على ميثاق الأمم المتحدة.