سورية وروسيا.. علاقات متجذّرة وراسخة
ليست العلاقات الروسية- السورية بالجديدة أو الحدث الطارئ، بل هي علاقات تاريخية متجذّرة منذ أيام الاتحاد السوفييتي، الذي كان أول الدول التي اعترفت باستقلال سورية، وأقام علاقات دبلوماسية معها في أربعينيات القرن الماضي، وعليه فهي ارتقت منذ زمن إلى مستوى التحالف الإستراتيجي الممتد لليوم، وهو واضح في المواقف والرؤى والمصالح المشتركة جيو- سياسياً وجيو- اقتصادياً.
يمكن القول إن الوقوف الروسي إلى جانب سورية خلال حربها على الإرهاب ميدانياً وسياسياً ودبلوماسياً شكل انعطافة لافتة ومهمة جداً في الحرب خصوصاً، وعلى مستوى الصراع العالمي عموماً، كون ساحة الحرب على سورية كانت عالمية، أكثر منها في إطار جغرافي مُحدد، أي ساحة كباش سياسي عالمي.
علاقات تكاملية وتشاركية تجمع كلاً من موسكو ودمشق، فكما تؤكد الأولى دائماً أهمية الحوار السياسي للخروج من الأزمة في سورية مع الحرص على تعزيز الاستقرار في سورية والحفاظ على سيادة ووحدة أراضيها، تحرص سورية انطلاقاً من مبادئها الثابتة على الوقوف إلى جانب روسيا في ما تتعرض له من هجمة أطلسية شرسة.
اليوم يقرع الغرب الأطلسي طبول الحرب من أوكرانيا، في محاولات مستميتة لإضعاف الدور الروسي العالمي سياسياً واقتصادياً والذي أثر على الدور الأمريكي ومكانته، وأضعف إلى جانب قوى أخرى كالصين والتحالفات الاقتصادية كدول “بريكس” وغيرها الهيمنة الأمريكية وتفرّدها.
يمكن القول إن روسيا كسبت الجولة لحد الآن، إذ كانت نقطتها الفاصلة في الرد على السُّعار الأمريكي- الغربي، باعترافها باستقلال جمهوريتي دونيتسك ولوغانسك، وهو ما ترى فيه سورية خطوة نحو الدفاع عن السلم العالمي والقانون الدولي وميثاق الأمم المتحدة والعلاقات الدولية السليمة، كما أكد وزير الخارجية والمغتربين الدكتور فيصل المقداد.
ويمكن القول أيضاً إن أمريكا المحرض الأساس في الأزمة المشتعلة حول روسيا وعلى حدودها وما يتصل بها في جبهات عدة، أنها –أي واشنطن- أسقطت في يدها، إذ سيّرت موسكو الأمور كما تريد هي، ليس ذلك فحسب بل تلك الأزمة عمّقت ورسخت التعاون بين الدول المناهضة للمحور الأمريكي، إذ أوضح المقداد أن سورية تتعاون منذ فترة طويلة مع جمهوريتي دونيتسك ولوغانسك والظروف الحالية ستساعد على زيادة هذا التعاون.
أياً ما كانت تتجه إليه الأمور في المحيط الروسي، فلن يكون النجاح في الصالح الأمريكي، وإذا كانت الخسارة ستطول الجميع بدرجات متفاوتة، لكن أوكرانيا ستكون الخاسر الأكبر لسبب بسيط، وهو أن واشنطن ستتخلّى عنها في النهاية كما تخلّت سابقاً عن جميع أدواتها التي استخدمتها كأوراق احترقت بعد انتهاء مهمتها.